شعار قسم مدونات

هل عندك شك؟

مدونات، مرأة

شدني صوت ذلك القيصر منبعثا من المذياع، مخاطبا من سكنت قلبه "هل عندك شك أنك أحلى امرأة في الدنيا؟". وأنا لا شك عندي في أن هذا الساهر جمع كل نساء الكون واختزلهن في حبيبته؛ فبدل أن يخاطب السمراء لوحدها، والبيضاء لوحدها، والطويلة لوحدها، والقمحية لوحدها… فضل أن يخاطب كل النساء في امرأة واحدة ليخبرهن كم هن رائعات برغم اختلاف أشكالهن ودياناتهن.

رائعة أنت يا سيدتي بجمالك، ورائعة بفكرك وأخلاقك ودينك، رائعة بعفويتك وبصخبك وابتسامتك وبقلبك الحنون. رائعة حتى بعيوبك وبسلبياتك وبتلك الهالات السوداء أسفل عينيك؛ لا تخجلي منها ولا تخفيها خلف المساحيق بل دعيها تظهر للجميع وافتخري بها فما هي إلا أثر حلم يستحق التضحية والتحقيق والسهر. جميلة أنت يا سيدتي بكل تفاصيلك وفي كل حالاتك، جميلة حين تضحكين وحين ترقصين وتغنين، جميلة وفاتنة حتى عندما تصرخين. مميزة أنت ومبهرة؛ آنسة كنت أو متزوجة أو حتى مطلقة أو أرملة تظلين متميزة بطموحك وجديتك ونجاحك. فليس وضعك الاجتماعي من يحدد مدى روعتك، لكن روحك وشخصيتك وأنت كما أنت.

وبما أنك رائعة وفاتنة وجميلة ومميزة يا سيدتي فأنت تستحقين الأفضل؛ تستحقين أن تكوني في أعلى المراتب والدرجات وتستحقين الأوسمة والشهادات. فلماذا إذن تبخسين نفسك وتتركين أحلامك مع أول طرق على الباب!! أ لأجل ألا يقال عنك عانس ويقال زوجة فلان!! دعيهم يقولون ما يحلوا لهم قوله، اضربي كلامهم بعرض الحائط واسعي وراء ذاتك؛ لأن الناس ليس لهم هواية غير التحدث في أعراض الناس. لماذا تغتصبين طموحاتك من أجل رجل!! وتقبلين بشبه رجل لترضي مجتمعا لن يرحمك عند أول مشكلة!! مجتمع سيجعلك السبب الرئيسي والوحيد المسؤول عن فشل تلك الزيجة حتى وإن كنت المجني عليها. مجتمع سينسج مختلف الحكايا وسيبتكر أسبابا وأسبابا ليثبت أنك المخطئة وأن الرجل لا يعيبه شيء، وأن عليك أن تصبري على الأقل من أجل أطفالكما فمهما كان الأمر تبقين امرأة وهو رجل.

تذكري يا سيدتي أن مكانك ليس فقط مطبخ وبيت وغرفة وحياتك ليست فقط رجلا ومرآة وصالونات تجميل وموضة، بل مكانك الحقيقي في الصالونات الفكرية والمحاضرات والندوات

أنا لا أقول لكي لا تتزوجي ولا تكوني أسرة؛ على العكس من ذلك تزوجي وكوني أسرة وأنجبي أطفالا وطبقي مبدأ الاستخلاف في الأرض، لكن لا تجعلي ذلك هدفك الوحيد في الحياة. لا تتزوجي فقط من أجل الزواج ومن أجل فستان أبيض وخاتم وحفل زفاف، أو لأنك تجاوزت الثلاثين والناس بدأت تتحدث وتبحث عن عيوبك أو لأن كل صديقاتك وقريباتك الأقل سنا منك تزوجن؛ لكن تزوجي حين تحسين أنك ناضجة بما يكفي لتتحملي مسؤولية عظيمة، وحين تحسين أنك ستكونين الأم المثالية والنموذج لأطفالها. عندها فقط تزوجي، لكن لا تتزوجي أيا كان؛ تزوجي من يتقدم بك سنوات ضوئية نحو أهدافك وتطلعاتك وليس من يعود بك أعواما لعصر أبي جهل ويحصرك في آلة للإنجاب والطبخ وتلبية الرغبات، أو يراك قطعة من قطع الأثاث في بيته. تزوجي ذلك الذي يتقاسم معك كل شيء وليس المصاريف فحسب، ذلك الذي لا يستحي ولا يخجل من مساعدتك في الكنس والطبخ والتنظيف وتغيير حفاظات طفله حتى في حضور أمه وعائلته.

تزوجي من يعرف دينه حق المعرفة ويخاف الله فيك فلا يظلمك وليس من يستغل الدين والإسلام ليجعلك جارية وخادمة، تزوجي ذلك الذي يؤمن بك ويضحي بالغالي والنفيس من أجل أحلامك ويعتبرها أحلامه أيضا وليس من يشكل أحلامك ومستقبلك وفقا لتصوراته ومطالبه في إلغاء تام لميولاتك ورغباتك، تزوجي من يرى فيك إنسانيتك وروحك وفكرك وثقافتك ودينك قبل جمالك وجسدك وشكلك، تزوجي من يرى فيك شعلة من العطاء والإبداع وليس من يراك عورة وجب إخفاءها في البيت وعدم إظهارها.

تذكري يا سيدتي أن مكانك ليس فقط مطبخ وبيت وغرفة وحياتك ليست فقط رجلا ومرآة وصالونات تجميل وموضة، بل مكانك الحقيقي في الصالونات الفكرية والمحاضرات والندوات، مكانك في السفارات والوزارات والقنصليات، مكانك في المنتديات والجامعات والمكتبات، وحياتك دراسة وعمل وثقافة وإبداع. مرة أخرى لا تفهمي كلامي يا صديقة على أنني أحرضك على أن لا تهتمي بجمالك وشكلك، بالعكس دللي نفسك وكوني أنيقة والبسي أجمل الثياب وضعي مساحيق التجميل فتلك فطرة جبلت عليها كل النساء. لكن لا تكثري حد الإفراط وطمس ملامحك الجميلة ولا تبالغي حتى تصبح شغلك الشاغل فتنسين الاعتناء بما هو أهم؛ بفكرك وعقلك وقلبك وروحك.

يا سيدتي أنت استثناء وحياتك ملك لكي وحدك وليس لأحد بأي وجه حق أن يشكلها وفقا لأهوائه ورغباته. كما أنك لست مجبرة على إطفاء الشمعة الموقدة بداخلك لأي سبب من الأسباب، ولست مجبرة على التخلي عن عفويتك وبساطتك واستبدالهما بتصنع بليد. قليل من الأنانية يا سيدتي من أجل أناك أمر ممتع وجميل لن يضر هذا الكون في شيء. فكوني كما أنت لأنك رائعة وتستحقين الأفضل.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.