شعار قسم مدونات

التفاتة نحو الحياة

blogs الحياة

إن الحياة لمحبطة إن لم نحقق ما نطمح إليه، لقاسية إن فرت طيور الأحلام من بين أيدينا تاركة لنا ريشها العالق بين أصابعنا.. لكن التفكير المستمر في الطيور الفارة لن يرجعها لوكرها، فقط اجمع ريشها العالق بين يديك وشكل منه طيورا جديدة أبهى من سابقاتها في محاولة أخرى منك دون أدنى يأس أو استسلام. 

إن الحياة لتبعث على الملل إن ظللنا نكرر نفس الأشياء كل يوم، إن ظلت لدينا نفس الرؤية في كل مرة نصحو، أو نمنا ليلا في كل مرة بنفس الأفكار والشعور، إن لم نفكر في تغيير أنفسنا وسلوكاتنا، إن لم نغير زاوية نظرنا للأشياء والعالم من حولنا، فقط لما تصحو يوما ما باكرا اطرح سؤالا على نفسك: هل صحوت بالفعل؟ ثم بعثر أوراقك وحاول ترتيبها من جديد، ماذا ستخسر إن قلبت مفهوم كل شيء عندك إلى مفهوم معاكس؟ فقط أنظر للحياة من زاوية جديدة.

إن الحياة لأقصر عمرا إن حرمت على نفسك المتعة بسبب هاجس أقوال الناس، افعل الأشياء التي تستمتع بها بكل حرية وثقة، ولا تلتفت نحو أحد من شأنه أن يفسد صفو مزاجك، قم بفعل سلوكات جنونية، ارتكب حماقات، لا تخف من تجريب أشياء جديدة، استدعي الطفل الذي يرقد في جسدك واطلق له العنان واتركه يركض ويرقص ويغني ويضحك ويرسم، ازرع نبتة غريبة واسقيها بكل حب وحنان،  اصعد لقمة جبل لوحدك، ولما تصل اصرخ بكل ما أوتيت من قوة باعثا كل غضبك من الحياة في صرخة واحدة.

إن الحياة لخالية من المعنى إن لم ترسم طريقا واضحا لهدفك وحلمك، إن لم تتعرف على ذاتك وتغدو صديقا لها، إن لم تبحث وتعثر في الأعماق المظلمة لكيانك عن كنزك الذهبي، إن لم تسبر أغوار عوالم مجهولة، إن خلى ما تقوم به من كل نبل وسمو

إن الحياة لمؤلمة إن ظللنا نفكر بعمق ونتساءل ونطرح باستمرار السؤال القاتل: لماذا أنا؟ ونسرب الشريط الأسود لذكريات الماضي، ونرتشف المرارة في كل مرة من نفس الكأس …صحيح أنه لا مفر من مخالب الألم في هذه الحياة، لا مفر من أشواك البؤس…لكن وأنت تركض في متاهتها باحثا عن مخرج لا تكتفي بالنظر يمينا وشمالا.. بل من حين لأخر ارفع رأسك للأعلى وأنظر نحو قبة السماء، غص في الأفق وانتظر القادم، فلطالما ظل القادم أجمل…

إن الحياة لخالية من المعنى إن لم ترسم طريقا واضحا لهدفك وحلمك، إن لم تتعرف على ذاتك وتغدو صديقا لها، إن لم تبحث وتعثر في الأعماق المظلمة لكيانك عن كنزك الذهبي، إن لم تسبر أغوار عوالم مجهولة، إن خلى ما تقوم به من كل نبل وسمو، إن لم تسيطر أسود شجاعتك على خرفان مخاوفك، إن لم تطبع قصة حياتك بصمة تميز وتفرد، فقط لما ستذرف دموع الفرح ستكشف آنذاك وجه المعنى، وسيتلاشى اللامعنى خجلا من هذا الأخير.

إن الحياة لموحشة دون حب، لجافة دون تسامح، لحالكة دون فعل خير، لا تدع الكراهية تتسلل إليك وتنسج خيوطا سوداء تحجز مواطن الحب فيك وتشلها في أعماق قلبك، أحب كل من حولك، أحب كل ما تراه وما لا تراه، واستبدل من حين لآخر طيور قلبك الجريحة بطيور تشع تسامحا وتقبلا، واقتلع نبات الشر برفق أينما نبت دون كلل وازرع مكانه شجر الخير يقطف منه كل من هو بحاجة لذلك، ويسعد به كل من حولك، وكن أكيدا أنك بدورك ستقطف منه وستكون حصتك الأجمل على الإطلاق.

إن الحياة لرائعة إن رحبت بالتغيير فاتحا له الباب على مصراعيه، لمثيرة إن قررت النهوض الآن من جديد ومحاولة إتمام ما كنت تأمل إتمامه ولو في سنوات مضت منذ أمد بعيد، لشيقة إن نطق فاهك دون شك عبارة ماذا لو…؟ إن الحياة لتستحق الحياة إن اكتست حلة الأمل وصار نسيجها الطموح، إنها لتكسب معنى سام إن قررت عدم الاستسلام وأيقظت عميقا في داخلك شعلة طاقتك المتميزة، إنها لعريضة إن لونتها بالنجاح والفعل الجميل والأحداث الرائعة، …هل مازلت تود أن تستمر على هذا النحو؟ فكر مليا في ذلك…، فكل لحظة من الزمن هي وتر، كل وتر يصدر لحنا جميلا بلا شك فقط إن قررت لمسه، فاعزف أفضل ما يمكن عزفه على الأوتار القادمة.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.