الولايات المتحدة التي تتخذ من تمثال الحرية إلـهاً تقدسه بأفكارها هي من انتخبت السيد أوباما، وقتها أيقن العالم أنها طلقت التمييز والعنصرية طلاقاً بائنا لا رجعة فيه، ولكن حين اعتلى السيد دونالد ترمب إدارتها عادت العنصرية بوجهها القبيح تطل من نوافذ قراراته في انتكاسة خطيرة. وبين طلاق العنصرية بإطلالة السيد أوباما والانتكاسة خطوات للخلف، فبعودة السيد دونالد ترمب يتبين لنا أن المجتمع والحضارة الأميركية في خطر.
إن انتهاج سياسة العنصرية المتغطرسة ضد الآخرين التي يؤمن بها السيد ترمب بداعي المحافظة على الأمن القومي، بكل تأكيد لها ضريبتها الداخلية، فقد تؤدي إلى انقسام مجتمعي داخلي. |
السيد ترمب يستحق أوسكار أكثر الرؤساء الولايات المتحدة إثارة للجدل بين مؤيديه قبل معارضيه نتيجة سياستة المشبعة بمنطق الغطرسة والربح دون خسارة، كتاجر سلاح لا يصاحب ولا يصادق، إلا من سيجني من ورائه مزيدا من الدولارات.
إن انتهاج سياسة العنصرية المتغطرسة ضد الآخرين التي يؤمن بها السيد ترمب بداعي المحافظة على الأمن القومي، بكل تأكيد لها ضريبتها الداخلية، فقد تؤدي إلى انقسام مجتمعي داخلي، بين فريق ما زال يؤمن بقيم الحرية والمساواة والانفتاح على الآخرين؛ متخذا من تمثال الحرية رمزا وهوية له، وفريق متلبس بهاجس الخوف من الآخر، وضرورة التمحور حول المصلحة الذاتية وفكرة الأنا أولاً في مخالفة فكرية عميقة تؤسس لهدم القيم التي قامت عليها الإمبراطورية الأميركية.
من المعروف أن التاريخ الإنساني شهد ميلاد مئات الإمبراطوريات العظمى، استطاعت أن تفرض نفوذها وهيمنتها على أجزاء كبيرة من العالم، بما تمتلكه من قوى مادية وناعمة، ناهيك عن وحدة المصير والفكر.
هل يشهد القرن الحالي اندثار إمبرطورية من أعظم الإمبراطوريات التي شهدها تاريخ البشرية بفعل الانزلاق نحو الهاوية نتيجة الانقسام الفكري بين مكوناتها كأحد أخطر عوامل الضعف والتآكل الداخلي مع استمرار السيد ترمب في السلطة؟
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.