شعار قسم مدونات

"حلف الأحزاب" الجديد.. قطر المستهدف، فلسطين الهدف

blogs الأمير تميم و خالد مشعل

كان يأمل المحللون والمتابعون لأوضاع المملكة تغيْرا في الدبلوماسية الخارجية بعد وفاة الملك عبد الله وخلافته بالملك سلمان. كانت أولى العلامات البرودة في التعامل مع نظام الانقلاب وعودة العلاقات الطبيعية مع حركة حماس بالزيارة التاريخية لقيادة المكتب السياسي للملك الجديد. أردفت هذه الخطوات توجه صادق من الملك سلمان لتقوية الساحة السنية بتحالف صلب مع تركيا ظهرت لنا بشائره الأولى. انتهت فترة أوباما وصعد الرجل الأبيض بمشروعه اليميني المتطرف القائم على النبؤات الإنجليكانية.

 

لم تكن السعودية خارج حملة ترمب الدعائية لفوزه في الرئاسيات الأمريكية. التصريحات الدعائية العدائية المذلة من طرف ترمب التي حملت في رحمها الإهانة الكامنة بوصفها ب "البقرة الحلوب" لكن العبارة الراسخة التي جعلت السعودية المحتمية بسيدتها الولايات الأمريكية والمبتغية العزة فيها هي التي قذفها ترمب في قلوب القيادة السعودية "الدولة الغنية التي لا تدفع ثمن حمايتها". لقد هرولت السعودية تثبت عكس المقولات فما لبثت أن استقبلت السعودية رجل البيت الأبيض الجديد وجهزت له الموائد السياسية الثلاث كقرابين بين يدي سيد العالم الحليف ودفعت الثمن الباهض معتقدة الحماية في كيان دولة ترمب.

كان إعلان الوثيقة السياسية لحماس التحدي الأكبر الذي نجحت فيه قطر ضمن الضغوطات الكبيرة التي كان للإمارات دور كبير حتى أنها ألغت قبل الدقائق الأخيرة المؤتمر في الفندق الإماراتي الذي كانت قد حجزته قيادة حماس لإعلان الوثيقة

لقد كانت القمم الثلاث المركزية بين السيد والأتباع المتوددين نقلة جديدة بهدف رسم واقع جديد للمنطقة لاسيما وأن الخرجة الأولى لترمب كانت للمنطقة والأكثر ألما أنه مهد بها أو اخذ بها شيكا على بياض لتطبيق مشروعه وأكمل السفرية بزيارة المستفيد الأكبر من رحلة السياحة والسيادة والسيطرة. كانت علامات التحول ظاهرة منذ الدقائق الأولى بالحرب الإعلامية المبيتة غداة فبركة تصريحات لأمير قطر تميم بن حمد بعد قرصنة مدروسة للوكالة القطرية "قنا" وخروج الآلة الإعلامية لقادة الحرب الإعلامية عن المهنية والاحترافية في التأكد من صحة الخبر حتى أنها ظلت تسوق البهتان رغم نفي المستهدف. لقد أظهرت الحملة العشواء طرف حبل المكيدة المخطط له لحجم قطر عن القيام بدورها الرئيسي كحام للشرعية الثورية للشعوب المضطهدة وحاضنة رسمية للمقاومة المشروعة في فلسطين للانعتاق من المحتل واسترجاع المقدسات الإسلامية المسلوبة.

لطالما كانت الإمارات ونظامها الدولة التي تقود بها الولايات المتحدة أجندتها في المنطقة سواءا في مصر ابتداء من خلال الرز الإماراتي الذي قدمته للإطاحة بأول رئيس مدني بشرعية شعبية، مرورا بالخطوات المريبة والمكشوفة للإمارات في الأزمة الليبية من خلال رشوة المبعوث الأممي برناردينو ليون. إلى دعم انفصال اليمن بهدف السيطرة على مناء عدن وباب المندب. لقد ظلت الإمارات تصور نفسها أمام السلطات الأمريكية المتعاقبة أنها الدولة العربية الحليفة وبل المشروع الأول لأجل شرق أوسط جديد.

