شعار قسم مدونات

متى يُغلَق "باب الحارة"؟

blogs - باب الحارة

أتذكر أنني كنت في ربيعي العاشر، حين عُرِض الجزء الأول من المسلسل الشهير "باب الحارة"، أي أنني كنت في الصف الرابع الابتدائي وقت ذاك، اليوم، أقف على بعد سنة واحدة من التخرج من الجامعة، ولا زال باب الحارة مستمراً في عرض أجزائه التي أصبحت بلا طعم أو هدف، وبدلاً من أن يكون مسلسل باب الحارة عملاً عالي الجودة يحظى بثناء الجمهور، أصبح عملاً بلا قيمة ولا يحظى إلا بسخرية الجمهور وسخطهم!

في جزئيه "الأول والثاني"، كان عملٌ يستحق المتابعة، إلا أنه بعد ذلك تحول من عمل درامي إلى عمل تجاري بحت! هدفه فقط تحقيق الأرباح المادية بغض النظر عن قصة المسلسل التي أصبحت مملة وساذجة وتفتقر للحبكة الدرامية المقنعة، وبغض النظر عن الاستخفاف بعقول الجماهير والمشاهدين!

تعدد الأجزاء ليس السبب الوحيد لانحدار باب الحارة، فنحن نرى أن كاتب السيناريو تغير أكثر من مرة، فيأتي الكاتب الجديد وكأنه يؤلف مسلسلاً جديداً، وقد يغفل عن أمور كثيرة كانت في الجزء السابق "على أيام الكاتب القديم!"، فمن كان في الجزء الماضي متديناً لا يترك المسجد أبداً، هو اليوم فاسق يشرب الخمر ويصاحب النساء! ومن كان ودوداً لطيفاً أصبح شيطاناً رجيما! تغيرات جذرية غريبة تحدث على الشخصيات دون ي سابق إنذار، إذ أنك في كل جزء تشعر أنك تشاهد مسلسلاً جديداً مختلفاً " ألعن ألف مرة " من ذلك الذي عُرض العام الماضي!

كيف يفوز الثوار دائماً وخسائرهم لا تتعدى شهيدين أو ثلاثة شهداء! بينما تُهزَم فرنسا على الدوام، وتقدر خسائرها بآلاف الجنود، ولكنها إلى يومنا هذا صامدة؟ ما الذي لا يخرجها من المسلسل إذاً؟!

الغياب المفاجئ والظهور المفاجئ للشخصيات هو الشعار الرسمي لهذا العمل، أصبحت الشخصيات تظهر فجأة دون أي مبرر، وتغيب أيضاً عن المسلسل دون أي مبرر! وحتى إن ذكرت المبررات تجدها سخيفة وبعيدة عن المنطق! فـعلى سبيل المثال "جميلة " بنت الحكيم بعد غيابها لجزئين، يُذكَر أنها تسكن في "أنطاكيا"، ولا أعلم ماذا تفعل هي في أنطاكيا بينما زوجها لا زال يعمل ويسكن في حارة الضبع؟!

تبديل الشخصيات أيضاً أصبح مبتذلاً ومملاً للمشاهد، لا يبدأ الجمهور بالتعرف على شخصية جديدة حتى يتم استبدالها في الجزء الذي يليه! فيتخبط المشاهد بين الممثل القديم والممثل الجديد والذي عادة لا يتمكن من اتقان الدور، أما الذي لا يحدث في أي مكان آخر، يختلف المخرج مع ممثل، فيطرده من العمل ويقتله في المسلسل! ومع عودة المياه لمجاريها، يعود الممثل إلى المسلسل بطريقة ساذجة غير مقنعة!

دولة فرنسا العظمى، لم تكن بتلك الحماقة التي صوروها لنا! ولم يكن الجيش الفرنسي جيشاً سهلاً! يمتلك من الأسلحة والمؤهلات ما يكفي، وجنوده مدربين بطرق احترافية! لِم يتم تصويره على أنه جيش جبان غير قادر على مواجهة الثوار؟ أليست الحرب سِجال؟ أليس من المنطق أن يفوز الثوار تارة، وينهزمون تارة أخرى؟ كيف يفوز الثوار دائماً وخسائرهم لا تتعدى شهيدين أو ثلاثة شهداء! بينما تُهزَم فرنسا على الدوام وتقدر خسائرها بآلاف الجنود، ولكنها إلى يومنا هذا صامدة؟ ما الذي لا يخرجها إذاً؟!

الغياب والظهور المفاجئ للشخصيات هو الشعار الرسمي لهذا العمل، أصبحت الشخصيات تظهر فجأة دون أي مبرر، وتغيب أيضاً دون أي مبرر!

إلى متى ستستمر تلك السلسلة التي مللنا منها؟ ومتى سيقتنع القائمون على العمل أن المسلسل أصبح أشبه بنكتة قديمة كَثُر تكرارها فلم تعد مضحكة أبداً؟ هل يصعب عليهم البدء بعمل جديد وسيناريو جديد؟ أم أنهم يريدون فقط استخدام اسم "باب الحارة" ليجلبوا عدداً أكبر من المشاهدين؟! ألم يعلموا أن اسم "باب الحارة " صار مدعاة للسخرية فقط لا غير؟

ليرحمكم الله يا جماعة باب الحارة، ارحمونا! انتهى وقت العز لهذا المسلسل! انتهت صلاحيته، أصبحنا نشاهده للتسلية وللسخرية فقط! أوقفوا تلك المهزلة، لقد أخذت أكثر من حقها بكثير! أوقفوها وأنا أضمن لكم أنكم ستكونون قادرين على استعادة محبة الناس، فقط إن قمتم بإغلاق " باب الحارة "!

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.