شعار قسم مدونات

علّقتم قلوبنا بالأقصى.. فمتى؟

(FILE) The file picture dated 13 November 2014 shows the Dome of the Rock behind a Palestinian reading the Koran on a plaza in the al-Aqsa Mosque compound, or Temple Mount in Jerusalem, Israel. Following a Palestinian initiative, an UNESCO formal decision on 13 October 2016 denies a Jewish link to the Temple Mount and the Western Wall. Twenty-four countries supported the resolution, six voted against it and 26 members abstained.
في غزة وبلاطة والقدس ورام الله
قمنا بانتفاضة وكبرنا باسم الله
نتحدى بأحرارنا ثايرين صغارنا
ما بتعود ديارنا وما بيغسل عارنا
إلا الدم والأحجار.
 

والله لن أنسى مسجدنا الأقصى
وقبة الصخره تبكي من الحسرة
تقول يا رباه يا واهب الحياة
بعونك اللهم اكتب لنا النصر.
 

تربّينا علي هذه الأناشيد، فأصبحنا نسمعها في كل مجلسٍ لنا، أصبحنا نسمعها في حزننا وفي فرحنا، هي أناشيد لم يصبنا الملل من سماعها عشرات المرات، ومن ترديد كلماتها أكثر، حتّى اعتادت أذاننا عليها، وغدت تطلبها كما يطلب الرضيع لبن أمه.

في المسجد القرآن يعلو صوته، وأذان الفجر يرفعه المؤذن، والطير قد خجل من صوت رفرفة أجنحته فهبط إلى أعلى القبة الذهبية فتمكن الناس من سماع الأذان. وأبواب الأقصى كلها مفتوحة، وحائط البراق اسمه ليس حائط المبكى.

كنا صغاراً حينها، كنّا نحب لحن هذه الأناشيد، لكننا لم نكن نفهم معانيها، كنا نصفّق ونرقص حين نسمعها، لكننا لم نستشعر كلماتها إلا في كِبرنا. ظلّ حالنا علي ما هو عليه حتّي نضجنا وأدركنا، فأصبحت الأناشيد تُبكينا بدلاً من أن تُرفّه عنّا، لكننا لم نتخلّ عنها وداومنا في سماعها؛ لأن آباءنا وأمهاتنا علّقوا قلوبنا بها؛ لأننا نشعر بالخجل أن يرى الآخرون الدمع يفيض من أعيننا، أصبحنا نسمعها وحدنا، وفي ليالي الاعتداءات الصهيونية على المسجد زاد نحيبنا، كلٌ منّا انكمش تحت لحاف دموعه الشفاف، يرى صورة الأقصى من خلاله فيشتاق.
 

طاقة التحمّل تختلف من شخص إلى آخر. فمّنا مَن دموعه تُخيّل له أنه في بحر يغرق، فيستسلم ويغرق في نومه. ومنّا من لا تستطع دموعه إخماد نار شوقه فيضطر إلى أن يذهب إلى الأقصى. لكنه لا يذهب إلى الأقصى الحقيقي، بل يذهب إلى أقصاه هو، أقصاه الذي بناه في مُخيّلته، أقصاه الحر وليس أقصانا المحتل.
 

يبدأ بإغلاق عينيه وهو مستلقٍ على فراش نومه، فيتخيّل الأقصى بتفاصيله الدقيقة، حتّي إنه يراه بصورة فاقت في وضوحها الصورة الحقيقة! يسير في ساحات أقصاه، فيرى أطفالا يركضون ويضحكون بملامح اختفى منها أثر الاحتلال الصهيوني، والكبار أيضا يرى ابتساماتهم بلا هموم، كأنهم للتو طردوا جنود الاحتلال من أرضهم.

وفي المسجد القرآن يعلو صوته، وأذان الفجر يرفعه المؤذن، والطير قد خجل من صوت رفرفة أجنحته فهبط إلى أعلى القبة الذهبية فتمكن الناس من سماع الأذان. وأبواب الأقصى كلها مفتوحة، وحائط البراق اسمه ليس حائط المبكى، والمصلون قد جعلوا المسجد بلا موضع للقدم، ولِمطلع الشمس جلسوا لحجٍ وعمرة.

والشمس أشرقت في عجلةٍ لتسقط شعاعاً على القبةِ الذهبيةِ، فتعكس القبةُ أشعتها على الأقصى بأكمله، كأنها أحاطت بالمسجد من كل ناحيةٍ -كغلاف حماية- تأخذ نوبتها في الحراسة. لذةٌ مؤقتة، ثوانٍ ويعود إلى وعيه، فيجد نفسه على فراشه، فيكمل نحيباً بدأه منذ زُرِع حب الأقصى فيه، حتّى يغرق في نومه، فيري كابوساً من الشوق يقلق نومه. فيدعوا ربه أن يصلي في الأقصى قبل أن يأخذ روحه، ويُعاود نومه.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.