شعار قسم مدونات

أنقذوا هشام جعفر ومن معه

blogs - هشام جعفر

من وحي نقاش مع صديق حول إصرار النظام المصري المختل على وضع جميع أعدائه في سلة واحدة، والتنكيل بهم دفعة واحدة، والمساواة في قتلهم بالبطيء، دون ملامح لخريطة كيف يفكر هذا النظام تجاه خصومه!

 

هذه ليست دعوة لانتهاك مجموعة ما أكثر من مجموعة أخرى، فلكل إنسان كرامته وإنسانيته المحفوظة بالقانون والعرف والأديان وكافة المواثيق التي توافق عليها البشر في العصر الحديث، وبما إننا أمام النظام المصري الذي لا يعترف بدستور ولا يُقر بقانون ولا يعرف موضعًا لأديان في عرفه أو مواثيق تحفظ حقوق البشر، فإننا نحاول أن نسأل -عبثًا- عن منطق الأشياء في عالم اللامنطق.

 

هشام جعفر باحث وصحفي مصري معتقل منذ سنتين تحت ما يُعرف بالحبس الاحتياطي دون محاكمة (نظام الحبس الاحتياطي في مصر أشبه بالاعتقال الإداري لدى الكيان الصهيوني، وهو بديل جيد ابتكره نظام السيسي لنظام الاعتقال السياسي بأوامر من السلطات الحاكمة، بحيث يعتقل الشخص ويسجن بقوة مفترضة من القانون على ذمة اتهامات هُلامية، وقد تم تغيير قانون الحبس الاحتياطي ليصبح بلا سقف أو حد يوضع الشخص من خلاله تحت رحمة الأجهزة الأمنية لتقرر تجديد حبسه دوريًا دون تقاضي حقيقي).

 

أنا عاجز عن فهم خطورة هشام جعفر كمريض معتقل وغيره من كبار السن وأصحاب المرض المزمن، والمئات بهذه الصورة في غياهب السجون على النظام، حتى يرفض الإفراج الصحي عنهم، أو حتى وضعهم تحت الإقامة الجبرية في منازلهم
أنا عاجز عن فهم خطورة هشام جعفر كمريض معتقل وغيره من كبار السن وأصحاب المرض المزمن، والمئات بهذه الصورة في غياهب السجون على النظام، حتى يرفض الإفراج الصحي عنهم، أو حتى وضعهم تحت الإقامة الجبرية في منازلهم
 

هذه حالة من مئات وآلاف حالات المعتقلين المصريين في السجون، على اختلاف أطيافهم وتنوعاتهم الفكرية والأيديولوجية، يتعرضون في غالبيتهم الساحقة لنفس التنكيل والتعذيب، والإصرار على الإذلال بلا هوادة، التكفيري بجانب السلفي الجهادي بجانب الإخواني، مع الليبرالي والعلماني، بجانب الشيوعي، ولا ننس " اللي ملهمش فيها" اختلفوا خارج أسوار السجون، وجمع بينهم جلادو السيسي تحت السياط.

 

الجميع يشتكي من مسألة الرعاية الصحية المتدنية في كافة السجون المصرية والمعتقلات، الجميع يشتكي من حالات التعذيب في السجون وفي أقبية أمن الدولة، وقد وثقت ذلك تقارير دولية عدة، لا فرق بين مصري وآخر، فقط هنا يُساوي السيسي بين المصريين جميعًا.

 

نقلت أسرة الصحفي هشام جعفر مؤخرًا أنه أثناء عودته من جلسة تجديد حبس بتاريخ 12 سبتمبر الماضي تم الاعتداء عليه من قبل قوات الأمن وإحداث إصابات به

نتساءل لطالما وضع السيسي التيارات الإسلامية بكافة تنوعاتها شديدة التعقيد في مرمى الخصومة الفاجرة، واتهمها بـ "الإرهاب" وخلق منها الفزاعة، ونكل بأعضائها في السجون تحت هذه الذريعة بلا قانون أو شبه قانون، فما الداعي لوضع بقية خصومه في هذه الدائرة الجهنمية من العذاب والتنكيل؟! أو السؤال بمعنى آخر ما الذريعة للتنكيل بالبقية؟

 

