شعار قسم مدونات

الأكراد والقوميات الثلاثة!

مدونات - الأكراد كردستان مسعود برزاني

إن توجه الأكراد نحو الانفصال وإنشاء دولة قومية لهم، هو نتيجة محتمة لسياسات الحكام العرب الاستبدادية القائمة طوال العقود الماضية على القومية العربية في كل شيء. حتى في غرف النوم، إذ تعرض الأكراد فيها لسياسات طمس الهوية وتعريب لغتهم ومعالم هويتهم وصولا إلى أسماء أطفالهم.

فكردستان العراق صبر كثير على الدولة العراقية بعد سقوط نظام صدام حسين الذي سقاهم الكيماوي علقما. وحتى اليوم لم تتصالح المكونات العربية داخل العراق الفوضوي السائر في نهج الاقتتال الداخلي الطائفي والمذهبي. في ظل تسلط دولة عرقية جديدة هي إيران على مصانع صناعة القرار العراقي في بغداد لصالح فئة دون أخرى. لذا بات من الضروري أن تستقل كردستان لتشق طريقها نحو الدولة الكاملة الأركان، كما يقول أبناءها.

أما أكراد سورية الذين سنحت الفرصة لسحب غطاء الانفصال من تحت أقدامهم في موقعة شهيرة رفض فيها المكون العربي المناهض للنظام شطب كلمة العربية من اسم الجمهورية السورية، وإعادتها بلفظها إلى ما قبل الحكم القومي والبعثي، أي سورية الخمسينيات، يقومون اليوم بعمليات تطهير دموي وعرقي شمالي سورية بدعم أمريكي، تمهيدا لاستئصال أجزاء واسعة منه ونزعه من محيطها بدعوة مظلومية ذاق ويلاتها قبلهم العرب السوريون.

إن مثلث الموت الكردي في العراق وإيران وتركيا وسورية سيعيد رسم معالم خارطة المنطقة في ظل الانقسام العربي والرفض الإقليمي والتعنت الكردي، وتداخل مصالح الدول الكبرى فيها
إن مثلث الموت الكردي في العراق وإيران وتركيا وسورية سيعيد رسم معالم خارطة المنطقة في ظل الانقسام العربي والرفض الإقليمي والتعنت الكردي، وتداخل مصالح الدول الكبرى فيها

القومجيون الأكراد هنا وهناك لا يختلفون بشيء عن القوميين العرب، فهؤلاء أي الانفصاليون الأكراد كما يحلو للكثيرين تسميتهم استغلوا الفوضى العارمة واضطهاد جيرانهم العرب من قبل حكومات تتغنى بالعربية، لينهشوا أي الأكراد جسد الدولة الوطنية القائمة على التعددية التي سعى الكثيرون لبنائها بدمائهم، تماما كما فعل أولئك أي القوميون العرب بهم قبل عقود، يوم جلدوهم بسياط سايكس بيكو فأدموا حضارتهم وحطموا شعائرها.

أكراد إيران الفارسية بثوب شيعي، وبيدها العراق، وأكراد سورية الممزقة اليوم بالحرب الطائفية وبظهرهم أمريكا التي ما زالت تحلب شعوب المنطقة في الخليج وبلاد الشام، تمكنوا من إعادة ضعضعت ملف أكراد تركيا المستكين مؤقتا، بفعل إعادة معالم هويتهم في ظل حكم العدالة والتنمية الذي يقدس الدولة القائمة على القومية التركية المتعددة المذاهب والأطراف، دولة ضاقت بها أمريكا والغرب بعد النجاح الكبير الذي حققته على الصعيد الداخلي والخارجي، لذا لا مانع من تحريك حلم الدولة الكردية في عقول الأكراد فيها لكبح جماحها.

عند حديثنا عن الدولة الكردية كعرب لا بد لنا أن نجد المبررات للشعب الكردي الذي يقاد اليوم بدعاية لها أصولها، تماما كما سيقت الشعوب العربية يوما بالدعاية والقوة نحو القومية العربية يوما

المؤكد أن مثلث الموت الكردي في العراق وإيران وتركيا وسورية سيعيد رسم معالم خارطة المنطقة في ظل الانقسام العربي والرفض الإقليمي والتعنت الكردي، وتداخل مصالح الدول الكبرى فيها، ورغبتهم إبقاءها تحت وصايتهم حتى لو اضطرهم الأمر إعلان مقتل سايكس بيكو في الشرق الأوسط كله.

أما عن فرحة الاحتلال الإسرائيلي باستفتاء كوردستان العراق ورفع أعلامهم فيها، فهذا أمر على الرغم من إيلامه، إلا أنه لا ينبغي أن يثير حفيظة الشعوب العربية كثيرا، لأن معظم حكام دولهم بايعت إسرائيل علنا وسرا بالعصا والجزرة على السمع والطاعة.

أخيرا عند حديثنا عن الدولة الكردية كعرب لا بد لنا أن نجد المبررات للشعب الكردي الذي يقاد اليوم بدعاية لها أصولها، تماما كما سيقت الشعوب العربية يوما بالدعاية والقوة نحو القومية العربية يوما.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.