شعار قسم مدونات

السيدة "حرّية"

Palestinian singer Yaqoub Shaheen (C), winner of Arab Idol season 4, performs as he stands next to Palestinian contestant singer Ameer Dandan (R) and Palestinian singer Mohammed Assaf, winner of the second season of Arab Idol, during the final episode of Arab Idol season 4, in Zouk Mosbeh area, north of Beirut, Lebanon February 25, 2017. REUTERS/Mohamed Azakir
تعرّقت يدا الرئيس على ملف القضية وهو يحملها نيابة عن شعبه في أروقة الأمم المتحدة، ومجلس الأمن، والاتحاد الأوروبي، ودول أمريكيا اللاتينية، والاتحاد الإفريقي، والقمم العربية، لذا قرر أن يستريح ساعة في أستوديو "أراب آيدول" ليتابع غناء الهواة..
 

**
يتابع الرئيس برنامج الهواة؟ لم لا؟.. لا شيء ينقص فلسطين.. ثمة خلاف بسيط على ملكية الأرض وتنتهي المسألة، والأقصى مسجد كباقي المساجد فلا تدققوا على المنزِلة، أما الشهداء فهم شبّان طائشون ادّعوا في لحظة هياجٍ.. المرجلة.. والأسرى ثلة من الخارجين عن القانون وفعلهم حتماً ليس بطولة.. ما يجري على أرضنا ليس احتلالا وإنما سوء فهم بسيط سيحل بكل سهولة.. فغنّوا وأطربونا.. فالنضال الحداثي يا أحبتي ..صوت وخصر وليونة!

**
لا تلوموا "محمود عباس" إن هو ترك كل المسائل العالقة ودخل أستديو الهواة.. هو أنسب مكان يدخله الرجل، هو أصدق مكان يدخله الرجل، ألا تشبه أوطاننا مقطوعة الغناء التي يجرّبها كل هواة السياسة؟ ألا يعطوننا رقما للتصويت والمتابعة "242" ،"338″ نناشد فيه جمهور الأمم المتحدة التصويت لنا على هذين الرقمين.. ألا تجلس دول "الفيتو" على طاولة القرار، إن توافقوا مرّروه، وإن اختلفوا أوقفوه؟
 

إلى كل من استبدلوا حدود الوطن بخشب الديكور.. مهلاً؛ هذه الإضاءة المزيّفة ليست شمسكم.. وهذه السجّادة المزركشة ليست أرضكم.

كل ما جرى لفلسطين عبر سبعين عاماً كان عبارة عن "آراب آيدول" سياسي.. اللجنة تمرح وتفرح وتصوّت وتُخسّر، الجمهور يتعاطف لكنه لا يقرر، بينما أهل الوطن المحتل على أعصابهم.. ينظرون في عيون "لجنة الفيتو" يركّزون على ابتساماتهم، يرتاحون لإشاداتهم، ينجرّون وراء وعودوهم، يمرجحونهم على حبل الأمل طويلاً كي تطول مدة العرض.. ثم أخيراً يطبّقون ما طلبه منهم المنتج المنفذ "إسرائيل"!.

**
فلسطين في "أراب أيدول"، سوريا في "اكس فاكتور"،العراق في "ذي فويس" "ليبيا في "أراب جوت تالنت".. لجان الدول الكبرى تجلس على خشبة قرارنا، تقيّم من يتأهل من الشعوب إلى الحياة ومن يغادر إلى الموت، مناكفاتهم نحسبها لصالحنا، لنكتشف أنها جزء من اللعبة الإخراجية، يضحكون كثيراً على دموعنا، يصفقون لانقسامنا وارتباكنا، وعندما لا تروق لهم أصوات الحرية التي تهتف بها حناجرنا، يتشاورون قليلاً ثم يقولون "بنشوفك بتابوت"..

**
كل قضايانا الكبرى…في المسرح العالمي مجرد أصوات هواة، الدول العظمى التي تجلس على كراسي التحكيم والتقييم والتقسيم دورها أن تلوّعونا حيناً أن تتعاطف معنا وتتأثر بدموعنا حيناً آخر، ليبدوا منصفين أمام العالم الذي يتابع حلقات أوجاعنا حلقة بعد حلقة وهو يجلس على أريكة الاستقلال.. وكلما كان الصوت حزيناً واللحن دامياً زاد طرب الجالسين على الكراسي الدائمة!

**
تأكدوا، لا تسقط قضية حية إلا إذا خانها المحامي.. فلسطين القضية، مركونة منذ سبعين عاماً في خزانة الأيام، فالجاني والقاضي والمحامي يتقاسمون كل ليلة صفقة الأرقام…لذا ستبقى القضية ترتدي شال فلسطين الضحية تئن ألماً بين دفتي ورق وخيط وأختام..

**
لا تعتبوا.. عندما يصبح النضال "أحلاما".. والتواطؤ "علامة".. فيصبح الوطن مجرد أستديو، والقضية "أراب آيدول"، والرئيس المجاهد "بوّاساً".. عندما تصبح البندقية ميكروفوناً والكفن وشاحاً، ودخان القنابل ملونا كشعر الراقصات.. تصبح أرواح الشهداء التي تهادت فوق رؤوسنا قصاصات ملوّنة نمشي عليها ونمضي..

***
إلى كل من استبدلوا حدود الوطن بخشب الديكور.. مهلاً؛ هذه الإضاءة المزيّفة ليست شمسكم.. وهذه السجّادة المزركشة ليست أرضكم، ثم إن المشاجب لا تثمر زيتوناً.. أيها المنجرّون وراء برامج الهواة وتقمص الأدوار.. الوطن ليس هواية.. الوطن هوية.. ولا نقبل مخرجاً لمسلسل "النضال" الطويل إلا السيدة "حرية"!

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.