شعار قسم مدونات

العقل الباطن بمنظور إسلامي

blogs - pray
انتشرت بالآونة الاخيرة الكثير من الكتب والأفلام الوثائقية التي تتحدث عن العقل الباطن أو العقل اللاواعي، وقدرته على تغيير مجرى حياة القارئ بشرط اليقين التام بقدرته على التغيير، وقد تصدر الكثير من تلك الكتب قائمة أفضل الكتب مبيعاً.

لا أخفي الرغبة الكبيرة التي كانت تعتريني عندما قرأت نبذة عن كتاب "قوة العقل الباطن" للدكتور جوزيف ميرفي على الإنترنت باقتناء ذلك الكتاب بنسخته الورقية، وفعلا هذا ما قمت به رغبةً وفضولاً مني لمعرفة أسرار وخفايا العقل الباطن.

بعد مرور 5 سنين تقريباً من قراءتي للكتاب لأكثر من أربع مرات، ومن مشاهدة الكثير من الأفلام الوثائقية التي كانت تتحدث عن نفس الشيء، قررت أن أربط ذلك بالدين الإسلامي وذلك لعدة أسبابن أولا، أن معظم الكُتّاب لهذه الكتب لم يكونوا من المسلمين، ولذلك لم يذكروا دور الإسلام على وجه التخصيص باهتمامه بفكر المسلم وتوضيحه لقوة الظن والفكر والاعتقاد، وثانيا، لاقتناعي التام بأن الإسلام لم يكن غافلاً عن ذكر قوة العقل والظن والفكرة لدى الإنسان، فالإسلام دين الله الكامل، وعقل الإنسان هو إبداع الله الخالق.َ

بعض المشاكل الاعتيادية تجد حلها مستحيل ومعقد بالنسبة لبعض الناس، وذاتها تبدو سهلة الحل في نظر أُناس آخرين، الفارق هنا هو طريقة تفكير الأشخاص بين الإيجابية والسلبية.

عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: قال النبي – صلى الله عليه وسلم -: يقول الله تعالى: (أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملإ ذكرته في ملإ خير منهم ….) رواه البخاري ومسلم. بعد ذكري لهذا الحديث، دعونا نسأل أنفُسنا، ما الحكمة وراء عدم قول الله تعالى مثلاً "أنا عند حُسن ظن عبدي بي "؟.
 

الحكمة واضحة جداً، وهي، سواء ظننا بالله ظننا حسنا أو سيئا فسنلقى ما ظنناه، سواء بالخير أو الشر .فالحديث القدسي هذا يحمل في طياته رسالةً خفية مفادُها أن الإنسان أسير افكاره وظنونه إيجابيا كانت أو سلبية. فبعض المشاكل الاعتيادية تجد حلها مستحيل ومعقد بالنسبة لبعض الناس، وذاتها تبدو سهلة الحل في نظر أُناس آخرين، الفارق هنا هو طريقة تفكير الأشخاص بين الإيجابية والسلبية.

فصلاة بخشوع ويقين تام بأننا بين يدي الله تولد في أنفسنا محبته، وتعظم من قدرته وتحثنا على الدعاء وطلب العون منه، فالعسير يصبح يسيرا، ومخاوفنا تموت مع التوكل والدعاء. والأدعية النبوية جميعها اذا قُرِأتها بيقين وباستمرار عززت الجهاز المناعي النفسي للإنسان.

عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: قال النبي – صلى الله عليه وسلم -: يقول الله تعالى: (أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملإ ذكرته في ملإ خير منهم ….)

فمن الأدعية ما حاربت الكسل والخوف والجبن فينا، ومنها ما عالجت أمراضنا، ومنها سهلت كل عسير، ومنها ما قوّم سلوكنا وعاداتنا وحقق مطالبنا. لكن الشرط هنا بعد العمل هو اليقين والاستمرارية، فيجب أن نكون لحوحين في طلبنا وحاجتنا لله بدون شك بقدرته وبعطائه.

فإن كنت تبحث عن الرزق على سبيل المثال، افعل ما بوسعك للحصول عليه مع الدعاء والاستغفار اللذين يؤهلانك نفسياً له، مع الصلاة التي تزرع في عقلك معنى الالتزام، فمن التزم في الصلاة كان سهلاً عليه الالتزام بشيء آخر.

في النهاية، نحن في زمن أصبحت فيه الحروب حروب فكرية، فالاستعمار خرج من بلادنا قبل عشرات السنين بالزي العسكري، لكنه دخل من جديد إلى عقولنا لابسا زيه المدني مزعزعاً أفكارنا القويمة السليمة مسيطراً علينا كأنه نحن، فالأفكار هي أقوى دخيل على الإنسان، وهي أكثر قوة من الفيروسات أو البكتيريا.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.