شعار قسم مدونات

صوم الشياطين

blogs - gaza

شياطين خُرس ترى الظلم جهاراً نهاراً عياناً وتقبل به وتؤيده أو تسكت عنه ثم بعد ذلك تصوم وتدّعي أنها تعرف الله وتدعوه أن يتقبل منها بقولها أن اللهم إني لك صمت وبك آمنت وتظن بأن صومها سيقبل أو أن أعمالها سترفع. عجبتُ لأمركم يامن تؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعضه وتأخذون ما يناسبكم منه وتتجاهلون ما عداه أوليس الله الذي تدّعون بأنكم آمنتم به وصمتم له هو القائل في الحديث القدسي: "يا عبادي انّي حرّمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا".

 

وربما ما قرأتم أيضاً حديث نبيه صلى الله عليه وسلم: "اتقوا دعوة المظلوم وإن كان كافرا فإنه ليس دونها حجاب"، هذا إن كان المظلوم كافراً فما بالك إن كان مسلماً مؤمناً موحداً لم يفعل جريمة أو يرتكب إثما إلا أنه ربما طالب بحق سلبتموه منه أو قال كلمة حق مدافع فيها عن نفسه منكم.

هذا وربما صار الظلم مألوفاً في عصر الجنون هذا الذي نعيشه أما ما يدهشك فهو سلوك الظالمين وريائهم الزائد سواء أكانوا سلاطين ظالمين أو شركاء لهم في الظلم من دعاة رجال علم أو حتى عامة لا عمل لهم إلا لعق أحذية السلاطين وتأييد ظلمهم.

ما أكثر ما نشاهد من هؤلاء في هذا الرمضان واقعاً أو من خلف الشاشات من أشخاص اختاروا الظلم نهجا لهم أو اختاروا أن يكونوا شركاء للظالمين ولكنهم ظلوا رغم ذلك يكذبون على الله والبسطاء من العامة وعلى أنفسهم بأداء ظواهر العبادات دون روحها

ظلمةٌ تستغرب منهم أنهم يؤدون كل شعائر الله حتى تكاد تحقِر صلاتك أمام صلاتهم وصيامك أمام صيامهم وكأنهم يحاولون بذلك خداع الله وما يعلمون بأنهم ما هم بمخادعي الا أنفسهم وبأنهم ومهما بلغ مكرهم فلن يبلغ مكر خالقهم والمطلع على أعمالهم وسرائرهم وما تخفيه صدورهم.

وما أكثر ما نشاهد من هؤلاء في هذا الرمضان واقعاً أو من خلف الشاشات من أشخاص اختاروا الظلم نهجا لهم أو اختاروا أن يكونوا شركاء للظالمين ولكنهم ظلوا رغم ذلك يكذبون على الله والبسطاء من العامة وعلى أنفسهم بأداء ظواهر العبادات دون روحها والشعائر فهل يا ترى يثق أولئك فعلا بينهم وبين أنفسهم بأن صيامهم قد ثبت وأن أعمالهم ستُرفع وهم ظلمة مستبدين يقهرون الناس ظلما أو أعوانا للظلم سواء بسفك الدماء والقتل أو مشاهدة تلك الجرائم والسكوت عنها!؟

 

والسؤال الذي لم يخطر على بال هؤلاء أليست الدماء من المفطرات حسب اعتقادهم أم أنها لا تندرج تحت المفطرات ثم كيف يمكنهم أن يعيشوا هذا التناقص الكبير بين العبادة والسلوك وكيف يفعلون الكبائر أو يسكتون عن شركائهم فاعليها ثم يصومون ويصلون ويتعبدون. كيف يسكتون عن الحق ثم يصومون وما هم والله أعلم إلا الذين ذكرهم النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: "رُبّ صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش" والذين قال عنهم الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز وفي أكثر الأيات رعبا: "وَقَدِمْنَا إِلَىٰ مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُورً".

