شعار قسم مدونات

ملكية المرشد ووهم الرئاسة

blogs خامنئي

ساعات معدودة وتنطلق الانتخابات الرئاسية الإيرانية، ولا تزال التوقُّعات تتجه إلى حسن روحاني لولاية ثانية رغم قوة منافسه المحافظ إبراهيم رئيسي. وعلى المستوى الدولي برز دور الرئيس الإيراني الحالي في الوصول إلى الاتِّفاق النووي مع دول الغرب، وفي نفس الوقت تَلَقَّى الانتقادات لدعمه نظام بشار الأسد في سوريا.

أما على المستوى المحلِّي فإن الشعب الإيراني وصل إلى حالة الفقر المدقع وأصبح الوضع الاقتصادي المتردِّي في إيران نقطة سوداء في ملفّ روحاني الرئاسي الذي امتلأ أيضًا بالانتهاكات المتعددة لحقوق الإنسان.

الآن، بعد أربع سنوات على مقعد الرئاسة، كان الإيرانيون يتطلعون بتفاؤل إلى الأجندة الإصلاحية القادمة لروحاني، بخاصة أنه أتى بعد ثماني سنوات عجاف على يد أحمدي نجاد، لكن يبدو أن توقُّعات هؤلاء في الغالب مخطئة بشأن روحاني لأن إيران في الأصل هي كالملكية المطلقة للمرشد الإيراني علي خامنئي، والرئيس الإيراني يؤدّي وظيفة رئيس الوزراء لا أكثر، لذلك لا يملك الرئيس الإيراني السلطة الحقيقية التي يظنُّها الناس لتحسين الأوضاع في البلاد أو إصدار القرارات الحاسمة بشأن القضايا الشائكة في الداخل الإيراني.

قد يبرِّر المسؤولون الإيرانيون هذه الملكية المطلقة لخامنئي وغياب دور روحاني جزئيًّا بموافقة إجبارية من خامنئي على هذه الجزئية بأن إيران لديها المسؤول رقم واحد وهو المرشد، ورقم اثنين وهو الرئيس الإيراني، لكن سلطات الأخير محدودة

ولا ننسى أن الحرس الثوري التابع لخامنئي مباشرةً والسلطة القضائية "المملوكة" لعائلة لاريجاني قمعت الصحافة والمفكرين، حتى إنها تعرضت لروحاني عبر وسائل الإعلام التابعة لها، وطبعًا هذا لا يُخلِي ساحة روحاني من ملفّات الإجرام في الداخل والخارج الإيراني، "فالأحشاء تتضارب في ما بينها"، لكنهم جميعًا وجوه متعددة لنفس العملة.

 

تتذبذب الآراء بين أفراد الشعب الإيراني، فمنهم من يرى المسألة من ناحية اقتصادية لذلك سيتجه إلى المرشَّح المنافس عقب فشل أجندة روحاني في تحسين الوضع الاقتصادي للبلاد وتخفيض نسب البطالة والفقر، بل إنها ازدادت سوءًا، فالشعب بلغ مرحلة الجوع، ومرة أخرى فإن رئيس الوزراء في الملكية المطلقة لا يملك أن يغيِّر شيئًا، بخاصة أن غالبية المؤسَّسات الاقتصادية والصناعية تتبع توجيهات المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي والحرس الثوري مباشرةً، وبالنسبة إلى الشعب الإيراني فإن الانتخابات مهمَّة جدًّا من ناحية نفسية لاستخدام هذا المنفذ الضيق الوحيد للتعبير عن رأيهم بحرية مقموعة بعض الشيء.

قد يبرِّر المسؤولون الإيرانيون هذه الملكية المطلقة لخامنئي وغياب دور روحاني جزئيًّا بموافقة إجبارية من خامنئي على هذه الجزئية بأن إيران لديها المسؤول رقم واحد وهو المرشد، ورقم اثنين وهو الرئيس الإيراني، لكن سلطات الأخير محدودة ومرتبطة أيضًا بقرارات خامنئي ولا تحمل أي معنى دون الاطلاع والتأشير عليها.

لم يكُن الوضع في إيران في عهد أحمدي نجاد أفضل منه في مُدّة روحاني، فالأخيرة شهدت تصعيدًا في عمليات القمع وتعرُّضًا غير مسبوق لحرية الصحافة

مع الأخذ بعين الاعتبار أن خامنئي كمرشد أعلى يملك الحصانة المطلقة وليس مسؤولًا أبدًا عن أفعاله، وكون الشعب الإيراني صامتًا عن هذه المعاناة فهو الخوف الداخلي مما يفعله النظام في العراق وسوريا واليمن من جرائم حرب وهي أيضًا وسيلة غير مباشرة أخرى يستخدمها المرشد الإيراني وحرسه الثوري لقمع الشعب الإيراني، وبالأخص الأقليات، كأن لسان حال خامنئي يقول: "انظروا ما نفعله بشعوب الدول الأخرى، تَخيَّلوا ماذا سنفعل بكم!". أضف إلى ذلك أن الشعب الإيراني مثقل بالأوضاع المتردية وليس له أي قدرة على صناعة الثورات، وهذا -على ما أعتقد- أمر مدبَّر ليبقى الشعب هامدًا كالرماد.

لم يكُن الوضع في إيران في عهد أحمدي نجاد أفضل منه في مُدّة روحاني، فالأخيرة شهدت تصعيدًا في عمليات القمع وتعرُّضًا غير مسبوق لحرية الصحافة، كما أن الحرس الثوري قد استشرى في جميع المؤسَّسات الإيرانية وأصبح إن لم يمتلك الشركات فله الحصة الكبرى من أسهمها، ليبقى مهيمنًا على اقتصاد البلاد ويبقى التمويل الخيالي لأذرعه في الخارج ساريًا، ويضمن أن الشعب في الداخل الإيراني يعاني المشكلات والصعوبات الحياتية ليكون الخوف حاجزًا أمام مطالبه الصغيرة وحقوقه البسيطة، وأهمها حقّ الحياة.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.