شعار قسم مدونات

د. ذاكر نايك واستغلال القانون

Zakir Naik, an Indian Islamic preacher and founder of Islamic Research Foundation, speaks to the media via a video conference in Mumbai, India, July 15, 2016. REUTERS/Shailesh Andrade
أن تُعد الهند الداعية الدكتور ذاكر نايك إرهابيا داخل الهند أمر يمكن قبوله على مضض، على اعتبار أنه يهدد نسيج الدولة الهندية التي ترتكز سياسيا على ديانة معينة بالذات في استلام الحكم السياسي، وهذه الطائفة يجب أن تبقى في صدارة العدد أو الاعتبار، ودعوة الدكتور ذاكر نايك واسلوبه النقاشي المنفتح الذي ينتهي غالبا وعادة بإعلان إسلام الطرف المقابل باكيا لتأثره ولشعوره بفقدان أيامه الماضية بعيدا عن طريق الحق والصواب… أقول هذا أمر تجد له تفسيرا من باب الإعذار ولو أنه غير مقبول.
 
لكن أن يتم إصدار مذكرة دولية من الانتربول العالمي بملاحقته على مفتريات مفترضة فهذا أمر كله عجب واستغراب واستهجان، ففيه الكثير من الاستخفاف بالقانون والأعراف والمنطق العالمي في هذه الزمن المتحضر الذي يدعي الشرعية القانونية المنبعثة من القانون الطبيعي الذي يحترم الآخر رأيا وجسدا وحرية وحركة وفكرا.

الخلاصة أن قرار اتهام الدكتور ذاكر بنشر الطائفية هو جريمة نشر طائفية بحد ذاته لسماحه للطوائف بحرية التدين نظريا وإجرائيا، وحرمانه طائفة معينة من هذا الحق.

الداعية ذاكر نايك مسلم ألهمه الله القدرة على الإقناع، فكان في غنى عن الانخراط في أي فصيل أو تنظيم أو حركة أو جماعة أو حزب أو جمعية أو تجمع، كان ذاكر فردا وحيدا يعادل كل المجمعات البشرية التي ذكرتها، وهو يصدق فيه وعليه أنه راحلة، وأنه أمة لوحده، ولو أنه انتسب لأي جماعة أو تجمع لما نجح هذا النجاح الكاسح، فمصدر نجاحه المذهل والذي أغاظ أعداءه أنهم لم يثبتوا في حقه انتمائه لجماعة ليتم اتهام جماعته بالإرهاب وليسهل بعدها وصمه بهذه الصفة.

بل هو ملك لكل مسلم ولكل شخص متفتح الذهن منطقي التفكير في العالم بصرف النظر عن ديانته، فهو رجل يسكن في كل بيت في الدنيا كلها، وأرى أنه الوحيد في يومنا هذا الذي يحمل صفة العالمية المجردة من الهوى والقائمة فقط على تعال نتحاور يا أخي، فإن اقنعتني أتبعك، وإن اقنعتك فلك الخيار، قمة التفكير الانساني العالمي الذي يحترم الآخر بأقصى وأعلى درجات الاحترام.

التحريض على الإرهاب، نشر الطائفية، الكسب غير المشروع، غسيل الأموال هذه التهم التي تلفقها دولة كبرى كالهند لداعية مسلم مسالم غير حركي، وبصفتي قانوني متخصص في القانون الجنائي، فإني أقول وأجزم أن الصفة الكيدية في الجرائم المذكورة ظاهرة، ونية الذين وراء هذه الاتهامات واضحة جلية، حيث تم توجيه التهمة لصميم نشاط الداعية لوقفه وردعه عن طريقه.

فالتحريض على الإرهاب ونشر الطائفية هما الجريمتان المركزيتان في الاتهامات، وهما محط الكيدية في الاتهام، فالرجل لا يعطي محاضرات في أماكن سرية، بل على الملأ، ولمئات وآلاف الناس في كل مرة، ومنذ سنوات عديدة ينهج ذات النهج، وجميع دول العالم تدخله بلادها لا حبا فيه ولكن قيمة إنسانية طبيعية عالمية لا تستطيع الدولة التي تحترم ذاتها أن تتجاوزها.

أما نشر الطائفية فهي عقدة القصة وفيها يختبئ مقصد الدولة التي تتهمه، فهي أكثر دولة تحافظ على التوزيع الطائفي، ولن تسمح بطائفة، مهما أوتيت من حق ومنطق وبرهان، أن تتجاوز تفصيلات الطوائف عندها، وبهذا المفهوم السياسي البسيط في إطاره العام، والدقيق في تركيباته، تفهم التهمتين الأساسيتين، وباقي الاتهامات ما هي إلا ذر رماد في صدر القانون الجنائي الدولي الذي لا يحتاج اصلا لذلك، فلديه أيضا من هذه الحيل والطرق الكثير، فالإسلام عند الانتربول متهم دوما حتى تثبت براءته، وما أرى أنها تثبت.

كل الجرائم الملفقة للشيخ هي أوهى من بيت العنكبوت قانونا، وإذا كانت للجريمة أركان ثلاثة (مادي، معنوي، وقانوني)، فإن الركن المعنوي في هذه الجرائم منهدم بالتمام والكمال، واي قاض لديه جزء بسيط من ضمير حي سيحكم ببراءة الدكتور، والبراءة ترتب ملاحقة الطرف الآخر (الهند) بجريمة الافتراء، وما أرى إلا أنها ثابتة في حقها.

التحريض على الإرهاب ونشر الطائفية هما الجريمتان المركزيتان في الاتهامات، وهما محط الكيدية في الاتهام، فالرجل لا يعطي محاضرات في أماكن سرية، بل على الملأ!

وننوه هنا أن ملاحقة الداعية الدكتور ذاكر بجريمة نشر الطائفية هي جريمة نشر طائفية بحد ذاتها ترعاها الدولة التي اتهمته بها، إذ أبسط منطق يترتب على حرية اعتناق ديانة السماح بأداء شعائرها من غير إضرار بالآخرين، ومنع هذا الحق هو فعل متفق على تجريمه عالميا وبشريا، وباستقراء واقع الحياة الدينية في الهند فإن معتنقي الديانات يمارسون حقوقهم الواجبة عليهم دينيا بحرية، وهذا ما تتم مشاهدته وما يتم الترويج له.

وعندما يصل الأمر إلى الإسلام تتغير قواعد اللعبة الدينية. والخلاصة أن قرار اتهام الدكتور ذاكر بنشر الطائفية هو جريمة نشر طائفية بحد ذاته لسماحه للطوائف بحرية التدين نظريا وإجرائيا، وحرمانه طائفة معينة من هذا الحق، حتى لو كان الحرمان لشخص واحد، إذ ما يقوم به الدكتور يستوجبه الدين، وهم يريدون اسقاط هذا الواجب بالترهيب الدولي بالملاحقة.

من باب المقولة التي تكثر في مسلسل أرطغرل (ما من شر إلا فيه خير) فإن في العالم من البشر من لم يسمع بالدكتور ذاكر، وما أرى إلا أنه حان الوقت ليسمع به الجميع، وليدخل قلوب الجميع، ولتصدق مقولة أن المستقبل لهذا الدين، وأن هذا الدين يعزه الله بعز عزيز أو ذل ذليل، وإن كان من حزن فهو موقف عالمنا الإسلامي من هذه الافتراءات، صمت كصمت القبور، وعزاؤنا أن من دعا إليه الدكتور ذاكر حتما سينصره، و يا لخسارة الصامتين.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.