شعار قسم مدونات

صناعة الكراهية

blogs - إسلاموفوبيا

ضخ الغرب أكثر من 42 مليون دولار في جيوب خمسة أشخاص خلال السنوات الماضية: ستيفن أميرسون (Steven Emerson) وباميلا غيلر (Pamela Geller)، وروبرت سبنسر (Robert Spencer)، وديفد يوروشالمي (David Yerushalmi)، ودانييل بايبز (Daniel Pipes)، ليشتغلوا بشكل يومي على بث خطاب الكراهية تجاه المسلمين، مدعومين بكثير من وسائل التأثير من قنوات فضائية وصحف يومية وندوات دولية وبتمويل ضخم، فعلى سبيل المثال تدير باميلا غيلر من مؤسسة "أوقفوا أسلمة أميركا" في عام 2015 حملة دعائية ضد المسلمين بكلفة مائة ألف دولار، وتقول إن التمويل يأتي من الناس العاديين.
 
انطلقت حملتهم بالتزامن مع الهمجية التي سلكتها داعش مع الإخراج الإعلامي القوي لمجازرهم ومذابحهم والتي كان القصد منها ضرب المعارضة السورية وتشويه صورة الإسلام وشيطنة الجهاد وتبرير خطاب الكراهية تجاه المسلمين، ورسم خارطة جديدة في المنطقة، يُرَحل فيها السني ويُوطن الشيعي، وهذا موضوع آخر يحتاج إلى تفكيك وتحليل وحزمة مقالات ..

موضوعنا هو صناعة الإسلاموفوبيا وكيف تمكن الغرب فعلاً من شيطنتنا وشيطنة شريعتنا وقيمنا؟ يقول سام كين: "في البداية نصنع العدوّ. تأتي الصورة قبل السلاح.. نقتل الآخر بفكرنا قبل أن نتّخذ الساطور أو الصاروخ لإتمام القتل. تسبق الحرب الدعائية، التقنية العسكرية".

إحدى المنظرات للإسلاموفوبيا تقول: أقوم بهذا الأمر منذ الحادي عشر من سبتمبر، وأؤمن بأن عملي وعمل زملائي ساهم في نشر الوعي لدرجة جعلت أميركا مستعدة لاستقبال رسالة الرئيس دونالد ترمب.

قبل انطلاق الطائرات الحربية من القواعد العسكرية لتدمير المدن وقتل الأبرياء وإعادة تشكيل التجمعات الإنسانية، انطلقت قبلها بسنوات حرب من نوع آخر مُهيِّئة للحرب العسكرية اتخذت التضليل والتدليس منهجا لها، ونجحت هذه الحرب بشكل كبير خصوصا وأننا في عالم يعتمد معظم سكانه في تشكيل فهمهم على المحتوى الإعلامي الذي يصلهم.. فكانت الأفكار والمعارف التي يبثها الإعلام هي التي تترسخ في نفوس المتلقين. نشرة أخبار الثامنة وصفحات الجرائد الورقية وحوارات الراديو هي المتحكمة في بناء الوعي ..

كان هتلر يقول "إنّ أفضل تقنيات حرب الدعاية هو الاقتصار على نقاطٍ محددةٍ بعينها وتكريرها مراراً وتكراراً على مسامع الناس".. فالإعلام العالمي الذي كان يربط بشكل يومي بين الإرهاب والإسلام وبين العنف والسيرة النبوية العطرة وبين العرب والهمجية، كان دعاية قوية لترسيخ هذا الربط في نفوس معظم سكان كوكب الأرض بنخبه السياسية والاقتصادية والعسكرية والفنية، وهي التي ترسم السياسات وتضع الاستراتيجيّات، وغالبا ما تكون كل مواقفها معادية للإسلام.

يجب أن ندرك أن كراهية الإسلام في ازدياد، وأن معركتنا الحقيقية هي مع الآلة الإعلامية التي ترسم عنا صورة مظلمة مشوهة.. ثمة ستة كيانات كبيرة تمتلك 90 بالمائة من وسائل الإعلام الأميركي وهي: جنرال إلكتريك، وديزني، وفياكوم، وتايم وارنر، وسي بي أس، ثم نيوز كورب وقناتها الإخبارية فوكس نيوز. وكل هذه الكيانات تبث الرسائل المناهضة للإسلام بشكل يومي. بل حتى صورة المسلم في ماكينة هوليوود يتم تشويهها بشكل رهيب.

فقبل إصدار القوانين بمنع بعض المسلمين للدخول إلى بعض الدول سبقت هذه القوانين حرب فكرية إعلامية شيطنت صورة ذلك المسلم في العقلية الغربية، والإسلاموفوبيا ظاهرة ليست متعلقة بالغرب فقط، فقد تأثر بها حتى من يقيم في بلدان المسلمين ويحكي لي أحد الشباب أنه عندما وصل حزب العدالة والتنمية للحكومة بالمغرب سنة 2011، جاءت بعض التلميذات المغربيات اللواتي يدرسن بإحدى المدارس الفرنسية، وهن يبكين ويقلن "أووووه وصل الإسلاميون إلى الحكم"، والبكاء والعويل وكأنهم في جنازة.

علينا أن نعترف أنهم نجحوا في شيطنتنا وفِي تشويه صورتنا، حتى إن إحدى المنظرات للإسلاموفوبيا تقول واسمها باميلا كارير: "أقوم بهذا الأمر منذ الحادي عشر من سبتمبر، وأؤمن بأن عملي وعمل زملائي ساهم في نشر الوعي لدرجة جعلت أميركا مستعدة لاستقبال رسالة الرئيس دونالد ترمب".

فالحرب علينا شديدة ومهيكلة ومنظمة ولا بد من وضع استراتيجيات مناهضة لهذا الظُلم الكبير وإلا فإن الأمور ستزداد سواءاً..

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.