شعار قسم مدونات

مَن قتل الإمام؟

blogs- علماء الاسد

"من ربع قرن وأنا

أمارس التشخيص خلف حضرة الإمام

يقول: اللهم امحق دولة اليهود.

أقول: اللهم امحق دولة اليهود.

يقول: اللهم شتت شملهم.

أقول: اللهم شتت شملهم.

يقول: اللهم اقطع نسلهم.

أقول: اللهم اقطع نسلهم.

وهكذا يا سادتي الكرام..

قضيت عشرين سنة

وأنا

أدور كالحبة في مسبحة الإمام

أعيد كالببغاء كلّ ما يقوله حضرة الإمام"

 

وهكذا كان نزار قبّاني – مثلنا – يبتلع الهراء، ويقوده الإمام ليخوض حربًا بالدعاء مع طواحين الهواء الشيطانية ذات الانتماءات الماسونية، حربًا دعائية، على خائضها فقط أن يتكوّم في مكانه ويؤمّن على ما يقوله الإمام، بذلك يظفر بالمدعوِّ عليه ويجتثّ خصمه اجتثاثًا.

 

أعوامًا وسنين ودولة اليهود تتوغّل وتتغوّل ولا تنمحق، والإمام يدعو والقوم يؤمّنون، وبشائر النصر تلوح لكلِّ حذام مفقوءة العينين مطبقة الشفتين، فالإمام يرى ما لا يُرى، ولا نصر إلا نصره بتغييب القوم في قصرٍ مُنيفٍ من البلاغة الكلامية، والبأس الاصطلاحي والبؤس الواقعيّ.

 

ولمّا لم يكن من الإمام إلا أن يلوّح في وجه اليهود بأغصان الزيتون وسيل من الدعاء والشتم بعد أمر الحاكم، طعنه نزار زُلفى إلى الله وقتله، طعنًا وقتلًا مجازيّين مساحتهم نفسُ نزار وعقلُه؛ فلم يكن مَن يجرؤ بعدُ على تخطّي حاجز الوهم هذا الذي أحاط الإمام به نفسه متأليًّا على الله، ومرهبًا عقولنا.

 

أئمة خافوا فاعتزلونا في مساجدهم وصوامع عقولهم واشتغلوا بحرفة الذِّكر عن نسج العقول، لم يكن منّا إلّا أن قتلناهم جميعًا في نفوسنا وعقولنا وسرنا نَزُرُّ علينا قميص الخيبة بدرع الثقة بالله

ولمّا أن خضّب الملكُ قميصنا المقدود بدمائنا ودماء أهلينا وأدار ظهره لليهود، طالبَه الإمام بزجّنا في السجن بتهمة مراودة الفتنة النائمة والإساءة لحضرة الملك، كنّا المساجين وكانوا جميعًا السّجانين، لم يشفع لنا أحمد بن حنبل إذ انضمّ إلينا، ولم يحرّكهم نحيبه وصراخه ودعاؤه، كانت فتوى محاربتنا وضرب أعناقنا وعقولنا قربانًا إلى الملك ولات مَن يفتدينا، والسيف يعمل في رقابنا وسوط يهوي بجنونٍ على ظهورنا المتقرّحة خِلقةً، ونحن نصرخ:

اليهود يا حضرة الأمام!

الملك الظالم يا سيدي الإمام!

 

ويد الإمام قبضة من حديد تنزلُ علينا، والملك من بعيدِ يتمطّى ويحصد نواصينا ورقابنا.

 

وأئمة أخر خافوا فاعتزلونا في مساجدهم وصوامع عقولهم واشتغلوا بحرفة الذِّكر عن نسج العقول، لم يكن منّا إلّا أن قتلناهم جميعًا في نفوسنا وعقولنا وسرنا نَزُرُّ علينا قميص الخيبة بدرع الثقة بالله.

 

 وقرب مكة والمدينة أئمة أُخر ظنّوا أنهم مانعتهم حصونهم الجغرافية والجدران الدينية التي ضربوها حولهم من السهام، سهام العقول إذ تهبّ من كنانتها، واعتقدوا جهلًا أنّ ولاة الأمر خيرٌ وأبقى من الله قيلًا وعطاء، فلاذوا بفيئهم من شمس العقول الساطعة، واختبؤوا بعقال الولاة من نسماتِ الحق المنبعثة من جموح الإرادة، وأصبح همّهم كهمّ الولاة دفننا وإرسال النسور لتشتمّ جُثثنا وتلتهمنا فلا باقي منّا، وصار للدين والفتوى أعناقًا تُلوى كما يريد الملوك، واليهود غابوا حتى عن ساحة الدعاء والشتم، وحللنا محلّهم، لعلّنا كنّا من البداية ممّن يُدعى علينا كنّا المقصودين والمُحَاربين فَفَهِمَ نزار وجهلنا حتى آن الأوان؛ أوان قتل الإمام المطبّل لإلهه الطاغية في عقولنا ونفوسنا بخنجرِ الوعي المنبلجِ فينا جميعًا تقرّبًا إلى الله وتعبيدًا لطريق الأجيال؛ طريق من أروحنا وأجسادنا وعقولنا نبتغيه جسرًا إلى مكة والمدينة فدمشق فالقدس، ويردد كلُّ واحدٍ منّا بشموخِ المظلومِ إذ ينتقم ويخبر الأجيال القادمة بلسانه:  

"يا سادتي !

بخنجري هذا الذي ترونه

طعنته ..

في صدره والرقبة

طعنته  ..

في عقله المنخور مثل الخشبة

لكنني

قتلتُ إذا قتلته

كل الطفيليات في حديقة الإسلام

كل الذين يطلبون الرزق ..

من دُكَّانَةِ الإسلام

قتلت إذا قتلته

يا سادتي الكرام

كل الذين منذ ألف عام

يزنون بالكلام .."

 

 

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.