ونحن بالتأكيد هنا لا ننصّب أنفسنا مكان الله سبحانه أو نحكم نيابة عنه فهو الذي يغفر لمن يشاء ولكن الواضح وما يعلمه الجميع أن في الظلم لا تُقبل التوبة إلا حين تُرد الحقوق والمظالم إلى أصحابها وأن العبادات وشعائر الله لا تقبل إلا في هذه الحال فقد قال سبحانه في الحديث القدسي الوارد على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم: "ﺇﻧﻤﺎ ﺃﺗﻘﺒّﻞ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻣﻤﻦ ﺗﻮﺍﺿﻊ ﺑﻬﺎ ﻟﻌﻈﻤﺘﻲ، ﻭﻟﻢ ﻳﺴﺘﻄﻞ ﻋﻠﻰ ﺧﻠﻘﻲ، ﻭﻟﻢ ﻳﺒﺖ ﻣﺼﺮﺍ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﺼﻴﺘﻲ، ﻭﻗﻄﻊ ﻧﻬﺎﺭﻩ ﻓﻲ ﺫﻛﺮﻱ، ﻭﺭﺣﻢ ﺍﻟﻤﺴﻜﻴﻦ، ﻭﺍﺑﻦ ﺍﻟﺴﺒﻴﻞ، ﻭﺍﻷﺭﻣﻠﺔ".

خطورة الظلم التي لا يعلمها هؤلاء أنه ليس سببا في هلاك الاشخاص الظالمين وأعوانهم فحسب بل هو سبب في هلاك الأمم أيضا فكفاكم خداعاً لأنفسكم وكُفوا عن ظلمكم بداية وردوا المظالم إلى أهلها وتوبوا واطلبوا الصفح منهم

ﺃﻣﺎ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩ ﻣﻦ ﻇﻠﻢ ﺑﻜﻞ ﺃﻟﻮﺍﻧﻪ، ﺃﻭ ﺍﻟﺤﻘﻮﻕ ﺑﻜﻞ ﻣﺴﺘﻮﻳﺎﺗﻬﺎ، ﻓﻤﻐﻔﺮﺗﻬﺎ ﻣﺮﻫﻮﻧﺔ ﺑﻌﻔﻮ ﺍﻟﻤﻈﻠﻮﻡ، سواء كان الظلم متعلق بدم أو اغتصاب عرض أو ملك أو سجن شخص بريء كما في بلداننا وذلك أي سجن الأبرياء يُعد من أكبر أنواع الظلم فقد ﺩﺧﻠﺖ ﺍﻣﺮﺃﺓ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﻓﻲ ﻫﺮﺓ ﺣﺒﺴﺘﻬﺎ، ﻻ ﻫﻲ ﺃﻃﻌﻤﺘﻬﺎ ﻭﺳﻘﺘﻬﺎ، ﻭﻻ ﻫﻲ ﺗﺮﻛﺘﻬﺎ تأكل من خشاش الأرض فان كان حبس هرة أدخل صاحبتها النار فما بالك بحبس رجل زاهد بريء أو امرأة أو طفل وزجهم في الزنازين ظلما وعدوانا وممارسة كل أنواع التعذيب والقهر عليهم. 

هذا وقد قال ربنا سبحانه وتعالى مخاطبا من يناصر ظالماً أو يسكت عن ظلمه: "وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ". ومن خطورة الظلم التي لا يعلمها هؤلاء أنه ليس سببا في هلاك الاشخاص الظالمين وأعوانهم فحسب بل هو سبب في هلاك الأمم أيضا فكفاكم خداعاً لأنفسكم وكُفوا عن ظلمكم بداية وردوا المظالم إلى أهلها وتوبوا واطلبوا الصفح من ضحايا ظلمكم ثم صوموا بعد ذلك وصلوا ما استطعتم واعلموا أن من لم تنههُ صلاته عن الفحشاء والمنكر فلا صلاة له.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.