شعار قسم مدونات

غزة هي العدو لا إسرائيل.. هكذا يقود عباس المشهد الفلسطيني للهاوية

blogs محمود عباس

حالة ترقب يعيشها قطاع غزة في ظل تهديدات متصاعدة أطلقها عدد من قيادات حركة فتح والسلطة الفلسطينية في رام الله بهدف تقويض الواقع الإنساني المتردي في غزة وتتوعده بمزيد من الإجراءات التي من شأنها أن تؤدي حال اتخاذها إلى انهيار تام في المنظومة الصحية والتعليمية والإغاثية، بما يدفع الأوضاع في غزة إلى انفجار مُحَقَّق. ذروة التهديدات أطلقها رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة نهاية سبتمبر الماضي، حين أعلن نيته التخلي عن مسئولياته القانونية والإنسانية تجاه غزة حال عدم تنفيذ حماس اشتراطاته بتسليم السلاح وتمكين حكومة الحمد لله بشكل تام في غزة، حيث عبر عن ذلك بعبارته الشهيرة "سلطة شرعية واحدة وقانون واحد وسلاح شرعي واحد".

التهديدات ضد غزة تكررت على لسان مسئول ملف المصالحة في حركة فتح عزام الأحمد، الذي أشار في لقاء متلفز أواخر سبتمبر الماضي إلى سعى حركته إلى تقويض حكم حماس في غزة. وكذلك تصريحات حسين الشيخ القيادي في حركة فتح، الذي هاجم الدور المصري في المصالحة الفلسطينية ورفض الدور القطري الإنساني في تخفيف معاناة غزة، مطالباً القوى الفلسطينية بفرض عزلة سياسية على حركة حماس. التهديدات المثيرة للجدل التي أطلقها مستشار رئيس السلطة الفلسطينية للشؤون الدينية محمود الهباش بأن تحرير غزة من حماس بات فريضة شرعية وضرورة وطنية.

من الواضح أن السلطة الفلسطينية وحركة فتح لم تكتفِ بإجراءاتها السابقة تجاه غزة، والتي تمثلت في خصومات جاوزت الخمسين بالمئة من رواتب موظفي السلطة في غزة، وإحالة ثمانية عشر ألفا منهم للتقاعد المبكر – العديد منهم في الثلاثينيات من العمر- وتخفيض حصة غزة من الأدوية والمستلزمات الطبية، وتخفيض الكهرباء الواردة لغزة مع إعادة فرض ضريبة البلو على وقود محطة الكهرباء الوحيدة في غزة. وكذلك حرمان بلديات القطاع من المشاريع التطويرية والتضييق على المؤسسات الإغاثية العاملة في غزة، وغيرها من الإجراءات التعسفية التي أدت إلى انهيار كبير في منظومة العمل الإنساني في غزة.

لا شك أن إقدام رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس على اتخاذ الإجراءات سابقة الذكر سيحمل نتائج كارثية تتمثل في انفصال سياسي حتمي بين غزة والضفة الغربية.

ورغم النتائج الكارثية لإجراءات السلطة السابقة الذكر تجاه غزة، فلا زال رئيس السلطة قادراً على اتخاذ مزيداً من الإجراءات المحتملة والتي تتمثل في البنود التالية:

– إعلان حل المجلس التشريعي الفلسطيني بهدف تقويض الشرعية السياسية لحركة حماس التي تسيطر على ستة وسبعين مقعداً برلمانياً من أصل مائة واثنين وثلاثين هي مجموع مقاعد المجلس التشريعي الفلسطيني.
– إعلان قطاع غزة إقليماً متمرداً والطلب من جامعة الدول العربية والأمم المتحدة إعادته إلى السلطة الفلسطينية بالقوة المسلحة.
– الإعلان عن انتخابات تشريعية ورئاسية في الضفة المحتلة والقدس واستثناء قطاع غزة الذي يشكل حاضنة للمقاومة الفلسطينية.
– حرمان خمسة وثمانين ألف أسرة فلسطينية – بمجموع يتجاوز النصف مليون مواطن – يعتاشون على المساعدات الإغاثية الدورية التي تقدمها وزارة التنمية الاجتماعية في غزة.
– منع إصدار جوازات سفر فلسطينية لأهالي غزة، وهذا الإجراء سيتضرر منه شريحة واسعة من الطلاب والمرضى وأصحاب الإقامات خارج غزة.
– حرمان غزة من توفير احتياجاتها من الوقود والغاز – تتم عملية الشراء من دولة الاحتلال بواسطة سلطة الطاقة الفلسطينية في رام الله – إلا أن اتخاذ هذا الإجراء سيؤدي في المقابل إلى حرمان خزينة السلطة من تحصيل ضرائب يومية تصل إلى مليون دولار.
– إيقاف جميع النفقات التشغيلية لمستشفيات ومدارس غزة بما يؤدي إلى انهيار حتمي للمنظومة التعليمية والصحية.
– الانسحاب من معابر غزة التي يسيطر عليها جيش الاحتلال بهدف إيقاف عملية التصدير والاستيراد اليومي، وبالتالي إحداث انهيار اقتصادي محتوم.
– إصدار تعليمات مصرفية بإغلاق بنوك غزة ومنع الحوالات المالية الواردة، بما يؤدي إلى انهيار المنظومة المصرفية وحرمان غزة من السيولة النقدية.
– إحالة أحد عشر ألف موظف على رأس عملهم في غزة إلى التقاعد – ستة آلاف يعملون في وزارة الصحة وخمسة آلاف في وزارة التعليم – بما يؤدي إلى انهيار العمل الحكومي في ظل عدم قدرة المجتمع المدني في غزة على توفير البدائل.
– الوقف التام لرواتب موظفي السلطة المستنكفين في غزة – تعدادهم أربعة وأربعين ألف موظف – بما يحمل هذا الإجراء من آثار اقتصادية واجتماعية مدمرة للواقع المعيشي في غزة.

لا شك أن إقدام رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس – ما لم يتم التدخل الإقليمي والدولي لإيقافه – على اتخاذ الإجراءات سابقة الذكر سيحمل نتائج كارثية تتمثل في انفصال سياسي حتمي بين غزة والضفة الغربية، وسيدفع غزة للانفجار تجاه دولة الاحتلال باعتبارها المستفيد الأول من انهيار غزة. وبما يحمله هذا الخيار الإجباري من نتائج ميدانية قد تصل إلى عدوان إسرائيلي كبير على غزة وسقوط آلاف الشهداء، وهنا يبرز التساؤل الكبير: ما الذي ستستفيده قيادات حركة فتح والسلطة الفلسطينية من انفجار غزة القادم.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.