شعار قسم مدونات

كتيبة الأغبياء.. محادثة متخيلة بين قتلة خاشقجي

blogs جمال خاشقجي

قال لهم القنصل: هل يجب أن يتم الأمر في غرفتي.. خافوا الله يا جماعة.. القنصلية مليئة بالغرف الأخرى، هل من الضروري توريطي بالأمر؟ لم يُعر فريق القتل كلام القنصل اهتمام، في الوقت الذي كان جمال خاشقجي يلفظ أنفاسه الأخيرة. تجنب القنصل النظر إلى ما يجري معتقداً أن ذلك سيعفيه من المسؤولية. دقائق بطيئة مرت حتى تأكد فريق القتل أن خاشقجي فارق الحياة. نظر القنصل إلى الذين أجهزوا عليه، بنظرات تخفي سؤالاً: وماذا بعد؟ ابتسم أحدهم ابتسامة العارف الواثق، وأومأ للقنصل بمغادرة مكتبه، لأنه وفريقه سيستكملون مهمتهم بإخفاء آثار الجريمة. خرج القنصل معتقداً أن فريق القتل يدري ما يفعل. لكن ما لم يكن يعرفه القنصل، هو أن طويل العمر أرسل إليه من الرياض أغبى فرق القتل التي يمكن أن يشهدها التاريخ.

 

نظر القتلة إلى بعضهم بعضاً، وكل واحد منهم يظن أن المخرج سيكون لدى الآخر. استدعوا القنصل إلى مكتبه مجدداً، دخل فوجد جثة خاشقجي ما زالت على حالها على سجادة المكتب. سأله فريق القتل إن كان لديه أي مقترح أو مخرج لإخفاء آثار الجريمة والجثة. دارت الأرض بالقنصل، وأدرك حينها أن ما حصل خلال الدقائق الماضية بات محطة مفصلية سوداء ستغير مسار حياته، فهو ليس فقط شاهداً على جريمة القتل، بل بات مطلوب منه أن يكون مشاركاً فيها بإخفاء آثارها، وإن هو رفض التعاون، فعلى الأرجح سيكون مصيره كجمال خاشقجي وربما بطريقة أكثر وحشية.

 

ورد اتصال لهاتف القنصل. فإذا بسكرتير مدير مكتب طويل العمر يحدثه. أخبره أن سموه غاضب مما حصل، فمملكة الخير، لا تعرف إلا الخير. وضع القنصل رأسه بين يديه، وأدرك أنه يعيش بزمن العار الذي يقوده الصبية الأغبياء

قال لهم القنصل، طالما أن الأوامر بدأت من عند طويل العمر في الرياض، فلا بد أن نعود إليه. هاتف القنصل مكتب طويل العمر، لكن سكرتير مدير مكتب سموه أخبره أن مدير المكتب مشغول في الوقت الحالي، وهو في جميع الأحوال لا يعرف شيئاً عن الموضوع، وختم السكرتير مستعجلاً إنهاء المكالمة بالقول "اقلع شوكك بإيدك". وضع القنصل سماعة الهاتف بيديه المرتجفتين، وأخبر فريق القتل بما سمع.

 

قال أحد القتلة: طيب وبعدين؟ ونظر إلى القنصل. جمدت عينا القنصل، وأدرك أنه لم يعد فقط مشاركاً في جريمة القتل، بل قائداً لفريق القتلة، وأن الأغبياء الذين يقفون أمامه سيكونون السبب في نهايته. قال أحدهم: ليس أمامنا إلا أن نخبئ الجثة في منزلك، ففي حال تطورت القضية، لأنظار كلها ستتجه إلى القنصلية وليس إلى منزلك المجاور.

– لم تجدوا مكاناً إلا منزلي كي تخفوا فيه الجثة؟ قال القنصل.

– نحن لا نستشيرك، أجاب آخر.

 

دخل أحدهم إلى مكتب القنصل وأخبر الحاضرين أن سيارة مغلقة جاهزة في موقف القنصلية لنقل الجثة إلى منزل القنصل، وهذا ما حصل. سارع فريق القتل لمغادرة القنصلية وتوجهوا بسرعة إلى المطار حيث كانت تنتظرهم الطائرة. بعد أيام، انتشر خبر اختفاء جمال خاشقجي في القنصلية، وشاعت المعلومات حول قتله، ورد اتصال إلى هاتف القنصل. فإذا بسكرتير مدير مكتب طويل العمر يحدثه. أخبره المتصل أن سموه غاضب مما حصل، وأنه سيحاسبه ويحاكمه وأنه لن يفلت من العقاب. فمملكة الخير، لا تعرف إلا الخير، ختم المتصل حديثه. وضع القنصل رأسه بين يديه، وأدرك أنه يعيش في زمن العار الذي يقوده الصبية الأغبياء.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.