وأؤكد مرة ثانية أني هنا أتساءل فقط عن منطق الأشياء التي يفعلها النظام مع إدانتنا الكاملة لها بحق أي إنسان، وبما إن الصحفي هشام جعفر رجلًا ليس حركيًا وبلا تنظيم، ولا ينتمي للتيار الذي قرر السيسي استئصاله بوحشية منقطعة النظير، بل إن جعفر له خلافات جذرية عميقة مع هذا التيار، ورجل يشجع على الحوار، وينبذ العنف وله باع في ذلك، ولديه تواصل فوق الممتاز مع مؤسسة الأزهر، ويعمل في الحقل المدني منذ سنوات أمام كافة أعين الأمن، فكيف يُصر النظام على تعذيبه وقتله بالبطيء؟!

 

كنا نرى مشاهد التعذيب في الأفلام من أجل نزع اعتراف أو ما شابه، أما بالنسبة لحالة هشام جعفر حاليًا لماذا يُعذب ويتعرض لهذا التنكيل؟، هل مطالب باعتراف معين؟، لماذا يُعامل بكل هذه القسوة ويحرم من أبسط حقوقه داخل محبسه، حتى فقد الجزء الأكبر من بصره تحت سياط الإهمال الطبي المتعمد.

 

لقد نقلت أسرة الصحفي هشام جعفر مؤخرًا أنه أثناء عودته من جلسة تجديد حبس بتاريخ 12 سبتمبر الماضي تم الاعتداء عليه من قبل قوات الأمن وإحداث إصابات به.

 

بالله ما منطق الاعتداء على سجين يُعاني من أمراض مزمنة أحدها قد يُصيبه بالعمى الكامل (أعلم أنه سؤال موغل في السذاجة)، لكن لابد أن نفهم لماذا يقوم ضابط أو فرد أمن بالاعتداء على هشام جعفر وكل من هو مثله، ماذا يكسب النظام من حالة الاستباحة هذه للجميع وبدون رادع.

 

يُريد النظام بما يفعله مع هشام جعفر وغيره أن يرتكب جريمة قتل متكاملة الأركان داخل المقابر التي يسميها سجون، إننا نكتب من أجل نقل وقائع جرائم قتل مع سبق الإصرار والترصد تتم مع جعفر وكل هشام جعفر داخل المعتقلات المصرية

أنا عاجز عن فهم خطورة هشام جعفر كمريض معتقل وغيره من كبار السن وأصحاب المرض المزمن، والمئات بهذه الصورة في غياهب السجون على النظام، حتى يرفض الإفراج الصحي عنهم، أو حتى وضعهم تحت الإقامة الجبرية في منازلهم، مع السماح لأسرهم بتحمل نفقات علاجهم.

 

أنا أتصور أنا هذا لن يؤثر على قوة النظام ولا هيبته ولا صورته، بل على العكس يمكن أن يستغل هذا لمحو جزء من صورته الإجرامية أمام كافة العالم، ولكننا من نناشد ومع من نتحدث؟!

 

هؤلاء مختطفون تحت قوة السلاح، ولا أرى توصيفًا يليق غير ذلك، هذه أعمال عصابات سادية مرعبة، تفنن في أساليب القتل، تربية للأمراض داخل أجساد المعتقلين، كارت أخضر من النظام الدولي، تحذيرات مدنية خارجية بلا قوة حقيقية لا تملك سوى أن تفضح وجه هذا النظام "المفضوح" سلفًا.

 

يُريد النظام بما يفعله مع هشام جعفر وغيره أن يرتكب جريمة قتل متكاملة الأركان داخل المقابر التي يسميها سجون، إننا نكتب من أجل نقل وقائع جرائم قتل مع سبق الإصرار والترصد تتم مع جعفر وكل هشام جعفر داخل المعتقلات المصرية، تلك الجرائم ليست متخيلة ولا مجاز، ويقع ضحيتها من لا يمثل أدنى خطر على هذا نظام السيسي، هي تحدث بينما أنتم تقرأون هذه الكلمات من منطق إنزال العقاب فقط لا غير، ولا زلنا نردد "أنقذوا هشام جعفر ومن معه" لأجل أن نقولها وفقط، ولا ندري لمن نوجهها.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.