شعار قسم مدونات

كيف فرض علينا الغرب تعريفا واحدا للإرهاب؟!

Blogs- islamic state

فقد كثر الكلام في تحديد الإرهاب واضطربت الآراء والمصطلحات على إيضاح مفهوم الإرهاب، وعلى الرغم من كثرة التعريفات والحدود التي وضعت لمعنى الإرهاب فلم نقف على حد جامع مانع لحقيقة الإرهاب، وكل تعريف لحقيقة ما لا يكون مطردا منعكسا – أي جامع مانع – فإنه لا يعتبر تعريفا صحيحا ومع أن كثيرين من الباحثين في هذا الموضوع قد ذكروا من التعاريف للإرهاب ما يزيد على مائة تعريف إلا أنها تخلوا كلها من أن تحدد مفهوم الإرهاب تحديدا دقيقا يستطيع القارئ أن يفرق به بين الإرهاب وغيره، ولكي تعرف أن كل ما ذكر من تعاريف للإرهاب لم تكن كافية لتحديد مفهومه تحديدا لا يختلف فيه أحد.

تعريف الإرهاب:

هو محل الاختلاف وتباين الآراء ووجهات النظر، لاعتبارات تاريخية، ولاختلاف الأهداف والتوجهات وسياسات الدول ومصالحها، فكثرت وتنوعت التعريفات إلى الدرجة التي وجد معها الباحثون في مجال الإرهاب أن عدد التعريفات الاصطلاحية التي ظهرت في المؤلفات التي اهتمت بظاهرة الإرهاب تزيد عن مائة تعريف. فالبعض يركز في تعريف الإرهاب على الأسلوب أو الطريقة فـيرون أن الإرهاب ليس فلسفة ولا حركة، وإنما أسلوب أو طريقة لغرض تحقيق طموح سياسي لجماعة منعزلة ومحبطة، تدرك أن لا أمل لها في الوصول إلى ما تريده إلا عن طريق تخويف الأغلبية ومؤسساتها عن طريق إشاعة الرعب والتضليل (1) بينما يركز آخرون على الأهداف أو الوسائل أو الأسباب. وهكذا كل يركـز على ما يدخل في نطاق اهتمامه.

ورغم الصعوبة القائمة في التعريف الاصطلاحي للإرهاب، فإن الباحثين ما زالوا يتلمسون طريقهم للوصول إلى تعريف يتفق عليه. وأن تعدد تلك التعريفات يدل على الاهتمام الذي وجه إلى هذه الظاهرة في العصر الحديث، حيث ابتليت بها كثير من المجتمعات الإنسانية، وفيما يأتي أبرز تلك التعريفات:

 الإرهاب هو استخدام العنف (غير القانوني) أو التهديد به أو بأشكاله المختلفة؛ كـالاغتيال والتشويه والتعذيب والتخريب والنسف وغيره بغية تحقيق هدف سياسي

1- عرفه المجمع الفقهي الإسلامي بأنه: العدوان الذي يمارسه أفراد أو جماعات أو دول بغيا على الإنسان: دينه ودمه وعقله وماله وعرضه، كما أكد العلماء أن تعريف الإرهاب يشمل صنوف التخويف والأذى والتهديد. ويهدف إلى إلقاء الرعب بين الناس أو ترويعهم أو تعريض حياتهم أو حريتهم أو أمنهم للخطر (2).

2- عرفته الموسوعة السياسية الإرهاب بأنه: استخدام العنف (غير القانوني) أو التهديد به أو بأشكاله المختلفة؛ كـالاغتيال والتشويه والتعذيب والتخريب والنسف وغيره بغية تحقيق هدف سياسي معين. وبشكل عام استخدام الإكراه لإخضاع طرف مناوئ لمشيئة الجهة الإرهابية (3).

