شعار قسم مدونات

طارق رمضان.. شوكة في حلق أعداء الإسلام

blogs طارق رمضان
لماذا طارق رمضان؟!
في هذه الأثناء التي أخط فيها هذه الخاطرة من يوم الجمعة زوالا، يمثل المفكر الباحث السويسري البروفسيور "طارق رمضان" أمام القضاء الفرنسي بتهمة محاولة الاغتصاب والتعدي على ضحيتين في قضية تعود إلى 2009، كانت نائمة في سبات وظهرت فجأة -أرجو عدم الضحك-.
 
طارق رمضان؛ الرجل الوحيد الذي يمثل الوجه الآخر للإسلام في الغرب، الرجل الذي قهر جميع السياسيين والمفكرين والكتاب الغربيين وبالأخص الفرنسيين المتلونين الذين كشفهم وعراهم للمجتمع الفرنسي وللعالم على غرار: نيكولا ساركوزي، والصحفية كارولين فوراست والقائمة طويلة، ولم يستطع أحد أن يتفوق عليه فكريا وثقافيا.

كانت تهمته الوحيدة أنه حفيد حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين، ويالها من تمهة ساذجة وغبية، فنبي الله إبراهيم والده لم يؤمن به ولا برسالته، ونوح ابنه كذلك، وموسى كذبه أقرب مقربيه، وعيسى آذاه قومه، ومحمد كفر به أقرب مقربيه (عليهم السلام جميعا)، فإذا جرمنا أو أدنا الإنسان بمقربيه فالناس جميعا مجرمون وفسدة في هذه الحال، ثم تعال إلى أبعد من ذلك؛ ما التهمة الحقيقية للإخوان المسلمين؟

فلما كانت تهمة أخونة كروموزومات طارق رمضان تهمة غبية كأصحابها، وجب البحث عما يسقط الرمز الوحيد الذي يعتبر مرجعا فكريا للمسلمين في أوروبا، فكانت فبركة القضية الحالية. ما طارق رمضان إلا مثال واحد من بين أمثلة كثيرة يمكن أن تظهر في مجالات أخرى لا تمت إلى المجال الفكري أو الدعوي الإسلامي بصلة، فتلقى المصير ذاته بالتخلص منها، وذلك لا لشيء إلا لعلة تعانيها النفسية والذهنية الفرنسية المنغلقة على ذاتها التي لا تقبل الآخر ولا تتعايش معه مهما حاولت جاهدة ادعاء ذلك والجهر به للرأي العام، وأنا هنا أتكلم من واقع المجتمع الفرنسي اليوم ومن حياته اليومية التي عايشتها بكل تفاصيلها وفي شتى مجالاتها، فما بالك إذا تعلق الأمر بالإسلام الذي تراه يهدد كيانها رغم بلوغ عدد المسلمين اليوم على أراضيهم الفرنسية ستة ملايين نسمة، وهم كل عام في تزايد مستمر! مع ذلك ينأى المفكر طارق رمضان بنفسه على أن يصنف شيخا أو داعية، وقد أعلنها في كثير من حواراته، لأن الرجل بالفعل مفكر فذ في زمن كثر فيه اللغط وادعاء العلم والثقافة.

  
طارق رمضان (رويترز)
طارق رمضان (رويترز)

 
عود على بدء، فأنا شخصيا حضرت للبروفيسور طارق رمضان في كلية سانت آنتوني بجامعة أكسفورد قبل عام من الآن، واستضافني في مكتبه ورأيت بعيني كم يحترمه ويجله كبار الباحثين والمفكرين البريطانيين، وأغلب من حضروا مناقشة آخر كتبه آنذاك كانوا من غير المسلمين والعرب، كما رأيت بعيني رئيس كلية سانت آنتوني بجامعة أكفسورد الذي كان يجلس إلى جانبه ويحاوره عن موضوع كتابه، رأيت إعجابه الشديد بفكره وتقديره لقيمته العلمية، ورأيت المكانة المرموقة التي يحظى بها في أكسفورد كلها، حتى إن إدارة الجامعة تضع صورته مع كبار مفكريها وأعلامها، وقد تزامنت فترة وجودي ببريطانيا وبمدينة أكسفورد خصوصا مع إصداره الجديد فأهداني نسخة من آخر عصارة فكره، ورأيت بعيني أيضا إقبال الطلبة والأساتذة والباحثين من الغربيين وفيهم بعض العرب والمسلمين، رأيت إقبالهم الشديد على كتابه ومحاضراته بالجامعة.

بعيدا عن ذلك كله، بمنطق آخر لكن بلغة أرقى من لغة المنحطين من بعض الفرنسيين المعادين للحق ومن يماثلهم عقلية وسلوكا أقول: لو أراد طارق رمضان اقتراف ما يتهم به أمام القضاء الفرنسي اليوم لكان أمامه الخيار من عشرات ومئات جميلات دول الشمال اللواتي كن يقفن بأعداد هائلة للظفر بإهداء من توقيعه على أحد كتبه، فهو في غنى عن التدني إلى مستوى مثل التي رأيناها بالقنوات الفرنسية تدينه بروايتين متناقضتين، أما التابعون المنصاعون ممن هم منا لكنهم علينا؛ الذين ما إن سمعوا بالقضية متأخرين بعد شهور حتى شرعوا في وصلة تسخين البندير كما نقول بالدارجة المغاربية، -ما مفاده "التهويل والتعظيم"- فسأضرب عنهم الصفح وأعف لساني عن ذكرهم!

بالمناسبة، بعد كل ما حدث وما سيحدث، لا أزال لحد اليوم وسأظل أفخر وأتشرف بأنني جالست هذه القامة العلمية الكبيرة، وحضرت له مباشرة، وقرأت كتاباته العميقة، وسيظل البروفسيور طارق رمضان شوكة في حلق أعداء الفكر والثقافة والدين الإسلامي والحضارة الإسلامية.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.