شعار قسم مدونات

المبدعون.. عرب مهاجرون

blogs - مطار
ينتابني فضول ممزوج بالفخر وأنا اقوم بفتح رابط ذلك الخبر الذي يتحدث عن رجال الأعمال تحت سن الـ ٣٠، والذين سيغيرون قواعد اللعبة في العالم! ما لفت انتباهي في الخبر ١٣ مبدعا  ذو أصول عربية أو عرب! صحيح أنهم ١٣ من ٦٠٠ ولكن يكفي أننا موجودون. عندما قرأنا هذا الخبر أغلبنا شعر بالسعادة والفخر، فقط لأنهم عرب مثلنا تميزوا وأبدعوا، لا يعنينا بماذا تميزنا نحن، فقد اكتفينا بإبداع غيرنا! إنها ليست مشكلتنا، فقد تربينا على مبدأ "فرض الكفاية" وأصبحت مخدرا عاما للشعور بالمسؤولية! لقد أرحنا ضميرنا بأن هناك من سيقوم بالدور ويتعب لأجله فيسقطه عني ويشرّف أهل لغتي وبلادي! فلماذا أعرض نفسي للضغوط والتحديات الكبيره فلا وقت ولا طاقة لذلك! نعم فمن واجبنا أن نعتز بعروبتنا وأمتنا، ولكن كيف نرضى أن ننسب ولو ضمنيا سبب نجاح الأشخاص المبدعين إلى الأصل العربي أو الديني لنفتخر بهذا الأصل!

نتيجة الفضول! إن من عادتي تتبع سير العباقرة والمؤثرين من العرب والمسلمين لمعرفة أصولهم ونشأتهم والمصادر العلمية التي استندوا إليها، فغالبا ما يكون العامل المشترك بينهم هجرتهم إلى الخارج سواء لتلقي تعليمهم أو للتطوير والعمل الشخصي! وكذلك قادني فضولي لقراءة تفاصيل الخبر، وكما توقعت، فلم يكن أحدهم نتاج وطننا العربي، فقد كانوا جميعا قد درسوا وتوطنوا ما بين أميركا وبريطانيا وأوربا، فما فائدة أصولهم العربية إن لم تكن هي سر وصولهم؟! ولماذا نميزهم عن غيرهم فجميعهم استثمروا إمكاناتهم في بيئة ووطن خصب يدعم المبدعين!؟

ليس الهدف من قراءة هذا الواقع هو إحباط الأجيال الصاعدة وإغلاق الأبواب في وجه المبدعين والطموحين، وإنما علينا أن نعي هذا الواقع ليكون لنا صحوة ونعيد فهم أنفسنا وديننا.

لماذا؟ لماذا تنازلنا عن القيام بالواجب واكتفينا بأعمال غيرنا وافتخرنا بها؟! من أوقعنا في هذا الضعف والاتكالية غير أوطاننا العربية! كيف لا وشبابنا غير قادر على تفجير طاقاته المكمونة في دول لا تحترم تلك الطاقات ولا تقدرها، بل وربما قد تصل إلى مستوى التضييق أو الإقصاء للمبدعين في بعض الدول. علاوة على أن الشباب في بلادنا يملأ عقولهم ووقتهم الانشغال بتأمين لقمة العيش وأساسيات الحياة، مقابل من يدمرهم الترف الزائد والسطحية، والأهم من ذلك كله منظومة التعليم التي ينخرها الغش والأساليب التقليدية وهوس العلامات الذي أفقد التعليم القيمة الأساسية له، وهي تطوير العقل وإطلاق مكنوناته.

لا لليأس! هذا ليس تعميما بالتأكيد، فهناك نماذج نفتخر بها من بيننا، وليست كل الدول بنفس المقياس أيضا، وليس الهدف من قراءة هذا الواقع هو إحباط الأجيال الصاعدة وإغلاق الأبواب في وجه المبدعين والطموحين، وإنما علينا أن نعي هذا الواقع ليكون لنا صحوة ونعيد فهم أنفسنا وديننا، لنكون واقعيين في تحديد بوصلتنا وخاصة اللاجئين في وقتنا الحالي، ولنبذل كل جهودنا لتصحيح المسيرة التعليمية بدايةً بتغيير مفهوم المدرسة والدراسة لدى المعلمين أولا ثم أبنائنا، ولنراقب معيار الفخر والعزة في ديننا وأوطاننا.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.