شعار قسم مدونات

عن كل فاعل ومفعول به

blogs - اليأس

عن تلك الابتسامات المصطنعة في صور باهتة لأشخاص لم يتبقى لهم من البهجة سوى شطر التبسم "فاقدي الحب".. عن السعادة الوهمية التي أصبحنا نحاول أن نعيشها رغم أنها من صنع خيالنا فقط سببها المتعة المنعدمة التي غادرتنا بعدما أصابتنا الشيخوخة المبكرة نتيجة الشقاء.. عن زمن أصبح فيه كل شيء لا يشبه أصله.. عن ذاك النور المنطفىء في عيون تورمت من كثرة السهر انتظارا لمعجزة تغير طيات الواقع..
 

نظرات الألم والخيبة وفقدان الأمل تخيم على محيا الشاردين في شرفة غرفهم. يعدون ساعات الغياب لتجدهم عائدين إلى فراش نومهم خائبين، لمدمني الظلام المختبئين من ضجيج العالم هروبا من كلام الناس فهم لم يسلموا من ثرثراتهم نتيجة لأخطاء ارتكبوها.. للمثعبين من قسوة الحياة التي لم تهدهم من ملذاتها جزءا يشفي جروحهم.. لسيئي الحظ كلما حاولوا فشلوا حتى أيقنوا أنهم للنحس عنوان.. لكل من لم يجد سندا وقت الشدة، سقط ولم تمد له يد العون وترك في نصف الطريق فلتوت ركبتيه منبطحة إلى الأرض انصداما..
 

أيامنا معدودة شئنا أم أبينا.. ولو علمنا أن نهايتنا غدا لهرعنا لتحقيق ما نأمل به ولما أطفينا وهج الأمل بل سنبني به جسرا فوق نهر من اليأس حتى نعبر.

لكل تلك الأشياء التي اندثرت والعلاقات التي خربت وانتهت لأتفه الأسباب ولم نكن نتخيل يوما بأننا سنكمل بدونها. لرسائل لم تصل كتبت ومسحت آلاف المرات لكنها لم ترسل لأن للنفس كبرياء.. للأشخاص التي وعدت وخلفت وتخلت ومضت فكانت السبب في تأرجح القلوب المنفطرة بين مد وجزر خيبة الحب.. للكرامات التي دهست من عديمي الضمير ولكل من ضحى واجتهد وحاول وكافح لكنه خذل..
 

لتلك الأشياء التي انتهت قبل البدء لمجرد أن أحد الطرفين رأى في ذهابه مصلحة له فتغلبت عنه أنانيته، للنظرات المتبادلة بين اثنين يفصلهما شبر لكن القدر كان أقوى من رغباتهم.. عن كل مقصود لم يفهم وعن كل مفهوم لم يستفسر.. عن تلك النفس التي انهكناها بالتبريرات والحجج والأعذار فكنا السبب في قتلها آلاف المرات؛ ملأنا صدورنا حبورا من كذبات، جعلناها ستار للحظات مسروقة ظنا منها أنها سترافقنا طوال المشوار لكنها سرعانا ما انقلبت إلى ذكريات مخجلة.

كل الآهات التي صرخنا بها من شدة ظلم الحياة التي لم تنعم علينا بمن أحببناهم ورمتنا في أحضان لغير تلك التي ألفناها وتأملنا بها المستقبل وربطنا وجودها بسعادتنا حتى فقدنا وجودنا بغيابها .عن أياد هجرت بعدما اعتادت التشابك فأتبعت بقبلة وجن دافئة بنكهة نهاية على شط بحر هائج كانه يعلن إغلاق الكتاب قد حان لترتطم اليد على الفم قامعة تلك الشهقة التي تتخلل البكاء.. عن السقوط والخذلان والهجران عن الفشل والخيبات والاستسلام والعيش بدون هدف..
 

عن كل فاعل وعن كل مفعول به..
عني وعنك وعنكم وعنهم.. لا تيأسوا فدنيانا فانية..
 

خط الحياة منعرج ومتموج ما إن استقام فاعلم أنه الموت لا محالة.. لكي نحيا لا بد من السقوط والوقوف ونفض الغبار وإكمال الطريق نحو الهدف.. منعرج إن تسبب في سقوطنا مرة فلن ينجح في ذلك مرة أخرى لأننا ببساطة أصبحنا على دراية به وسنتجاوزه. ما دامت قلوبنا تنبض فنحن لازلنا على قيد الحياة.. لم نحطم ولم نهلك بعد حتى نستسلم للآهات فبالرغم من إن طريقنا الطويل معبد بالألم لكن الشمس تشرق بخيوط ذهبية كل صباح وبدون ملل خصصت لكل منا خيط ليسد شقوقنا وينهي حزننا فنجدنا بين المبتهجين يوما ما.
 

إن غاب الأمس فهناك اليوم وإن كان اليوم راحلا فلنطمح إلى غد مشرق لأنه لا جدوى من جعل النفس رهينة للمآسي فالأسود لا يليق دائما.. الأسود خانق ولون لثياب العزاء وللعزاء مهلة فقط.

لم نخلق لنتعس ونندب حظنا العاثر ولم نخلق لنبقى طويلا حتى نمضي حياتنا في التحسر على ما مضى خلقنا لنجرب ونمتحن ولنموت يوما، أيامنا معدودة شئنا أم أبينا.. ولو علمنا أن نهايتنا غدا لهرعنا لتحقيق ما نأمل به ولما أطفينا وهج الأمل بل سنبني به جسرا فوق نهر من اليأس حتى نعبر..
 

من ذهب فلترافقه السلامة، في النهاية خلقنا مفترقين ولسنا مجبرين على البقاء.. من سبب لنا ألما سيؤلم لأن لكل منا حصته من الدموع. تختلف الأسباب فقط.. فلم الانسياق وراء الانتقام ومثلما قدر وكتب علينا أن ننكسر من مخلوق سيجبر خاطرنا من مخلوق غيره.. هكذا سنة الحياة.
 

انتظار مارس إبريل ماي ويونيو أن يكونوا أفضل مما مضى هي صور تليق للفيسبوك فقط.. نحن من وجب أن نصنع منا الأفضل حتى نستقبل الفصول بما يليق بها، فإن غاب الأمس فهناك اليوم وإن كان اليوم راحلا فلنطمح إلى غد مشرق لأنه لا جدوى من جعل النفس رهينة للمآسي فالأسود لا يليق دائما.. الأسود خانق ولون لثياب العزاء وللعزاء مهلة فقط.. هناك ألوان أخرى تجعلك أثناء التمسك بها رساما ماهرا يخطط لوحات خاصة بيومه.
 

ابتهجوا فالربيع على الأبواب وقد اشتاق لمحياكم ولارتسام ابتسامتكم، فإن لم تتمكنوا من التغلب على أحزانكم وفقدتم الرغبة في إشعال شمعة تضيء ظلمتكم. ارتدوا ستراتكم وتوجهوا لأقرب مستشفى.. فزيارة واحدة تكفي لتغيير حالكم.. فما دمتم على قيد الحياة واقفين فلا هموما تشفع لكم ولا عذرا يلمس لكم لتعبس وجوهكم!

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.