شعار قسم مدونات

بعد طوفان الأقصى.. يرونه بعيدا ونراه قريبا

مدونات - القدس واليهود
تحولت التوراة من كتاب هداية إلى طلاب دنيا وبلاغات حرب وتمليك أرض فلسطين! (وكالة الأنباء الأوروبية)

لم تكن هناك غرابة في وعد ترمب ومن قبله بلفور، ولم تشف الغضبة ولا الصراخ في الشوارع والمنتديات الدولية غليلا.. فقضية فلسطين والقدس خاصة تستمد قدسيتها من اسمها، ولكونها -وما حولها- أرضا مباركة؛ فهي مهبط الأنبياء ومسرى إمامهم محمد عليه السلام. والأهم من ذلك أن هناك وعدا إلهيا غير مكذوب، ولكن الحزن الحقيقي أن يفوتك وعد الصادق المصدوق عليه السلام؛ بأن الحجر والشجر يقاتل بجانب أهل الحق. وعن ذلك أفضى الشيخ عبد المعز عبد الستار من علماء الأزهر وأحد رجالات الدعوة في هذا العصر؛ نظرا لما قدمه منذ نعومة أظافره حتى لقي ربه، من جمع النقود إلى جمع الأفئدة على قضية العروبة والإسلام الأولى، متسلحا بالإبحار في كتب اليهود المقدسة. صدرت له مؤلفات بعناوين مهمة (الشعب المختار في الميزان، الكتاب المقدس إفساد للبشرية أم خبز للحياة اليومية؟ هذا قرآننا وهذا الكتاب المقدس، اقترب الوعد الحق يا إسرائيل).

مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
يقتحم عشرات المستوطنين المسجد الأقصى بمدينة القدس الشرقية من جهة باب المغاربة تحت حماية الشرطة الإسرائيلية بشكل دوري (وكالة الأناضول)

ولم يكتف الشيخ بتفنيد دعاوى أحقية اليهود في فلسطين بل يشعل جذوة الأمل في عودة الحق لأهله ، ويهدئ من روع الباكين على لبن فلسطين المسكوب.. ومما ساعده على ذلك أنه كان أول سفير للإمام حسن البنا إلى فلسطين؛ حيث مكث فيها وقتا طوافا في ربوعها، ورجع إلى المحروسة محرضا ومحفزا لأن تكون القدس والأقصى وفلسطين قضية العرب والمسلمين الأولى.

يقدم الشيخ مؤلفه بوصف حال الأمة بأنها تمر بأخطر مؤامرة وأعظم تحد وهو قضية فلسطين

إهداء لنتنياهو

وفي كتابه "اقترب الوعد الحق يا إسرائيل"؛ يبشر بقرب تحقيق البشارة لكن يصدره بإهداء إلى قاتل أحلام القرن لهذه الأمة الوسط. إلى نتنياهو وأشباهه.. ممن آمن بالوعد الكاذب.. أن الله لا يعد كذبا ولا يخلف وعدا ولا يظلم أحدا ولا يعجزه شيء، ولنا الوعد الحق بخلافة الأرض وإقامة العدل.. فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور.. والسلام على من اتبع الهدى

ويقدم الشيخ مؤلفه بوصف حال الأمة بأنها تمر بأخطر مؤامرة وأعظم تحد وهو قضية فلسطين، فـ "لا أعلم أرضا مغصوبة ادعى مغتصبها أنها أعطيت له من الله إلا أرض فلسطين، ولا قضية تمليك أودعت وثائقها في كتاب مقدس أو تمليك تم في المنام والأحلام أو قضية تمليك بغير شهود لا يمكن إثباتها ولو بشهود زور أو تمليك يبيح باسم الله طرد المالك وقتل المدافع إلا قضية فلسطين.

يكشف الكتاب زيف هذا الوعد الكاذب ويبرهن على بطلانه من نصوص التوراة والإنجيل وبداهة العقل ورواة التاريخ، ويبث الأمل ويبشرنا باقتراب وعد الله الحق الذي بشر به رسوله وعباده المؤمنين بالنصر المبين والتمكين وتطهير الأرض المقدسة

قضية فريدة

يقول المؤلف رحمه الله تعالى: إنها القضية الوحيدة في العالم التي تزيل يد المالك عن ملكه وتثبته لمغتصبه لمجرد دعوى.. وقد بدأت تلك المؤامرة بفكرة خبيثة لا تقوم على دليل، مفادها أن الله تعالى أعطى عهدا لإبراهيم ولموسى عليهما السلام ولشيوخ بني إسرائيل في اجتماع حضره الله ‍‍! (أستغفره سبحانه) بأن يملكهم ونسلهم أرض فلسطين، وسجله في التوراة "العهد القديم"،وغدا تنفيذ هذا العهد مهمة من سيأتي من بعد. ويصف مزاعم إسرائيل بأنها تعتمد في قيامها على الوعد الكذب، والحق المزعوم بأن فلسطين أرض الأجداد.

