شعار قسم مدونات

الثورة أقدس ما امتلكنا

YEARENDER 2016 APRILSyrians at the site of airstrikes in the rebel-held neighbourhood of Bustan Al Qasr in Aleppo, Syria, 28 April 2016. At least 34 people were killed by shelling and missile fire in eppo, the largest in the north of the country, the Syrian Observatory for Human Rights, or SOHR, reported on 28 April. Among those were at least 20 people killed by the airstrikes of warplanes, the identity of which is still unknown, in the neighborhoods of Bustan al-Qasr a
بعد سنوات عجاف من دمار وتشريد، وسجن وتهجير، ولجوء وهروب وسفر، وما بين مسجون وشهيد ومفقود، يتساءل أحدهم ماذا قدمت لكم تضحياتكم وجهودكم.. وما نفعت ثورتكم؟ سوى وطن راح ضحية غبائك.. وماذا امتلكم بعد سنوات مضت ولم تأخذ معها سوى خراب ودمار!

صحيح أن الجواب لم يكن في ذهني يوما ما.. لكنه كان حاضرا في قلبي فلأبثه لكم هنا لعل تلك الكلمات أن تجد قلبا يأخذ هذا الحمل عني، أما ما امتلكناه بعد هذه السنوات العجاف وما الحصاد فالجواب هو "الثورة"، الثورة هي أقدس ما امتلكناه وأعظم ما ربحناه وأنبل ما حصدناه.


سنروي لأبنائنا قصة كل من باع الثورة وضحى بها وتاجر بدماء شهدائنا من رجال السياسة ورجال الدين وأصحاب الإعلام والأموال، سنروي لهم تواطئ مدعي حقوق الإنسان والحيوان، ولن ننسى الأمم المتحدة والصين وإيران.

الثورة هي أعظم ما جنيناه من الثورة، ليس لأهميتها أو شرفها وعظمتها، فهذا مما لا شك فيه وذاك تحصيل حاصل، ولكن لأنها جاءت بعد عقود من الظلم والاضطهاد والعبودية والذل والخوف و"القوقعة" تلك القوقعة التي أدخلنا إليها هذا النظام البائس -على حد تعبير أحدهم- الثورة هي أعظم ما سنورثه لأحفادنا.

الثورة هي منظومة القيم التي سنعلمها لأبنائنا من بعدنا وهي إرث ضخم حقا يستحق أن ينزل عن كاهلنا ليأخذه الجيل القادم، سنخبرهم عن بطولة القاشوش وحمزة الخطيب، سنقص عليهم بطولة الساروت وتخبرهم عن حنجرة الشهيد طارق الأسود، سنروي لهم قصص من أشعلوا ثورتنا، فتيان درعا.

الفتيان العشرة الذين شاء الله أن يكتب بداية ثورتنا على يدهم لحكمة يعلمها هو، سنخبرهم عن طلاب جامعة حلب، ونقص عليهم صمود أبطال حُمُّص، ونروي لهم مليونية إدلب، ولن ننسى طلاب جامعة العلوم في دمشق، وسنذكرهم بحناجر المظاهرات التي صدحت بالتكبير وصرخت ب"الله أكبر" و" ما لنا غيرك يا الله" لتكون آذان الجدران شاهدا لا يكذب مهما تقادم عليه الزمن، سنربي أجيالنا على قيم العفة المتمثّلة في فتاة لم تقبل الخروج من تحت الأنقاض لأنها غير محجبة.

سننشئهم على قيم الشجاعة المتمثّلة في حُمُّص الثورة، التي صمد أهلها حتى الرمق الأخير، سنعلمهم معنى الشموخ والصمود المتمثّلة بأهل مضايا التي حوصرت جوعا ومنع أهلها الطعام ومات الكثير منهم ومضى إلى ربه صابرا محتسبا.. لن ننسى أن نخبرهم أن يواجهوا الموت ببسالة كما حدث في القصير ويبرود، سنروي لهم قصص شهداء الثورة وأبطالها ولن ينتهي بِنَا العد، أما قصص أبطال السجن فتلك لها وقفات أخرى!

سنخبرهم أيضا أن التاريخ لا يرحم، و لا يكذب،  سنروي لهم قصة كل من باع الثورة وضحى بها وتاجر بدماء شهدائنا من رجال السياسة ورجال الدين وأصحاب الإعلام والأموال، سنروي لهم تواطؤ مدعي حقوق الإنسان والحيوان، ولن ننسى الأمم المتحدة والصين وإيران.

سنؤلمهم ونحن نخبرهم عن مجزرة الكيماوي في "الغوطة" و"خان شيخون" التي لم يكن البطل فيها سوى أطفال بمثل أعمارهم استنشقوا دخان الموت قبل أن يشتموا عبق الحياة، ورأوا حتفهم قبل أن يروا هدايا الأطفال.

عن أي قيم أتكلم وعن أي إرث أحكي! إنها ثورتنا التي سنورثها لأجيالنا، فمن لم يورث أبناءه روح الثورة، ومفاهيمها وقيمها فقد تركهم فقراء في هذا العالم، تعلموا الثورة وعلموها أبناءكم وأحفادكم، ليعلموا أن أقدس ما امتلكناه هو الثورة.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.