شعار قسم مدونات

حماس وتحدي الرد على اغتيال فقها

blogs - حماس

تمكن العدو الإسرائيلي من اغتيال واحد من أبرز قيادات المقاومة الذين تم إطلاق سراحهم في إطار صفقة تبادل الأسرى عام 2011 وأبعد على إثرها إلى قطاع غزة، وهو الأسير المحرر مازن فقها. تميزت عملية الاغتيال بحرفية عالية واستخدم فيها مسدسات كاتمة للصوت، ويعتقد أن المهاجمين جاءوا من البحر مع ترجيح أن من نفذ العملية هم الإسرائيليون بنفسهم وليس عبر عملاء محليين بسبب دقة وحساسية الهدف والتخطيط الدقيق للنيل منه دون ترك أي أثر للعملية، وهو ما تم بالفعل.

 

وتعتبر عملية الاغتيال هذه الثانية الناجحة التي ينفذها الاحتلال ضد قيادات المقاومة المتواجدة في غزة أو في الخارج، إذ سبقها اغتيال مهندس طائرات القسام محمد الزواري في تونس، وذلك في إطار التغطية على الهزيمة التي تلقاها العدو في حرب العصف المأكول عام 2014 والتي لا تزال أصداؤها تعصف بأجهزة المخابرات الإسرائيلية خصوصا بعد صدور تقرير مراقب الدولة الشهر الماضي.

 

ووجه التقرير انتقادات لعجز قيادات سياسية وعسكرية إسرائيلية تولت زمام الأمور في فترة الحرب في الكشف والتصدي لخطر الأنفاق الهجومية التي أنشأتها حركة حماس وكان لها دور كبير في إيقاع خسائر في صفوف القوات الإسرائيلية المهاجمة. وعلى رأس الذين انتقدهم التقرير رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه وقتها موشيه يعالون، إضافة إلى رئيس هيئة الأركان بيني غانتس، ورئيس شعبة الاستخبارات العسكرية السابق أفيف كوخافي.

 

تباهت حماس مرارا بتمكنها من ضبط الأمن واعتقال العديد من عملاء الاحتلال وجعل غزة عصية على الاحتلال أمنيا وعسكريا، إلى أن جاءت هذه العملية لتكشف عن خرق خطير للأمن

الملفت للانتباه في عملية الاغتيال أنها الأولى التي يتمكن فيها الاحتلال من توجيه ضربة قوية لأمن حماس في غزة عبر استهداف قيادي كبير عرف عنه أنه يدير ويوجه عمليات المقاومة في الضفة الغربية انطلاقا من قاعدة آمنة.

 

وتباهت حماس مرارا بتمكنها من ضبط الأمن واعتقال العديد من عملاء الاحتلال وجعل غزة عصية على الاحتلال أمنيا وعسكريا، إلى أن جاءت هذه العملية لتكشف عن خرق خطير للأمن وفشل في توفير الحماية لقيادي لم تخف إسرائيل رغبتها في اصطياده منذ زمن.

 

وفي إطار الهدنة غير المعلنة بين حماس وإسرائيل في قطاع غزة، فإن الرد على هكذا عملية انطلاقا من غزة عبر استخدام الصواريخ أو حتى إطلاق عمليات نوعية ضد مستوطنات غلاف غزة أو في عمق الكيان الصهيوني، يكاد يكون مستحيلا لأن من شأن ذلك أن يثير ردود فعل إسرائيلية شاملة وقاسية ضد غزة وتكتسب صفة الشرعية دوليا، في وقت تحاول فيه حماس أن تضبط الحدود لمحاولة إعادة ترميم ما دمر من غزة وترميم القوة العسكرية بعد حرب العصف المأكول.

 

ومع ذلك فإن حماس معنية تماما بتوجيه رسالة قوية للعدو ردا على الاغتيال بأنها ستظل ماضية في درب المقاومة، وأن ردها القادم سيكون قويا ومكافئا لحجم الاستهداف. كما أن الرد سيشكل تحديا لقيادة حماس الجديدة والمنتخبة في قطاع غزة بقيادة المسؤول العسكري السابق يحي السنوار.

 

على حماس أن توازن بين رغبتها في الرد على استشهاد فقها والخشية من اندلاع موجة جديدة واسعة من القتال مع إسرائيل في قطاع غزة، إلا أنها في كل الأحوال معنية بهدف استمرار المقاومة

وفيما يستعد العدو لتلقي الرد القادم، فإن حماس معنية بأن توجه رسالة له بأنه يجب أن يفكر مليا قبل استهداف أي قيادة سياسية وعلى الأخص إسماعيل هنية الذي توعد وزير الحرب الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان باغتياله. كما أن عليه أن يحسب حسابا لرد حماس على اغتيال أي مسؤول عسكري في المرات القادمة.

 

وعلى حماس أن توازن بين رغبتها في الرد على استشهاد فقها والخشية من اندلاع موجة جديدة واسعة من القتال مع إسرائيل في قطاع غزة، إلا أنها في كل الأحوال معنية بهدف استمرار المقاومة. وفيما تبحث القسام عن الهدف القادم لها والذي يجب أن يساوي حجم فقها كاغتيال ضابط إسرائيلي كبير أو عملية نوعية كبيرة، فإن كل ذلك متوقع أن يتم بالضفة في محاولة لتجنب نشوب حرب في غزة لا تسعى لها إسرائيل ولا حماس.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.