شعار قسم مدونات

المجازر الفكرية ضد الأمة الإسلامية

blogs - Azhar
شهد العالم الإسلامي عبر تاريخه الطويل والممتد حروب واسعة.. في مختلف المجالات.. ذهب بعضها واندثر أكثرها.. وبقيت المعركة االقائمة والتي ما تزال آثارها قائما إلى يومنا هذا هي: (المعركة الفكرية). كان الغزو الفكري على الثقافة الإسلامية في السابق له شكل محدد ومنهج معين.. ينطلق من دراسة الشرق عموما والإسلام خصوصا دراسة نقدية عبر ما سمي: بالاستشراق.

أما اليوم فنحن نشهد حربا على الإسلام أشد هدما.. وأكثر فتكا.. وأقوى أثرا.. بل إن أثرها أشد عمقا من كل الحروب التي مضت سواء العسكرية أو السياسية.. إنها الحرب على الإسلام باسم "التنوير"، كان الغزو الفكري في السابق له منهج محدد يهاجم الإسلام صراحة وعلنا دون استحياء أو وجل، أما الغزو الفكري الذي تشهده أمتنا اليوم فَيكمن خطره أنه يحارب الإسلام باسم الإسلام.

فهو لم يعد يطلب منك أن تخلع عباءة الدين وإنما يجعلك تقوم بذلك بنفسك، إنه يهدم في عقلك كل الثوابت بحجة تنقية التراث وإصلاحه، فيخرج علينا أحدهم ليخبرنا أن الصلاة ليست كما علمونا في التراث.. إنما هي صلة بينك وبين الله.. ومن أين خرج بهذا لست أدري، يتبعه ثان ليقص علينا أن الخمر لم تحرم وأن شربها كأي عصير آخر!

ليس ما يدعون إليه سوى خروج من تعصب إسلامي إلى تعصب ضد الإسلام.. فهو خروج من تقليد إلى تقليد. إضافة الهجوم الكاسح على التقليد الأول والتزيين الفاضح للتقليد الثاني..

وثالث يفتي بأن البغاء وهو أن تؤجر المرأة نفسها ساعة من الزمان مقابل مال معين.. هو عمل شرعي لا إثم فيه ولا حرام، ورابع بزي أزهري يقول أن الحجاب لم يرد في القرآن وإنما هو عورة مجتمعية.. فإذا كان مجتمعك عاريا فهذا هو.. وإن كان غير ذلك لبست كما يلبس!

وخامس يرى وجوب إحراق التراث فهي منيع التخلف على حد تعبيره والسؤال المتبادر للذهن: وما الذي يبقى لأمة تنكرت لماضيها؟؟ وسادس يطلب تعديل بعض الآيات في المصاحف المطبوعة لتواكب روح العصر حيث غدت الآيات نفسها مشاعا للتعديل والتقويم، وسابع وثامن.. والأرقام لا تنتهي.

إن مكمن الخطورة في التنوير الجديد أنه يحارب الإسلام بطريقة طريفة.. إنه لا يدعوك للتخلي عن إسلامك.. لكنه يقضي عليه شيئا فشيئا لتجد نفسك على شرف من الإلحاد، لقد دعوك لنبذ تقليد الأمة الإسلامية إلى تقليد الأمة الغربية وما هو سوى خروج من التقليد إلى التقليد.
 
وليس سوى خروج من تعصب إسلامي إلى تعصب ضد الإسلام بحجة مواكبة العصر والزمان.. فهو خروج من تقليد إلى تقليد. إضافة الهجوم الكاسح على التقليد الأول والتزيين الفاضح للتقليد الثاني.. وتفاقم الصراع بين صديق جاهل متعصب للدين.. وبين خصم يعمم القبول لكل إنتاج بحجة الحداثة والعصرنة..

وكانت النتيجة على صعيد هؤلاء السفسطة والضياع والجحود وجمود جديد على "وهم التطوير والتطور" وانفصال النخبة المثقفة عن عوام الناس وأنصاف المثقفين.. وبات العقل الإسلامي المعاصر يعاني من أزمة هوية أو استقلال هوية. فهو في حال التبعية والسير فبات يتنكر لماضيه ليلحق حاضر غيره.
 
سينتهي يوم ما زمن الحرب العسكرية.. ولكن الحرب الفكرية قائمة ما قامت السماوات والأرض.. فأين علمائنا ومفكرونا من تلك الحرب الطاحنة؟

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.