شعار قسم مدونات

الهيمنة الثقافية

مدونات - مكتبة تركيا

أقرأ حول هذا الموضوع منذ فترة.. بحثت كثيراً هذا الشهر حول الأندلس، وقارنتها بحالنا اليوم. الأندلس حضارة عظيمة وفي نفس الوقت تحمل نهاية مريرة كما وأنها تعكس حالة الإنسان المعاصر أيضًا. أين يعيش البشر الآن؟ ألفت انتباهكم إلى أمر مهم. نحن نعيش في أشباه مدن، المباني شاهقة في كل مكان من حولنا، ولكننا نغرق. توجد حرب، وهناك جوع ولا نستطيع أن نحصل على ما يكفينا والأطفال يموتون في كل مكان. كأن كل شيء يعمل كالآلة، والإنسان جزء منها. نختلف سويًا دائمًا، وينتقد كل منا الآخر، فيتكون العداء بداخلنا.

انظروا، هل ظهر مؤخرًا من بيننا مفكر مثل ابن خلدون أو ابن رشد؟ لا لم يظهر. كنا نحيا في سلام، فماذا حدث لنا؟ أين حضارتنا؟ أين الأندلس؟ أين أنتم يا مسلمين؟ أين أنتم يا شباب؟.. كلهم غائبون. نحن نعيش محاصرين داخل دائرة كالسجناء. نقول دائماً، أليس المسلمون أخوة؟ إن صلاتنا مشتركة نقية ولكن قلوبنا بعيدة، نحن منهكون نحن جميعًا عبيد جدد ومعظمنا لا يقرأ الكتب، مع أننا من علمَ العالم الذهاب إلى المكتبات، اكتشف العالم أمريكا من كتبنا.

كيف حال الثقافة الآن في تركيا؟ معدلات القراءة في ارتفاع، ولكنها قليلة مقارنة مع الغرب. الأدب قوي جدًا هنا، هناك العديد من المجلات الأدبية والشباب المهتمين جدًا به.

انظروا إلى التاريخ، انظروا إلى المراجع. سترون حكمة الحضارة، ولكن لو نظرتم الآن إلى أحوالنا!.. أتعلمون ماذا سترون؟ شباب لا يعرفون إلى المكتبة سبيلا. نحن بداخل دائرة تتقلص كل يوم، وسنختنق بداخلها، سنتمكن من الخروج منها فقط بالعلم والمعرفة. أولئك الذين لا يستطيعون الخروج من الدائرة، هم غير منصفين وجهلاء. يترعرع الانحطاط الثقافي يوم بعد يوم، فنحن تحت هيمنة ثقافية، وهذا يجعلنا بلا عقل و يخلق بشراً بدون أيديولوجية.

عندما ننظر إلى الفترة العثمانية نرى نفس الثراء الثقافي، من كتب وترجمة وشعر وما شابه ذلك.. كانت تتكون اللغة العثمانية من حروف عربية، وكانت لغة مختلطة، فيها العديد من الكلمات من الفارسية والعربية. في ذلك الوقت كانت توجد مراكز للترجمة مثل بيت الحكمة. وفي آخر فترة من الدولة العثمانية، كان ديوان الأدب مشهورا وكانت حركة الترجمة مزدهرة، ولكن فيما بعد تأثرت تركيا بالأدب الفرنسي، ومن ثم حدثت ثورة الحروف؛ وهي تحويل الحروف من العربية إلى اللاتينية.

استيقظت ذات صباح وترجمت الأحرف اللاتينية إلى العربية. واكتشفت أن تركيا تضررت جدًا من هذه الثورة اللغوية. أصبحنا جهلاء بين ليلة وضحاها، وكأن تركيا انهارت بعد الأبجدية اللاتينية. لا تزال في اللغة التركية العديد من الكلمات العربية والفارسية. لكننا لا نستطيع أن نقرأ الكتب التي تركها لنا أجدادنا، كم هو شيء محزن..

كيف حال الثقافة الآن في تركيا؟
معدلات القراءة في ارتفاع، ولكنها قليلة مقارنة مع الغرب. الأدب قوي جدًا هنا، هناك العديد من المجلات الأدبية والشباب المهتمين جدًا به. كما أن أدب ما بعد الحداثة في رواج. القراءة ستأخذنا للتو إلى النور. فدعونا نقرأ ونفكر! أعان الله المسلمين وزود من علمهم.

رمضان مبارك!

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.