شعار قسم مدونات

تعلموا مِن أجدادكم

blogs جدود

تتزاحمُ الأفكار كثيراً حينما نتأمل واقع هذه الحياة، وخصوصاً عندما تصل أزماتها لحد التعقيد، بل إننا نرى أحداث اليوم متقاربة إلى حدٍ ما مع بعض المحطات التاريخية، وتتشابه أيامنا كجماعات مع ماضي الجماعات القديمة رغم الاختلافات التي لا بد منها في كل زمن، وعلى صعيد الأفراد نجد خطوط متقاطعة كثيراً بين حياتنا وحياة آبائنا وأجدادنا ومن سبقونا في الحياة.

ولعلّ هذه الخطوط المتقاطعة تتطلب الوقوف أمامها كثيراً لنتعلم منها، فما الذي يُجبرنا على الوقوع في نفس الأخطاء حتى نُعيد تعلمها في ظل تجربة سابقة مُقدمة لنا على طبقٍ من ذهب! أو إنّ المرء لا يتعلمُ إلا من تجارب نفسه حتى يصل لقناعة راسخة بصحة هذا القرار؛ وهنا تكمن أهمية الاطلاع على تجارب الآخرين حتى نرى الأمور بعيون أكثر حكمة ورزانة، ونختصر على أنفسنا الوقت للوصول لأبعد ما وصل له من قبلنا، واختصار الوقت قاعدةٌ علمية للأسوياء تقول: إنّه يجب علينا أنْ نبدأ من حيث انتهى الآخرون.

وحتماً هي حقيقة يعيشها كل شخص، حينما يرى أمراً ما في العشرينات من عمره، ويُعيد رؤيته لذات الأمر في الثلاثينات من عمره، فتختلف نظرته الثانية عن الأولى لصالح الحكمة والرزانة، لذلك من الأجدر بنا أن نرى الكثير من الأشياء بعيون أجدادنا وآبائنا مع الحفاظ على الخصوصية التامة في حياة كل فرد منّا، والطريقة التي نرسمها لحياتنا وطموحاتنا.

ما أعظم أنْ نُحصّن أنفسنا بالتجارب السابقة لنصنع أمجاد قادمة تخترق جدار الواقع المليء بالأزمات والمشاكل، فتحديات الحياة لا تتوقف أبداً إنّما تتعاظم يوماً بعد يوم، ولا يكسرها سوى أن نتعلم كثيراً من الكنوز التي بين أيدينا وعلى رأسها الأجداد والآباء

ولا يعني ذلك أنْ نكون نسخة كربونية عن حياة أجدادنا وآبائنا ومن نقتدي بهم، فلا بد أن يكون لك شخص بصمته الخاصة والطريقة التي تناسب حياته، وهذا لا يتعارض بالمطلق مع دعوتنا للاستفادة والتعلم من التجارب السابقة، وليس كل ما هو سابق جدير بأنْ يُطبق اليوم، بل إنّ العلم به لازم وتطبيقه يعود لظروف الشخص نفسه، فالاستفادة من التجارب لا ينقص استقلاليتنا واتخاذنا لحياة خاصة مختلفة عن الماضي.

فما أعظم أنْ نُحصّن أنفسنا بالتجارب السابقة لنصنع أمجاد قادمة تخترق جدار الواقع المليء بالأزمات والمشاكل، فتحديات الحياة لا تتوقف أبداً إنّما تتعاظم يوماً بعد يوم، ولا يكسرها سوى أن نتعلم كثيراً من الكنوز التي بين أيدينا وعلى رأسها الأجداد والآباء، فإنّهم نعمة يفتقدها الكثير، وعلينا أنّ نُسرع إليهم لنتعلم منهم ونخصص لهم أوقاتاً ممتدة للاستفادة من حديثهم وتجاربهم.

هي دعوةٌ لنتعلم من أجدادنا وآبائنا ونستطلع حياتهم عن قرب، فسنجد عندهم الإجابة للكثير مما ازدحمت به أفكارنا وتحيرت به قراراتنا، فهم كنزٌ معرفي ومخزون ثقافي صنعه الزمن على مدار سنين متعددة لم تخلو من الأزمات التي نعيشها بل ربما أشد؛ هي دعوةٌ لمضاعفة مصادر علومنا للنهض بأنفسنا وبمجتمعاتنا وزمننا نحو الأفضل، بالرغم من الظلام الذي يُحيط بنا في كل جانب، فخيرُ جليسٍ في هذا الزمن أجدادنا وآبائنا ومن ثمّ الكتاب.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.