شعار قسم مدونات

ماذا لو كان هؤلاء الفلاسفة بيننا؟

BLOGS علماء الاسلام

لو كان مقدرا أن التقي كل الفلاسفة، لا جعلت كل أسئلتنا المعاصرة في نقاشتهم؛لا أخبرت كبيرهم سقراط عن دولة المور اليوم كيف أن باكا وماسينسا لا زالوا عدوان كما عاصرهم، وأن أهم شاغل لهم لازالت السياسة والريادة في شمال إفريقيا رغبة في أن تدللهم روما، وأن روما التي كانت تتدخل في الشؤون الداخلية بمفهوم القانون الدولي اليوم لا زال ورثتها الغير الشرعيين؛ من الغال يؤدون نفس وظيفتها رغم مرور قرون عديدة.

 

أما أرسطو وأفلاطون فإني سأجعلهم فقط يفكرون في الشرق الأوسط؛ ولأن الفلسفة لم تكن هلينية وفقط، فإنني سأستنطق فيلسوفان من الحضارة الإسلامية، لا أخبرت ابن رشد على كيف كتب شكيب أرسلان بسذاجة في بداية القرن العشرين سؤالا: كيف تقدمت أوربا وكيف تأخرنا ولا أخبرته بمفهوم فلسفي جديد سيظهر في شطر "الإلدورادو" وهو " الحرگة " ولأن الفلسفة الإسلامية لا تكتمل إلا برجالاتها.

  

سأقول لماركس؛ انظر لما فعله جوزيف ستالين و صديقك ماو وانظر في جامعتنا كيف ترفرف صورك، الشيء الوحيد الذي كان ينقصك هو ذهابك إلى حلاق، ربما ما كان مجدك صعد

سأسأل ابن خلدون مجددا ليرفع اللبس عن لغّاط اليوم من كتاب ومؤرخين: أ أنت يا ابن خلدون من أسس علم الاجتماع أم غيرك أم انك سارق عن إبيكتيت اليوناني(ابيكتيتوس)؟ ولأن ابن خلدون تونسي المولد بمفهوم الوطنية المعاصرة؛ لا قلت له إن أحفادك وبورقيبة وديكتاتورهم ابن علي قد تسببوا بوفاة شاب اسمه البوعزيزي نتيجة بيعه خضروات على رصيف "مزفت" ولا جعلته يستنتج ناموسا اجتماعيا لما يحدث اليوم في تونس من مخاض بين الساسة وأفكار التراث وحداثة أوروبا وأن ديموقراطيس اليوناني(الذي نحت مفهوم الديموقراطية وليس كما يزعم الكثير أنه ارسطو)؛ حول اسمه بين شفاه وكتابات وتحول لمجلدات واعتمد في بروتوكولات المواثيق الدولية من ويستفاليا القرن السابعة عشر إلى ويلسون بداية القرن العشرين.

 

ولأن الفلسفة ستزدهر في أوربا ؛ لا زرت الكثير منهم، ولأن ذلك مستحيل سأخبر فنانا هولنديا؛ هو فان خوخ أنه أصبح أسطورة في الفن وأن لواحاته تساوي الملايير وسألت نيوتن مدى صدق رؤيته لشجر التفاح؛ لأن ليبرالية الإنجليز مليئة بالأكاذيب، أما ديكارت فإني سأضع يدي على أنفي واخبره أن الفرنسيين كانوا لا يستحمون ومع ذلك استصغروا شعوب العالم ووضعوهم في سرك وحدائق للحيوانات في باريس، لأنهم اعتقدوا بأن الكوجيطو وأشعار موليير وبعده نابليون ثم 1789 خيلت لهم أنهم شعب الله المختار الذي أغوى ببني يهوذا ليعبدوا العجل، وجعل هتلر يولد من نيتشه ونيتشه من داروين، وأن الفرنسي الذي يضعه الكثير من أقنان العالم الثالث موضع مفاهيم كالعقلانية والحداثة لا يدرك كوارث شعار ثورة 1789 في "القبايل" بجبال الأوراس وأرض بوكاسا في فولتا العليا حيث البطل سانكارا وغيرها من أراض امتدت من مضيق هرقل إلى رأس الرجاء الصالح؛ امتدادا في محيطات العالم إلى كندا وموكيناي.

 

أما أشعث القرن العشرين اينشتاين لا قلت له ببساطة واستفزته: كم أنت غبي أيها الذكي وذهبت أدراجي ليعرف أن ما اقترفه كان أكبر من تدميره لإسحاق نيوتن وأكاذيب الإنجليز؛ ولأن ثورتين حدثتا بعدهما سأقول لماركس؛ انظر لما فعله جوزيف ستالين و صديقك ماو وانظر في جامعتنا كيف ترفرف صورك، الشيء الوحيد الذي كان ينقصك هو ذهابك إلى حلاق، ربما ما كان مجدك صعد.

  

أما أب علم النفس الحديث فرويد سأخبره بسرقته القصة من هاملت وأن الهرويبن الذي وضعه دواء لمرضاه أصبح كارثة عابرة للقارات وأضحى مرضا نفسيا وأسلوبا في الحياة؛ ولأن كانط كان ساعة على قدمين سأحييه ومعه هيغل الذي يقف على رأسه، وأريهما ألمانيا منتصف القرن 20، وأبتسم عائدا لأكتب لهم رسالة أنهم إذا أرادوا أن يحصلوا على شيء مقابل فكرهم في عصرنا أن يغنوا عوض أن يفكروا.

  

لو كان هؤلاء الفلاسفة بيننا لا هربوا جميعا نحو تاريخهم هربا منا نحن " إنسان الحقبة المعاصرة " من مشاكلنا وما صنعناه من تفكيرهم ولما ارتضوا أن يعرفوا شيئا عما حدث بعد مماتهم.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.