3- والإرهابي النمطي هو الشخص المدرب من أجل تنفيذ أعـمال العنف المقررة بواسطة المنظمة أو الجماعة أو الجهة التي يتبعها، بحيث إنه في حال القبض على هذا النوع من الإرهابيين النمطيين، فإنهم يتحدثون أثناء محاكمتهم ليس من أجل تبرئة أنفسهم، بل لمحاولة نشر الأفكار السياسية لمنظمتهم، ويعدون ذلك هدفا من أهداف إرهابهم.

4- ونقل عادل القيار أن الكاتب الفرنسي (جان بيار ديرييك) عرفه بقوله: إن الإرهاب يرتكز على الاستعـمال المطلق للعنف، ببث الرعب باعتباره وسيلة عمل عشوائية وعاجزة وبالتالي عقيمة، نظرا إلى أنها تهدف إلى القضاء العشوائي على الآخرين الذين لا يملكون عندئذ استعمال نفس السلاح، أي العنف المضاد، وبالتالي الإرهاب المعاكس، ثم الوصول إلى العقم بأبسط وأوضح معانيه (4).

5- وفي قاموس أكسفورد نجد كلمة إرهاب Terrorism تعني سياسة أو أسلوب يعد لإرهاب المناوئين أو المعارضين لحكومـة مـا وإفـزاعهم. فالإرهابي Terrorist هو الشخص الذي يحاول أن يدعم آراءه بالإكراه أو التهديد أو الترويع.

6- وفي معجم مصطلحات العلوم الاجتماعية يعني الإرهاب: بث الرعب الذي يثير الجسم أو العقل، أي الطريقة التي تحاول بها جماعة منظمة أو حزب أن يحقق أهدافه عن طريق استخدام العنف. وتوجه الأعمال الإرهابية ضد الأشخاص، سواء كانوا أفرادا أو ممثلين للسلطة، ممن يعارضون أهداف هذه الجماعة (5).

7- وتعريف الإرهاب عند الأمريكان: حيث ورد في التقرير الصادر عن وزارة الخارجية الأمريكية في أكتوبر سنة 2001م أن الإرهاب يعني: العنف المتعمد ذو الدوافع السياسية، والذي يرتكب ضد غير المقاتلين، وعادة بغية التأثير على الجمهور، حيث إن غير المقاتلين هم المدنيون، إلى جانب العسكريين غير المسلحين، أو الذين هم في غير مهماتهم وقت تعرضهم للحادثة الإرهابية، أو في الأوقات التي لا توجد فيها حالة حرب أو عداء. أما الإرهاب الدولي، فهو الذي يشترك فيه مواطنون، أو يتم على أرض أكثر من دول واحدة (6)، وكما أوضح هذا التقرير أنه ليس ثمة تعريف واضح للإرهاب حظي بموافقة عالمية.

وباستعراض التعريفات السابقة للإرهاب يتبين أن القاسم المشترك بينها هو استخدام العنف والقوة والغدر؛ حيث إن الجميع يتفق على أن الإرهاب هو الاستعمال المطلق للعنف والقوة تجاه المدنيين أو الأهداف المدنية، أو العسكريين أو الأهداف العسكرية في غير حال الحرب المعلنة بين طرفين بهدف بث الرعب دون إنذار سابق، وفي أغلب الحالات نجد أن هذا العنف وسيلة عقيمة وعشوائية وعاجزة عن تحقيق أهدافها، كما أن تلك التعريفات تبين أن الإرهاب يقوم على فكر وتنظير إرهابي يجيز للمنفذين ما يفعلون؛ بل قد يحبذهم فيه ويدفعهم إليه.

تعريف الإرهاب ليس من حق دولة معينة، ولغرض التوصل الى تعريف حقيقي للإرهاب يجب أن يحتوي مفهومه على كافة اشكال وأنماط الإرهاب
تعريف الإرهاب ليس من حق دولة معينة، ولغرض التوصل الى تعريف حقيقي للإرهاب يجب أن يحتوي مفهومه على كافة اشكال وأنماط الإرهاب
 
أهم العناصر التي يجب معرفتها:

ولاستكمال صورة تعريف الإرهاب وما يسببه، فإن هناك ثلاثة عناصر من المهم معرفتها؛ وهي: فكر الإرهاب، وإرهاب الفكر، والأعمال الإرهابية، ذلك أن هناك من يخلط بين تلك المفاهيم خلطا أثر في التشخيص ووصف العلاج ونوعه وطريقته.

