شعار قسم مدونات

فشل قرار إدانة المقاومة في ذكرى انتفاضة الحجارة

blogs المقاومة الفلسطينية

في الذكرى الواحد والثلاثون للانتفاضة الأولى انتفاضة الحجارة المباركة والتي كانت الشرارة الثورية التي أُسِست فيها الأعمال الجهادية وارتفعت راية المقاومة الفلسطينية ضد العدو الصهيوني الذي يحتل الأرض وينتهك العرض بلا رادع أو حسيب. كانت البداية يوم اعتدى أحد المستوطنين الصهاينة على مجموعة من العمال وذلك بصدم سيارتهم بشاحنته مما أدى إلى استشهاد عدد منهم وإصابة أخرين أشعل بذلك الغضب لدى الفلسطينيين ودفعهم للنزول للشوارع والساحات ومواجهة الجنود الصهاينة في مراكز تواجدهم في المخيمات الفلسطينية.

مع بداية هذه الانتفاضة كان الحدث الأبرز وهو إعلان انطلاق حركة المقاومة الإسلامية حماس وذلك بتاريخ 14/12/1987م والتي عملت على تطوير هذه الانتفاضة إلى جانب باقي التنظيمات والفصائل الفلسطينية في ذلك الوقت، فخلال السنوات الأولى للانتفاضة مارست التنظيمات الفلسطينية مجتمعة أنواع مختلفة من المقاومة وطورت من وسائلها وإن كانت بسيطة فقد تطورت الانتفاضة من إلقاء الحجارة والزجاجات الحارقة إلى السكين والخنجر، ومن ثم الأسلحة النارية والقنابل مروراً بالعبوات الناسفة المختلفة، وكان من أهم الوسائل في تلك الانتفاضة استخدام العمليات الاستشهادية بالأحزمة الناسفة والسيارات المفخخة.

نعم الانتفاضة الأولى كانت بداية المقاومة الفلسطينية بأشكالها المختلفة والتي شاركت بها جميع الفصائل فقد كان الجميع صفاً واحداً في العمل المقاوم الذي أحيا القضية الفلسطينية وأعادها كقضية أولى للعالمين العربي والإسلامي. المقاومة الفلسطينية وعلى رأسها حركة حماس كان لها الدور المحوري في تطوير أعمال الانتفاضة من خلال البحث عن وسائل للمقاومة وقد استمر البحث والتطوير حتى يومنا هذا والتي أصبحت فيها المقاومة قادرة على مواجهة الغطرسة الصهيونية ولجم قادتها من خلال ما تمتلك من منظومات ووسائل قتالية استراتيجية ومتطورة.

  

فشل القرار في إدانة المقاومة الفلسطينية لكنه لم يسقط، فلن يهدأ بال العدو الصهيوني إلا بتنفيذه واتخاذ القرار من المجتمع الدولي بأن المقاومة إرهاب

فلم تعد المقاومة الفلسطينية كما بدأت بل تطورت وامتلكت العديد من المنظومات (منظومة الصواريخ المختلفة المديات، منظومة الدفاعات الجوية، منظومة الأنفاق الهجومية والدفاعية، منظومة الاستخبارات) كذلك امتلكت المقاومة مجموعة متطورة من التكنولوجيا ومنها الطائرات المسيرة (دون طيار) بمهامها المختلفة، كذلك امتلكت المقاومة مجموعة كبيرة من الخبرات والاختصاصات بين صفوفها. هذا التطور في أداء المقاومة ووسائلها أقض مضاجع العدو الصهيوني وأعوانه وحلفائه، من خلال ما امتلكت من وسائل وإمكانيات لوجستية وتقنيات عسكرية جعلها صاحبة السبق في الرد على انتهاكات العدو وميزها بخبرة عالية على المناورة والمرونة في التخطيط وامتلاك المعلومة.

هذا التطور والدقة العالية في المعلومة عن الأهداف وإصابتها بالصواريخ جعل العدو يبحث عن وسائل جديدة بعد أن فشل بإسقاط المقاومة بالحرب والمواجهات العسكرية ووصل إلى قناعة أنه لا يمكن أن يكون استقرار لدولته بدون القضاء على المقاومة. ووصل الأمر إلى التوجه للمحافل الدولية فقد قامت أميركا بتقديم مشروع فرار يدين المقاومة الفلسطينية وعلى رأسها حركة حماس في أهم تلك المحافل وهي الأمم المتحدة، هذا المشروع قد تم التصويت عليه ونتج عنه موافقة 87 دولة ومعارضة 57 دولة وامتناع عن التصويت 33 دولة، هذه النتيجة لم تكن مرضية لأحد لكنها أوقفت هذا المشروع والجمت القرار رغم قساوة النتيجة.

نعم فشل القرار في إدانة المقاومة الفلسطينية لكنه لم يسقط، فلن يهدأ بال العدو الصهيوني إلا بتنفيذه واتخاذ القرار من المجتمع الدولي بأن المقاومة إرهاب، فهذه الغطرسة وهذه القوة استلهماها العدو الصهيوني نتيجة التشرذم العربي والإسلامي والضعف الفلسطيني الناتج عن الانقسام. ففي ذكرى الانتفاضة الأولى والشرارة الأولى للمقاومة الفلسطينية لا بد من التصدي لمثل هكذا قرارات وذلك بالوحدة الوطنية والالتفاف حول خيار المواجهة متحدين في ميدان القتال وفي ميدان الدبلوماسية، فبجهود المخلصين التي بذلت تم إفشال القرار، هذه الجهود تستحق من أبناء شعبنا الثناء والاحترام فكل الشكر لمن ساهم في إفشال هذا القرار من دولنا العربية والإسلامية وأصدقاء الشعب الفلسطيني من الغرب، وكذلك للدبلوماسية الفلسطينية التي استطاعت حشد هذا التأييد لإفشال هذا القرار والوقوف كالسد المنيع أما الغطرسة الدبلوماسية الصهيوأميركية.

في ذكرى الانتفاضة الأولى انتفاضة الحجارة ذكرى انطلاق المقاومة الفلسطينية وبداية تطورها نترحم على الشهداء الذين سقطوا خلال سنوات اشتعالها والذين بلغ عددهم حوالي 1500 شهيد، ونحيي ألاف الأسرى الذين اعتقلوا خلال مشاركتهم بفعالياتها وآلاف المصابين ولا ننسى التحية لمقاومة الشعب الفلسطيني الشرعية ليس بقرار أممي وإنما بقرار شعب يرزح تحت الاحتلال.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.