شعار قسم مدونات

حرّموا عيد الأم إنسانيًّا

blogs - الأم
حين نسترجع ذكريات هذا اليوم لسنين خلت، نذرف الدموع ألمًا وحزنًا، فالأم تلك العظيمة التي لا تكفي حروف لغات العالم لتفيها حقّها بالشكر، نفتقدها اليوم، بحسرة وألم، احتفاليات هذا اليوم باتت موجعة، وتلك الحروف اختلطت فكونت كلمة ألمًا لا يوصف، الكثير من الأسباب دعتني لأكتب نصّي هذا، ولو بدا مرتبكًا نوعًا ما، فلئن بعض الآلام لا يمكن نظمها في سطور ولا حتى في كلمات… ولكن، حين أرى أمًّا تعجز عن احتضان أبناءها في هذا اليوم، مع أنهم على قيد الحياة، أكتب لأسأل: لماذا عيد الأم في بلادنا؟ ليس عيدًا عامًّا يمكن أن نتظاهر فيه بالفرح ونلبس ضحكاتنا مع ملابس العيد؛ بل هو عيد مرتبط بروح تحيا فينا لا يمكن أن نلبسها متى نشاء ونخلعها متى نشاء… هي.. (الأم)

حــرّموه… إنسانيًّأ.. نعم، يجب تحريم هذا العيد إنسانيًّا.. لقد أصبح هذا العيد من أشد الأيام ألمًا لكثيرين؛ بل وللغالبية الكبرى… فالأمهات منتشرات في أصقاع العالم، وأولادهن كذلك.. عدا من ماتت أمّه بين يديه؛ فلا يذكّره هذا العيد إلا بعينيها اللتين أغمضتهما الدماء… أو على العكس؛ فتلك الأم التي فقدت منذ أيام سبعة أطفال في يوم واحد.. كيف سيكون يوم الأم بالنسبة إليها.. وتلك الجدة التي ماتت ابنتها وابنتي ابنتها في ساعة واحدة كيف ستمر عليها ساعات ذلك (العيد)..

لو أنكم تعلمون حجم الألم الذي يحمله هذا العيد، حجم الدموع التي تذرف قهرًا، حجم الآهات التي تصرخ بحرقة، لحرّمتموه إنسانيًّا..

حــرّموه.. إنسانيًّا.. لم يبق من الأخوة إلا القليل وهنالك أخ ينقصهم أو أكثر، كان منذ أعوام، أو ربما منذ عام فقط، يشارك إخزته في احتفال عيد الأم، أما هذا العام فهو (شهيد) غير شاهد.
حــرّموه إنسانيًّا... نعم… فالأمهات قليلات في هذه الأيام؛ أمٌّ تركت أولادها ومضت لتكمل حياة أخرى… كيف سيقضي أبناؤها عيد الأم؟.. بأي أم يحتفلون؟ بالأم التي ماتت وهي على قيد الحياة… مثلًا! والأم التي سافرت فنسيت من أولادها من نسيت، وتذكرت من تذكرت، لاعتبارات لا يغفرها إنسان… بأي أم سيحتفل أولادها (المنسيّون)؟!

حــرّموه.. إنسانيًّأ... ارحموا الدموع التي تفوق الضحكات كثيرًا في (عيدكم) هذا.. ارحموا اليتامى… والثكالى.. ارحموا أمًّا تاقت شوقًا لأطفال أبعدهم القدر فباتت بذلك (أمًّا ميتة على قيد الحياة)، وهي في الآن نفسه ابنة منسيّة… ألا تؤلمكم إنسانيتكم حين تحتفلون بكل ما للاحتفال من مظاهر، وأبناء جلدتكم في غالبيتهم العظمى يعانون الأمرّين. افتحوا أعينكم وضمائركم، لا تقولوا مدافعين لأمهاتنا الحق أن يحتفلن، فلتكن احتفالاتكم حكرًا عليكم.
حــرّموه… إنسانيًّا… فسوريا ثكلى.. واليمن ثكلى.. وليبيا ثكلى.. وما أكثر الثكالى.. ألم نسأم من أنانيتنا الفاضحة، ألم تعلّمنا الآلام التي لم يسلم منها أحد في السنوات الماضية أن نشعر بآلام الغير!

وأخيرًا:
لو أنكم تعلمون حجم الألم الذي يحمله هذا العيد، حجم الدموع التي تذرف قهرًا، حجم الآهات التي تصرخ بحرقة، لحرّمتموه إنسانيًّا..

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.