شعار قسم مدونات

هل يتجه أمن العالم إلى الهدم؟

blogs - شطرنج
على هامش المؤتمر العالمي (msc) مؤتمر ميونيخ للأمن، والذي حضرته هذه السنة أكثر من 20 دولة على مستوى رؤساء العالم وبعض المسؤولين الكبار لهذه الدول، والمؤتمر يعنى بمناقشة أزمات العالم وسبل تفادي النزاعات والصراعات. لكن هذه السنة وخلال هذا المؤتمر صدر تقرير رفيع المستوى لمنظمة أميركية موجودة بمدينة بنسلفانيا، وقد خلص التقرير إلى أن أمن العالم يتجه إلى الهاوية وذلك بسبب نزاعات الشرق الأوسط، إضافة إلى مناطق أخرى بالعالم، ودخول الدول الكبرى بشكل مباشر في خط هذه الصراعات.
ولهذا السبب فلن أتطرق إلى ما جاء بالتقرير، ولكن يمكن سرد لمحة على الأزمات التي تهدد أمن العالم وتعرضه للهدم:

الأزمة الكورية الشمالية/ الأميركية
لا يخفى على أحد أن هذه الأزمة زادت حدتها بعد وصول الرئيس الأميركي دونالد ترمب لحكم البلاد، وذلك بسبب تصاعد برامج الصواريخ النووية الباليستية. فمنذ وصول زعيم كوريا الشمالية جيم كون إيل إلى سدة حكم البلد قام هذا الأخير مباشرة بتطوير برامج الصواريخ، وفي عهده قام بالعديد من التجارب الصاروخية وقد نجحت تقريبا جل التجارب، الأمر الذي شكل تهديدا للولايات المتحدة الأميركية، خاصة أن بعض التجارب كانت صواريخ عابرة للقارات وتحمل رؤوسا نووية متفجرة، وبإمكانها الوصول إلى الولايات المتحدة الأميركية. وقال خبراء في هذا المجال إن والد كيم لم يقم بأي تجربة طوال سنوات حكمه، لكن الابن وفي فترة وجيزة قام بأكثر من 16 تجربة. الأمر الذي يدل على أن هذه المحاولات تعتبر ناقوس خطر بالنسبة للأمن والسلم العالميين.
 

كما يبرز مؤخرا اتهام الولايات المتحدة الأميركية لروسيا بتدخلها في انتخابات الرئاسة السابقة، وهذا أمر نفاه الروس، لكن يمكن اعتباره أحد تجليات الصراع بين البلدين سياسيا

ورغم العقوبات الدولية التي صدرت عن مجلس الأمن، إلا أن كوريا الشمالية استمرت بالعمل على تطوير برامجها للصواريخ البالستية كسياسة ردع تجاه خصومها، وتعني بذلك أميركا. ومما يدل على أن تلك المنطقة أحد أبرز التهديدات على الأمن العالمي، وقد ظهر تصاعد الهجوم الكلامي بين البلدين في أروقة الأمم المتحدة، حيث قام ترمب بتهديد كوريا بالتدمير الكامل، كما رد عليه مندوب كوريا بوعيد آخر. ونتذكر تغريدات ترمب بأن مكتبه الرئاسي يتوفر على زر نووي أكبر مما عند كيم جون إيل في رد على الأخير بأنه يملك زرا نوويا بمكتبه. كما أن ترمب هدد أيضا كوريا الشمالية بنار وغضب ينتظرها لم يره أحد من قبل. إذا الأمر خطير وإذا ما نشبت حرب لا يعلم أحد كيف ستؤول الأمور، خاصة أن هذه الحرب ستكون مدمرة.  

كوريا الشمالية سور الصين في وجه أميركا
إذا ما نشبت حرب بين كوريا الشمالية وأميركا لن تبقى الصين مكتوفة الأيدي متفجرة، ذلك أن كوريا الشمالية بمثابة سور واق للصين من تهديد الولايات المتحدة، وربما ستجر إلى حرب لا ترغب في الدخول إليها. لكن وجود أميركا بمنطقة شبه الجزيرة الكورية يعتبر تهديدا للصين، وأيضا حتى لروسيا بحكم القرب الجغرافي. لذلك الصين أجرت تدريبات عسكرية غير مسبوقة لجيشها تحسبا لأي نزاع محتمل بهذه المنطقة. الصين تعتبر قوة نووية هي الأخرى، كما تدعم نظام كيم جون إيل، ولن تتخلى عنه إذا ما تعرض لهجوم مفاجئ من أميركا.

