شعار قسم مدونات

البحث عن أجواء العيد في شوارع غزة

blogs - شموع عيد ميلاد

في مثل هذه الأيام من كل عام تكون الشوارع في قطاع غزة تعج بالمواطنين الذين يحملون مشترياتهم من ملابس وأحذية وحلويات وغيرها من الحاجيات استعدادًا للعيد، وهذه المشاهد كانت تبعث في النفس الحياة؛ ذلك أنها من الأشياء القليلة التي كانت توحي باستدامة الحياة هنا.

 

إلا أنني حينما خرجت مع أصدقائي بالأمس لنتجول باحثين عن هذه المظاهر وجدنا الناس، لكن ربما لم نجد من يحمل شيئًا في يديه، إلا أننا كنا نلحظ أن الكثيرين يحملون شيئًا آخر وهو الهموم نتيجة ظروف المعيشة الصعبة هنا بعد اشتداد الحصار الخانق على سكان هذه المنطقة المظلومة.

 

ويخرجون من منازلهم ليس للتسوق ولكن لربما هربًا من أجواء الرطوبة والحرارة العالية في المنازل خصوصًا في المناطق والمخيمات والأحياء المكتظة بالسكان، في ظل عدم قدرتهم على تشغيل المراوح والمكيفات نتيجة انقطاع الكهرباء طوال اليوم إلا ساعات قليلة ومحدودة جدًا.

 

أما أصحاب المحال التجارية الذين كانوا ينتظرون هذا الموسم ليعوضوا عن خسائرهم طوال العام، فلم يكن حالهم أفضل، فعدد الساعات التي تمر عليهم أكثر من عدد المشترين بدون مبالغة، حتى إن الكثيرين منهم لم يجلبوا أي موديلات أو تشكيلات ملابس جديدة خشيةً من الأسوأ وتعاظم الخسارة.

 

وتبقى هذه الأوضاع جزءا قليلا من معاناة الناس، ناهيك عن معاناة المرضى والمستشفيات وغيرها من القطاعات والفئات الأكثر حاجة واحتياجا للكهرباء أو السفر أو الدواء أو المال في ظل حرمان وإغلاق شامل يعيشه القطاع ويشترك في هذه الجريمة مع الاحتلال للأسف بعض العرب، والفلسطينيون من قادة السلطة أو سلطة عباس.

 

حرموا أطفالنا من طفولتهم وبهجة هذه الأيام ويهددون غزة بما هو أسوأ ولا أظن أنه بقي ما هو أسوأ إلا أن يقطعوا عنا الهواء، ضيقوا علينا ضيق الله على أنفاسهم، ويريدون لنا هزيمةً نفسية وخضوعًا من أجل تمرير كل المشاريع الرامية إلى إعادة تشكيل المنطقة وفق الرؤية الأمريكية الصهيونية.

 

على رغم الأسى كله مازال في غزة في أنفاقها وبين ثكناتها من يحفر باحثًا ومترنمًا وحالمًا بعيدٍ آخر هو عيد التحرير، فما زالوا يعدون ويستعدون دون كلل أو ملل لم تكسرهم الظروف ولم تهزم روحهم

مشكلتهم معنا ليست مشكلة على تفاصيل إدارية ولا حقوقية أو مهنية وغير ذلك مما ينشغل به البعض تدليسًا وتضليلًا، إن مشكلتهم معنا هي مشكلة وجود ومشكلة أنه بقي في هذا العالم من يقول لهم لا متمسكًا بحقوقه وأرضه وسلاحه ومقدساته، ليمثل تهديدًا وجوديًا لظلمهم الذي يتنامى كل يوم؛ لذلك يتحدث الصهاينة عن خطورة الأنفاق الزاحفة إليهم من غزة وعن الصواريخ التي يتم تطويرها كل يوم.

 

بينما المتصهينون الذين يشاهدون الاحتلال وهو يغلق الحدود والأجواء والمياه ويعلن قطع الكهرباء وأذنابه يقطعون الرواتب والدواء وغير ذلك، ويلومون على ذلك آخرين غيرهم في حالة عمى وتساوق غير منطقي إلا أنه عمى القلوب لا الأبصار.

 

وإنه على رغم الأسى كله مازال في غزة في أنفاقها وبين ثكناتها من يحفر باحثًا ومترنمًا وحالمًا بعيدٍ آخر هو عيد التحرير، فما زالوا يعدون ويستعدون دون كلل أو ملل لم تكسرهم الظروف ولم تهزم روحهم، ولا أصْدق وأدل على ذلك من دم الشهيد القائد إبراهيم أبو النجا الذي استشهد قبل أيام نتيجة انفجار عرضي وهو يطور صواريخ المقاومة وأسلحتها.

 

وها نحن نعيش بين المأساة وروح الفداء والبطولة "والله غالبٌ على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون".

 

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.