شعار قسم مدونات

الموتى السائرون.. تناول مختلف لـ«الزومبي»

blogs - الزومبي
مسلسل الموتى الأحياء أو The walking Dead من المسلسلات الأكثر مشاهدة في العالم، في السنوات القليلة الماضية، تدوره أحداثه هو ضابط شرطة يتعرض إلي حادثة طلق ناري، ويستيقظ من الغيبوبة في المستشفى، ويكتشف أنها خالية من البشر، وعندما يخرج من المستشفى يرى الموتى السائرون للمرة الأولى، فيركض إلي منزله ولا يجد زوجته وابنه، وقبل أن يفيق من الصدمة يقابل جاره الذي يخبره أن العالم أوشك على الإنتهاء، والموتى السائرون في كل مكان يهاجمون البشر لعضهم أو أكلهم، ويبدأ الفرار والذي يستمر لسبع مواسم، كل موسم بشخصيات جديدة، أو تطور جديد للشخصيات الرئيسية.

undefined

عندما بدأ عرض المسلسل، وكلما قرأت عنه ، أشعر برفض داخلي لمشاهدة المسلسل بسبب الملل من مشاهدة الأفلام التي تدور حول « الزومبي» والتي طالما كانت مقززة وخاوية من القصص الدرامية جيدة الحبكة، ولكن في النهاية، ومنذ شهرت بدأت مشاهدة المسلسل، لأجد أنه يختلف بعض الشيء عن الأعمال الفنية التي تناولت فكرة نهوض الموتى أو الزومبي.

 

في البداية، لا تظن عندما أقول مختلف، أنه لا يحتوي على مشاهد مؤذية للنفس والمعدة، في النهاية المسلسل يحمل أسم الزومبي وعشاق هذا النوع من الرعب المعوي يجب أن يجدوا ضالتهم عندما يشاهدوه ،وهذا ما أدركه صناع المسلسل، وقدموه على طبق من ذهب لمحبي الأحشاء الممزقة، ففي الحلقات الأولى من المسلسل، اضطرت مجموعة من الناجيين،  أن يخرجوا أحشاء أحد الموتى السائرون الذي استطاعوا قتله، ويلطخون أجسادهم بها حتى يسيروا وسط الزومبي دون أن يشموا رائحة الأحياء بينهم، وقد كان هذا المشهد تحذير واضح لأصحاب القلوب الضعيفة والإمعاء الحساسة، ألا يتابعوا المسلسل.

 

إذا لم تكن شاهدت هذا المسلسل بسبب كرهك للزومبي وهذا النوع من الرعب المعوي، فربما عليك أن تشاهده لما يحتويه من دراما جيدة، وتجسيد واقعي لرغبة الانسان الدائمة في ممارسة الحروب

ومع أن هذا النوع من الرعب المعوي تكرر كثيرًا خلال المسلسل، إلا أنه يحتوي على خطوط درامية جذابة، وبناء تصاعدي محكم  للشخصيات الرئيسية  بالمسلسل، وكيف يمكن للشخص المتزن أن يفقد صوابه في ظل ما يراه من وحشية، وخطر الموت يهاجمه كل يوم، وكيف يمكن لطفل أن يصمد بعد أن أضطر لقتل أمه حتى لا تتحول إلي زومبي بدورها، وكيف يمكن لضابط متزن، وذو مباديء أن يتحول لشخص يركض بعيدًا عن بشر يطلبون منه المساعدة، وبعد أن كان يحافظ على بلدة كاملة هو المأمور الخاص بها، تحول إلي شخص لا يهمه سوى نجاة أسرتهم واصدقائه فقط، أما الباقي من البشر والزومبي هم أعداء.

 

شخصية ريك بطل المسلسل والذي قام بدوره الممثل اندرو لينكولن، تمر بتطورات درامية تم حبكها بذكاء هو أقرب للواقع، في بداية المسلسل بعد أن عثر ريك على زوجته وابنه مع بعض الناجين، كانت شخصيته لم تتغير بعد، يحاول مساعدة كل البشر، لا يرتكب الأخطاء، ورغم إنهيار الحضارة إلا أنه ظل يحافظ على انسانيته، ولكن للأسف تلك الطريقة المثالية، في هذا العالم الوحشي لم تنجيه طوال الوقت.

 

 ولذلك  مع تقدم مواسم المسلسل، تبدأ شخصية ريك في التطور والتأرجح بين رغبته في السلام، وتربيته لابنه بعيد عن الأسلحة النارية والقتل، ومع الظروف التي تفرض عليه إستخدام الوحشية حتى لا يفقد ابنه كما فقد زوجته، فتجده في مرة يقرر أن يكون مزارع ويبحث عن مكان آمين له ولمجموعته التي أصبحت أسرة له، ومرة أخرى عندما هدده أحد قطاع الطرق بقتل ابنه، يتحول إلي وحش أشد شراسة من الزومبي، ويمزق باسنانه رقبة الرجل، وأمام أعين ابنه واصدقائه المندهشة والخائفة، قام بتمزيق ثلاث رجال اخرون لم يجدوا وقت ليهاجموه تحت تأثير المفاجأة.

undefined

كارول والتي قامت بدورها الممثلة ميليسا ماكبرايد، بدأ المسلسل وهي ربة أسرة مقهورة، يضربها زوجها دون أن تدافع عن نفسها، وكل ما يهمها في الحياة هو الحفاظ على ابنتها، التي يقتلها الزومبي، لتبدأ شخصية كارول في التطور، خاصة بعد قتل زوجها بيدها عندما تحول إلي زومبي، لنرى ربة الأسرة ذات الملامح البريئة الطفولية، وهي تتحول تدريجيًا في ظل الظروف الحالكة التي يمرون بها، إلي شخصية قادرة على قتل الأطفال، وحرق المرضى الذين يهددوا سلامة مجموعتها، والهجوم على معكسر كامل بمفدردها لإنقاد اصدقائها، والنجاة في الغابات وحدها.

 

قدم المسلسل في الموسم الرابع، بطولية درامية جماعية، في هذا الموسم صعب عليك أن تجزم أن الضابط ريك هو بطل المسلسل، فربما تمر حلقة كاملة دون أن يظهر في الأحداث، وهذا لأن المجموعة تفرقت في الغابات اثناء الهروب من هجوم خارجى دمر معسكرهم، فكان الموسم الرابع عبارة عن اكثر من ثلاث خطوط درامية، لكل مجموعة حتى وصلوا في النهاية إلي نقطة تلاقي.

 

إذا لم تكن شاهدت هذا المسلسل بسبب كرهك للزومبي وهذا النوع من الرعب المعوي، فربما عليك أن تشاهده لما يحتويه من دراما جيدة، وتجسيد واقعي لرغبة الانسان الدائمة في ممارسة الحروب حتى وأن كان العالم على وشك النهاية، إلى جانب الإسقاطات السياسية والاجتماعية والتي تناولها المسلسل بشكل مجرد.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.