شعار قسم مدونات

طريق تاه فيه برشلونة

blogs - لاعبو برشلونة
"أطلب من الجماهير أن يربطوا أحزمتهم لأنها ستكون رحلة عنيفة"، هكذا بدأ المدرب الأعظم في تاريخ برشلونة مسيرته التدريبية، وسَطَرَ بهذه الكلمات أعظم ملحمة كروية في تاريخ اللعبة، ليشكل حينها مدرسة في كرة القدم، ما كانت ليُجدد تأسيسها إلا على يد لاعب الوسط السابق وقائد نادي برشلونة السيد بيب جوارديولا.

كما شرح اللاعب تيري هنري، فلسفة بيب جوارديولا تعتمد بشكل أساسي على ثلاثة ركائز أساسية ألا وهي؛ التمركز، التمرير والاستحواذ، بالإضافة إلى بعض التحولات والتحركات وسرعة الانتقال بين الحالتين الدفاعية والهجومية، وبعض الإضافات البسيطة إلي طريقة وأماكن التمرير تعطي مساحات أكبر للعب بين الخطوط وحتى في أضيق المساحات، مما يسهل فريق برشلونة التعامل مع أعتي وأقوى خطوط الدفاع في العالم.

"نحن نلعب كرة قدم يسارية، الكل في الكل"، هكذا صرح بيب بعد الفوز بنهائي دوري الأبطال عام 2011 بعد تقمصه لدور كارل ماركس رداُ على تصريح السير أليكس فيرجرسون بقوله "هذا الفريق هو الأعظم في التاريخ". المدرب الأصولي الذي استمد فلسفته من عدة عرابين في الساحرة المستديرة، أبرزهم الراحل يوهان كرويف، مارسيلو بيلسا وخوانما ليو، دائماً ما يرد الأشياء إلى أصولها وطالما أشار وأوضح مدى سهولة اللعبة وبساطتها. بالكاد هذا ما ينقص برشلونة في هذه الأيام والليالي العصيبة بالتحديد، أن تعود إلى أصلها ومدرستها الكروية التي اقتدت بها العديد من الأندية ويحاولون تطبيقها، بل بالفعل هم يدرسون تطويرها كالمدرب اريجيو ساري مدرب نابولي والمدرب خورخي سامباولي مدرب إشبيلية.

برشلونة احتل العالم سابقاً، على مستوي الأسلوب ومستوى البطولات، وإذا أراد النادي تكرار هذا فيجب عليه أن يرد الفلسفة إلى أصلها مع إضافة اللمسة المناسبة للعصر.

المشكلة التي تواجهها برشلونة ليست وليدة اللحظة، بل نابعة منذ ابتعاد النادي عن أصوليته وإعطاء حرية أكبر للاعبين ك سواريز ونيمار اللذان ما كانت أقدامهم لتعتِب مطار مدينة برشلونة لو كان السيد جوارديولا هو مدرب النادي حتى اليوم. بالإضافة إلي صعوبة تأقلم اللاعبين الجدد مع النادي، وندرة اعتماد لويس إنريكي علي أبناء مدرسة اللاماسيا وتقاعسه عن انتداب ظهير أيمن وأيضاً الاستغناء غير المبرر أو الواضح عن الظهير داني ألفيس، مما يعيقه عن اللعب بالخطة المفضلة للنادي الكتالوني 4-3-3 والتحول إلى بدائل لم يستطع المدرب لويس إنريكي لها سبيلا.

مشكلة أخرى تواجه برشلونة، وهي ليست مشكلة فحسب، بل هي أزمة تضرب بفلسفة الفريق الكتالوني عرض الحائط، وهي أزمة سوء التمركز سواءً في الحالة الهجومية أو الحالة الدفاعية التي ظهرت مؤخراً منذ بداية هذا الموسم ولا أعتقد أنها ستنتهي في الوقت الراهن لأنها أزمة تحتاج إلى تغيير جذري وبالكاد هذا لا يلائم الوقت الراهن كما أشار المدرب لويس إنريكي في آخر تصريحاته عندما قال ‏"لا يوجد وقت لابتكار أسلوب جديد، سأستخدم ما يتوفر لدي من مميزات بلاعبي".

لا أعتقد أن الحل هو إجراء إصلاحي، النادي يحتاج إلى إجراء جذري إذا أراد النادي أنا يعود إلى المسار الصحيح، النادي منذ بداية تأسيس فترة نهضته وقوته يعتمد على الأسلوب الرديكالي وأبناء اللاماسيا والثلاث ركائز التي أشرنا إليها؛ التمرير والتمركز والاستحواذ على الكرة.

برشلونة احتل العالم سابقاً، على مستوي الأسلوب ومستوى البطولات، وإذا أراد النادي تكرار هذا فيجب عليه أن يرد الفلسفة إلى أصلها مع إضافة اللمسة المناسبة للعصر والطريقة المواكبة لكي تعالج مشاكل النادي وتعيده ملكاً على منصات التتويج.

على جماهير برشلونة الإيمان أن النادي يوماً ما سيعود، وسيظل اسم برشلونة رمزاً لكرة القدم والفلسفة الشاملة التي تمكنت من السيطرة على العقول والتكتيكات الكروية لعقود من الزمن تحت أقدام ميسي ورفقائه.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.