شعار قسم مدونات

حَربُ فقهاء!

blogs - مازن فقهاء
لقد اجتاح خبرُ استشهاد القائد القسامي مازن فقهاء رواد مواقع التواصل الاجتماعي وخاصة الفيسبوك، بتسارع كبير منذ اللحظات الأولى لاكتشاف الجريمة البشعة التي نُفِذت بحقه، ولقد زف أهل قطاع غزة هذا النبأ بشكل ثائر ناقمين ومستهجنين هذه الجريمة الغادرة على أرضها، ويأتي ذلك بعد التصريحات النارية التي زفتها كتائب القسام بعد اكتشاف الجريمة، بعد أن كان أهالي القطاع في حالة من الترقب والرصد على ما ستحولُ عليه الأيام المقبلة، وكيف سيتعامل القسام مع هذه الجريمة وما هي آلية الردع المناسبة لذلك؟

بكل تأكيد، قفازات الاحتلال وبصماته الخفية واضحة في ملابسات اغتيال فقهاء، فهو فشل فشلاً ذريعاً بكسر شوكة المقاومة في غزة، ولم يستطع خلال 3 حروب إحكام سيطرته على هذه الأرض الطاهرة المباركة، التي ظلت شامخة وصامدة تحتضنُ بين ذراعيها عنقودية المقاومة ومبادئها الراسخة في دحر هذا المحتل من هذه الأرض بقلوبٍ مليئة بالإيمان والثقة.

بدأ الاحتلال بتمثيل صورته الديمقراطية للعالم، فقد نشر المنسق العام لدولة الاحتلال عبر صفحته الرسمية على فيسبوك صورة لمعبر إيرز وكتب عليه "إن حماس تواصل إغلاقها لليوم الثالث للمعبر!!

فقد قرر هذا المحتل تغير موازين ومجريات الأحداث، من خلال استغلال ضمائر خائني الوطن بشكل أو بآخر، بشكل يستطيع من خلاله تحقيق استراتيجياته في التخفي، سواء أكان من خلال الدعم اللوجيستي أو من خلال تحقيق أهداف ملموسة تتبع نتائجها له بكل تأكيد، ولكن! بدأت مجريات هذه التعبيرات والمنشورات الساخطة تتخذُ شكلاً جديداً، شكلاً يخدمُ مصالح هذا الاحتلال، مستغلاً بذلك حماقة بعض الرواد في فهمهم لآلية المقاومة.

فقد خرج بعض الرواد وبعض الصفحات المشبوهة لتطالب بسرعة رد المقاومة على هذه الرصاصات الخائنة، غافلين عن ماهية هذه المطالب وعن نتائج هذه الحسابات المتسرعة، بدأ البعض يخرج بكل وقاحة ليطالب بحرب شرسة للانتقام، في حين أن المقاومة كانت تصريحاتها واضحة وفي غاية الشفافية، حيث أعرب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل مخاطباً الاحتلال على أن المقاومة قبلت هذا التحدي وأن سياسة الاحتلال في الاغتيال الهادئ ستردُ بالمثل، فلا شكك بالطبع بقدرات المقاومة وعقليتها الفذة، في شفاء غليل صدور شعبها، بكل هدوء وحنكة، أما العازفين على ألحان الحروب ما هم إلا حمقى ولدوا ليتكاثرو فقط!

الحربُ تشريدٌ وإهانة وخوف وخسائر بشرية ومادية جمة وغيرها من الويلات التي تصحبها آليات الحروب العسكرية، المقاومة معنية بتحدي الاحتلال في استراتيجية صراع الأدمغة، وفي إثبات كلمتها التي تعهدت بها، هذا لا يعني بكل تأكيد أن المقاومة قد لا تضطر للدخول بحرب مع إسرائيل، فقد تُجر قدمها من قبل إسرائيل لتحقيق مزيد من الإنجازات التي يعتقد ساستها بأنها ناجحة، ولكن باعتقادي أنها ستكون محدودة، لإنجاز أهداف خُطط لها مسبقاً، والانسحاب بكل براعة من هذه المناوشات، ليروي ظمأ شكوكه القاتل حول تقدير إمكانيات المقاومة، خصوصاً ما أضافته بعد الحرب الأخيرة.

ففي ظل التكتم الإعلامي والتصريحات القليلة حول الملابسات الجنائية في تحقيقاتها، بدأ الاحتلال بتمثيل صورته الديمقراطية للعالم، فقد نشر المنسق العام لدولة الاحتلال عبر صفحته الرسمية على فيسبوك صورة لمعبر إيرز وكتب عليه "إن حماس تواصل إغلاقها لليوم الثالث للمعبر، وأن إسرائيل تحاول تقديم المساعدات لأهل قطاع غزة عبر المعبر ولكن حماس هي العقبة الأن"، ذلك ويأتي إغلاق حماس للمعبر ضمن إطار تأمين الحدود من أي محاولة هروب للقاتل إذا ما كان في غزة.

وهو إجراء أمني روتيني تقوم به جميع الدول لحين الانتهاء من التحقيقات، ولكن ثعلبهم الإعلامي الماكر يحاول خلق ثغرات من شأنها خلع هذه الحاضنة الكبيرة للمقاومة ووحداتها السياسية وإرباك عاطفة الجبهة الداخلية بإلقاء اللوم وتحادف المسؤوليات، فينبغي علينا أن نتوخى الحذر وأن نكون على مقدرة من الاستنباط والدراية لفهم مكر الاحتلال في توصيل رسائله الملغومة!

وفي النهاية ما بوسعنا إلا أن نقول وداعاً يا شهيد، ولا تقلق فالفلسطينيات أقوياء، ينجبنَ الكثير من الأبطال، فمنذ اللحظة الأولى لولادتكم ولدتْ معكم شرارة الثورة والثأر. الأيام القادمة تحمل في طياتها الكثير من المفاجآت، فمن يا ترى سيرفعُ قبعة الإنتصار، ومن سيبرهن للأخر على أنه كان الأذكى؟ فلننتظر!

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.