ظلت هذه الخطط في عداد التحريات إلى أن تأكدت من خلال الترسيبات الخطيرة للعلبة السوداء لنظام أولاد زايد، السفير الإماراتي يوسف العتيبة. رجل الإمارات الأكثر سحرا في واشنطن الذي كان رأس الحربة في الخطط الإماراتية للضغط على الإدارة الأمريكية حتى من خلال إفساد صورة الحلفاء "السعودية". في الوقت الذي كنا ننتظر انتفاضة سعودية تجاه التسريبات التي قدمت صفعة كبرى من الحليف الأول في التحالف العربي. رأينا كيف حولت السعودية الأنظار عن التسريبات -التي افتخرت بها مصادر إماراتية- بل عجلت بتنفيذ المخطط المبيت له بعد انكشاف فصوله مذكرة لنا بخطط الانقلابات المنكشفة آخرها الانقلاب الفاشل في تركيا الذي قدم توقيت تنفيذه والذي لعبت فيه الإمارات دورا هاما بالتنسيق مع غولن بوساطة من مستشارها دحلان.

انكشف مخطط ترمب الذي أصبح ينفذ بالوكالة عبر أيادي عربية التي اختارت ذكرى النكسة البشعة لها مع الكيان الصهيوني لتسويق مشروعها الجديد. الأخطر في الأحداث ليس محاولة الإمارات حصار المقاومة الفلسطينية لأن ذلك مهمتها التي لطالما أجادت تنفيذها بدءا من الدعم الاستخباراتي والسياسي الذي قدمته للكيان الصهيوني لمحاصرة غزة صارفة ثورة مالية كبيرة.

 

أولا من خلال دعم مشروع التهويد في القدس من خلال تحويل منازل البلدة القديمة لمنظمات يهودية بعد شراءها بمبالغ باهظة من رجال الأعمال الإماراتيين بتأكيد من الشيخ رائد صلاح رئيس الحركة الإسلامية في الداخل الفلسطيني. لكن الأخطر هو التحول الخليجي بقيادة السعودية من موقف السكوت عن وضع ترمب لحركة المقاومة الإسلامية حماس في قائمة المنظمات الإرهابية التي يسعى لتجفيف منابعها إلى موقف التحقيق والتنفيذ من خلال قتل الدور العظيم لقطر في دعمها لفلسطين شعبا وفصائل بجهدها الديبولوماسي أثناء الحرب الإسرائيلية على غزة أو من خلال الوساطات بين الفصائل بهدف تسريع المصالحة التي أفرزت اتفاق الدوحة 2012. 

إن قطع العلاقات مع قطر هو بداية مشروع صياغة خارطة سياسية جديدة للمنطقة مع حسم كامل للقضية الفلسطينية بحصار ديبلوماسي سياسي على حركة المقاومة الإسلامية وحاضنتها السياسية دولة قطر وقيادتها الناضجة

لقد كان إعلان الوثيقة السياسية لحماس التحدي الأكبر الذي نجحت فيه قطر ضمن الضغوطات الكبيرة التي كان للإمارات دور كبير حتى أنها ألغت قبل الدقائق الأخيرة المؤتمر في الفندق الإماراتي الذي كانت قد حجزته قيادة حماس لإعلان الوثيقة.

إن قطع العلاقات مع قطر هو بداية مشروع صياغة خارطة سياسية جديدة للمنطقة مع حسم كامل للقضية الفلسطينية بحصار ديبلوماسي سياسي على حركة المقاومة الإسلامية وحاضنتها السياسية دولة قطر وقيادتها الناضجة. وهي الصورة التي أبهجت القيادات السياسية الإسرائيلية التي وصفت خطوات "حلف الأحزاب الجديد" بالإيجابية في ذكرى النكسة. 

في ذكرى ضياع المقدسات تركب السعودية ودول "حلف الأحزاب الجديد" نفس القارب مع الكيان الصهيوني -حسب وزير الحرب الصهيوني الأسبق موشيه يعلون-. القارب الذي سيقود التحالف العربي الجديد لقتل القضية الفلسطينية. في ظل هذه الأحداث نحن على يقين أن الخطط السياسية الظالمة الموجهة لقتل صمود الشعب الفلسطيني وحقه في مقاومة المحتل سترتد على واضعيها. لأن سنن الله الكونية هي المسيرة للأحداث. تشتد الأزمة لتنفرج وتزداد المؤامرات لتقوى الأمة الإسلامية. الباطل إلى زوال والعاقبة للمتقين.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.