شعار قسم مدونات

منذ متى والأقصى في خطر؟

blogs - رجل من اليهود يقف أمام الأقصى
الأقصى في خطر، مقولة تتردد على ألسنة العامة من الناس والسياسيين والتنظيمات والفصائل الوطنية كلما تعرض المسجد الأقصى المبارك لحالة من التهديد، كاقتحامات المستوطنين لساحاته، أو كلما زادت الحفريات من تحته، أو إذا تم منع المصلين من دخوله وتحديد أعمار المصلين، ما يشكل استبعادا لأهل الأقصى عن الأقصى المبارك. وأخيراً ما جرى من إغلاق له، ومن ثم وضع البوابات الإلكترونية على أبوابه ومداخله. فمنذ متى والأقصى في خطر؟
المسجد الأقصى المبارك تحت الاحتلال وهذا بحد ذاته خطر، لا بد من العمل على إزالته، فهو تحت سيادة كيان يهود وسيطرتهم، وهذا ما يستوجب أن تكون الحالة الشعورية دوما تجاه المسجد الأقصى المبارك بحالة من الغليان والسخونة، ولا يمكن أن تنتقل تلك الحالة الشعورية إلى البرودة مطلقاً، إلا عند زوال ذلك الخطر الأكبر الذي تفرعت عنه الأخطار الصغيرة من اقتحامات وحفريات وإغلاقات وبوابات إلكترونية، فكيف يمكن أن يزول هذا الخطر عن المسجد الأقصى المبارك؟ أي كيف يمكن أن تزول سيادة كيان يهود عن المسجد الأقصى المبارك؟

إن الحديث عن المسجد الأقصى المبارك يعني الحديث عن فلسطين، فالقضية واحدة لا يمكن الفصل بينهما بتاتا؟ فلسطين والمسجد الأقصى المبارك وقعا في دائرة الخطر منذ هدمت دولة الخلافة العثمانية التي كانت تحميه وترعاه، فالسلطان عبد الحميد الثاني ومواقفه البطولية تجاه فلسطين التي لا يمكن أن ينساها أي متابع لقضية فلسطين وتاريخها محفورة في ذاكرة المسلمين والأعداء، فهو صاحب المقولة المشهورة "إنكم لو دفعتم ملء الدنيا ذهبًا، فلن أقبل، إن أرض فلسطين ليست ملكي إنما ملك للأمة الإسلامية"، الكلمات السابقة كانت رسالة السلطان العثماني، عبدالحميد الثاني، لتيودور هرتزل مؤسس الصهيونية عندما طالبه بمنحه أرض فلسطين لتكون وطنًا قوميًّا ليهود العالم. تلك المواقف هي التي منعت وقوع فلسطين والمسجد الأقصى المبارك في دائرة الخطر.

الأقصى في خطر منذ أصبحت قضيته قضية عربية ثم فلسطينية ثم سلطوية وأقصي البعد الإسلامي. الأقصى في خطر منذ هدمت دولة الخلافة الإسلامية التي فتحته على زمن عمر ابن الخطاب وحررته على يد صلاح الدين الأيوبي، وحافظت عليه في عهد السلطان عبد الحميد الثاني.

كلمات السلطان عبد الحميد الثاني كانت واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار، فلسطين ليست ملكي إنما ملك الأمة الإسلامية، فإذا تم التعامل مع القضية على أنها قضية امة عريقة لها تاريخها الحافل بالانتصارات والإنجازات، فإن موازين القوى والمعادلات السياسية تجاه تلك القضية ستتغير وتنقلب رأسا على عقب، فهي ليست قضية مقتصرة ومحتكرة على أهل فلسطين والأردن، وليست القضية محصورة في منظمة التحرير الفلسطينية وما انبثق عنها من السلطة الفلسطينية التي اعترفت بكيان يهود وتنازلت عن 78 % من أرض فلسطين، وهذه القضية ليست خاصة بفصيل أو حركة، إنما هي لكل المسلمين، فالمسلم في الباكستان والهند وتركيا والمغرب وتونس والجزائر وموريتانيا له حق في فلسطين والمسجد الأقصى المبارك لهم الحق فيه كما لهم في مكة المكرمة والمدينة المنورة.

فإذا كانت القضية قضية الأمة الإسلامية، فهذا يقتضي أن يتولى أمر هذه القضية من ينوب عنها ومن تختاره لحل تلك القضية، ومن الواضح أن الحكام والهيئات والفعاليات والدول وكل مؤسسات الأنظمة العربية والإسلامية بما فيها الجامعة العربية والإسلامية، لا يمكن أن تلبي طموح الأمة الإسلامية في الحل الذي ترتضيه لفلسطين وما يليق بالمسجد الأقصى المبارك لإزالة الخطر عنه، وهو إزالة السيادة والسيطرة اليهودية على الأقصى وفلسطين من خلال تحريره تحريرا كاملا، وهو الحل الشرعي الإسلامي الذي لا يقبل أن تغتصب أرض المسلمين ومسرى النبي محمد صلى الله عليه وسلم، لذلك كان لا بد من إدراك ما يلي:

1- قضية فلسطين والمسجد الأقصى المبارك قضية الأمة الإسلامية.
2- زوال الخطر عن فلسطين والأقصى لا يكون إلا بتحريره كاملا من خلال الأمة الإسلامية وجيوشها.
3- الأمة الإسلامية تحتاج إلى من ينوب عنها ليتخذ القرار الجريء صاحب الإرادة الصلبة والعزيمة التي لا تضعف.

وللإجابة عن سؤال المقالة، منذ متى والأقصى في خطر؟
الأقصى في خطر منذ أصبحت قضيته قضية عربية ثم فلسطينية ثم سلطوية وأقصي البعد الإسلامي. الأقصى في خطر منذ هدمت دولة الخلافة الإسلامية التي فتحته على زمن عمر ابن الخطاب وحررته على يد صلاح الدين الأيوبي، وحافظت عليه في عهد السلطان عبد الحميد الثاني. الأقصى في خطر منذ بدأ الحكام بوضع حلول تنازلية تقبل قسمة فلسطين على اثنين وعلى رأسهم المفاوض الفلسطيني.

وفي الختام:
إن المسجد الأقصى المبارك يحتاج إلى رجل كالسلطان عبدالحميد الثاني في مواقفه وحمايته، ويحتاج إلى رجل كصلاح الدين الأيوبي ليحرره ويعيد له قدسيته وطهره، وخليفة كعمر بن الخطاب يحكم بما أنزل الله.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.