الصراع الروسي/ الأوروبي
إن تصاعد النفوذ الروسي بأوروبا الشرقية، خاصة بأوكرانيا، حيث قامت روسيا وعن طريق القوة العسكرية بالدخول إلى القرم بعد إزاحة رئيس أوكرانيا عن الحكم عن طريق احتجاجات شعبية دعمتها أوروبا وأميركا، الأمر الذي نتج عنه صراع بين مؤيدين لروسيا والمؤيدين للجانب الغربي. هذه منطقة هي الأخرى من بين المناطق التي تهدد أمن وسلم العالم.
 
undefined
 
والأمر هنا يتعلق بمحاولة أوروبا كبح نفوذ روسيا، أي أن روسيا ستكون في مواجهة مع حلف النيتو، حلف شمال الأطلسي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية. لكن ليست هذه الساحة وحدها ساحة مواجهة مع روسيا، فهناك أزمات أخرى، لكن بمنطقة الشرق الأوسط، خاصة بسوريا التي شهدت تدخلا مباشرا للجيش الروسي. وتعتبر هذه الساحة أهم ميدان أظهرت فيه روسيا قوتها العسكرية التدميرية. وذلك حفاظا على مصالحها بهذه المنطقة. وقد تشكل هذه المنطقة نقطة تماس مباشر مع أميركا رغم التنسيق الذي كان بين البلدين في ما عرف بمحاربة الار هاب، لكن مؤخرا ظهرت أنباء على أن التحالف بقيادة الولايات المتحدة استهدف جنودا روسا مع جنود النظام السوري في ضربة لهذا الأخير، لكن روسيا نفت هذا الأمر. كما يبرز مؤخرا اتهام الولايات المتحدة الأميركية لروسيا بتدخلها في انتخابات الرئاسة السابقة، وهذا أمر نفاه الروس، لكن يمكن اعتباره أحد تجليات الصراع بين البلدين سياسيا. إضافة إلى وجود سباق للتسلح السري بين البلدين، في ما يتعلق بالحصول على أسلحة دمار أكثر فتكا بين الجانبين.

وأخيرا..
منطقة الشرق الأوسط هي من أهم المناطق التي تشكل أكبر تهديد للاستقرار والأمن الدوليين. فإلى جانب ما ذكر من قبل هنالك الأزمة الخليجية التي كادت أن تتحول إلى صراع مسلح ضد دولة قطر من قبل أعضاء دول مجلس التعاون الخليجي، باستثناء الكويت التي كان لها تدخل كبير في تحييد النزاع العسكري ضد قطر. لكن الأزمة مازالت ترخي بظلالها على المنطقة، الأمر الذي استدعى تدخلا تركيا عن طريق إرسال قوات عسكرية لدولة قطر. وهذا أمر يدل على تدويل الصراع.
وبهذه المنطقة أيضا يبرز صراع بين المملكة العربية السعودية وإيران، وذلك عن طريق وكلاء كل منهما سواء بكل من سوريا، والعراق واليمن. والصراع قائم وبشكل متسارع. هذا الصراع دخلت فيه دولة أخرى هي دولة ا لاحتلال(اسرائيل) التي ترى في إيران أكبر تهديد استراتيجي لها، وقد بدأ هذا الصراع مؤخرا بإسقاط طائرة حربية لدولة الاحتلال بالجولان السوري المحتل.
 
إذا المنطقة هذه تعتبر أكبر مغناطيس لجذب كبار الدول التي لها مصالح مختلفة، سواء كانت هذه المصالح جغرافية استراتيجية، أو مصالح إيديولوجية مساهمة في وجود كل هذه الصراعات. العالم يتجه إلى الهدم بالفعل عن طريق دخول الدول الكبرى رقعة صراع دولي ربما سيصبح صراعا عالميا سيفرز ظهور قوة جديدة تكون لها اليد الطولى في حكم العالم، لكن بعد أن يتم هدم هذه القوى المتصارعة. كما ستكون لها تكلفة كبيرة سواء على المستوى الإنساني أو المادي، إذا هو اتجاه نحو هدم لظهور بناء جديد؟..

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.