أ- فكر الإرهاب: هو ذلك الفكر المعتل في تصوراته وتفسيراته ومنهاج تحليله وعمله، ويبيح لمن يتبناه استخدم كل وسيلة لتحقيق مقاصده ومآربه.

ب- إرهاب الفكر: وهو حـالة من فـرض الفكر الإرهابي إما بالاستـدراج والخـداع، وأحيانا بالقوة أو بأي أسلوب آخر من أساليب تطويع الأفكار وتغييرها، وسواء تم هذا التغيير بطريقة تدريجية، أم تم بطريقة سريعة، وذلك في بعض الحالات التي لا تحتمل التأجيل والانتظار. وهذا هو الجانب التنفيذي للفكر الإرهابي في نشره، وحشد الأتباع الذين يمكن استخدامهم في أعمال إرهابية.

ج- أعمال الإرهاب: ويقصد بها مجموعة المظاهر والوسائل والأدوات التي تستخدم في أعمال العنف التي يبيحها ويتبناها الفكر الإرهابي لتحقيق مقاصده العدوانية. ومما تجدر الإشارة إليه في هذا المقام حرص الحركات الإرهابية على الفصل بين المنفذين وجهات التخطيط، ومنظري الفكر الإرهابي في تلك الحركات؛ حتى تضمن تلك الحركات استمرار السرية في أعمالها، فلا يكشف شيء منها عندما يقع أحد منفذي العمليات الإرهابية في يد الجهات الأمنية، فلا يكون لديه معلومات يستطيع الإدلاء بها عن المجموعات الأخرى، أو حتى عن الخطط المستقبلة لهذه الحركات.

أنواع الإرهاب

‌أ- الإرهاب الفردي.
‌ب- الإرهاب الجماعي الغير المنظم.
‌ج- الإرهاب الجماعي المنظم.
‌د- الإرهاب الدولي.

الخاتمة

الإرهاب هي أكثر كلمة مثار للجدل واستخداما في مختلف وسائل الإعلام العالمية، فمن خلال العرض السابق يتجلى لنا أن مفهوم الإرهاب لا يوجد له تعريف موحد ويرجع سبب ذلك الى فرض التعريف الغربي والمتغير على شعوب ودول العالم. وإن تعريف الإرهاب ليس من حق دولة معينة، ولغرض التوصل إلى تعريف حقيقي للإرهاب يجب أن يحتوي مفهومه على كافة أشكال وأنماط الإرهاب، ويشمل إرهاب القوى العظمى وإرهاب الدولة والقتل والتفجير والحصار والإرهاب الثقافي.. إلخ، وللإرهاب أوجه عدة ولها أنواع فمنا إرهاب فردي وإرهاب جماعي وإرهاب مجتمع وإرهاب دولي.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الهوامش
(1) محمد مؤنس محي الدين، الإرهاب في القانون الجنائي، دراسة قانونية مقارنة (القاهرة: مكتبة الأنجلو المصرية، 1981م)، ص 39.
(2) زكي علي أبو غضة، الإرهاب في اليهودية والمسيحية والإسلام (المنصورة، مصر: دار الوفاء للطباعة والنشر، 2002م)، ص 37.
(3) عبد الوهاب الكيالي وآخرون، موسوعة السياسة، (بيروت: المؤسسة العربية للدراسات والنشر، 1985م).
(4) عادل القيار، دراسة عن الإرهاب مفهومه وأسبابه، جريدة البيان، 13/ 4/ 1998م.
(5) أحمد زكي، معجم مصطلحات العلوم الاجتماعية (بيروت: مكتبة لبنان، 1977م)، ص 423.
(6) طه عبد العليم طه، خطيئة التعريف الأمريكي للإرهاب، جريدة الأهرام، 28/ 2/ 2002م، ص 36.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.