ويكشف الكتاب زيف هذا الوعد الكاذب ويبرهن على بطلانه من نصوص التوراة والإنجيل وبداهة العقل ورواة التاريخ، ويبث الأمل ويبشرنا باقتراب وعد الله الحق الذي بشر به رسوله وعباده المؤمنين بالنصر المبين والتمكين وتطهير الأرض المقدسة؛ "إن الله لا يخلف الميعاد".

يقول الشيخ عبد المعز: لقد تحولت التوراة من كتاب هداية إلى طلاب دنيا وبلاغات حرب وتمليك أرض فلسطين، وتوزيع أدوارها، ولو جمعت السنوات التي عاشوها في فلسطين ما بلغت المدة التي قضاها الإنجليز في الهند، وهم لم يقيموا في فلسطين إلا غرباء غير آمنين، فلم تتوقف حروبهم وغاراتهم حتى جاءهم الغزو البابلي فبددهم فالغزو الروماني، فأباد خضراءهم حتى جاء الفتح الإسلامي وهم محرم عليهم الإقامة في أورشليم، حتى أن البطريرك صفرونيوس بطريرك الشام شرط على عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو يسلمه مفاتيح القدس؛ ألا يسمح لليهود بدخول إيلياء، وقد بقي فيها العرب (1400) عام، أفلا يكون لهم حق تاريخي مثل اليهود على الأقل؟

تقول التوراة إن الله تعالى لما أحب إبراهيم عليه السلام وعده بتمليكه أرض فلسطين، أما القرآن الكريم فيعبر عن علامة حب الله سبحانه لخليله "قال إني جاعلك للناس إماما" (البقرة/124) وقيل لهم في القرآن "وادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة" (البقرة/58) لكنهم قالوا في توراتهم "املكوا الأرض وادخلوها غزاة جبارين، فإذا زعموا أن أهلها أخطؤوا فسلطهم عليهم، فنقول لهم: هلا دعوتموهم إلى عبادة الله والتخلص من الشرك، بل إنكم لم تكونوا خيرا منهم، فقد عبدتم العجل".. ويستنكر المؤلف بأنه لو يعطى الناس بدعواهم لادعى أناس دماء قوم وأموالهم، لكن البينة على من ادعى واليمين على من أنكر.

وهل يقبل من إنسان أن يدعي أن الله تعالى ظهر له وأعطاه مثلا جزر الكاريبي؟ ويقول أيضا إنه عهد بعطاء تافه لم يتحقق لهم إلا بعدما خاضوا حروبـا سفكت فيها الدماء واحترقت المدن، وكانوا هم المعتدين باسم العهد المقدس.. فقد ذكرت التوراة -التي كتبوها ليشتروا بها ثمنا قليلا- أن موسى عليه السلام دمر مدينتين وأباد مملكتين، وهو في طريقه لهذه الأرض، وإن يوشع دمر 31 بلدا، وقتل في يوم واحد 12000، فهل يعقل هذا؟ والله سبحانه وتعالى "يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربىٰ وينهىٰ عن الفحشاء والمنكر والبغي" (النحل/90) وعهد الله تعالى إلى إبراهيم "قال إني جاعلك للناس إماما ۖ قال ومن ذريتي ۖ قال لا ينال عهدي الظالمين" (البقرة/124).

إنه عهد بعطاء تافه، فلا يليق بالله ولا بنبي أن تكون عطيته أرضا، والدنيا كلها متاع قليل، وهي تعطى لمن يحبه الله ومن لا يحبه.

العهد القديم تحت المجهر

وبمجهر الشيخ يتبين أن ما يسمى "العهد القديم" كاذب؛ لأن العهد الذي زعم اليهود أن الله أعطاه لخليله بأن يملكه هو ونسله (دون إسماعيل أبي العرب) أرض فلسطين عهد باطل كذب من عدة وجوه أهمها:

  • إنه وعد تخلف، والله لا يخلف الميعاد، فلم يتحقق لإبراهيم ولا إسحاق أو يعقوب ملك في أرض فلسطين طول إقامتهم "مائتي سنة" بل كانوا أصحاب خيام وبقر وغنم يضربون خباءهم حيث ترعى ماشيتهم يتتبعون مواقع القطر ومواضع الكلأ.
  • إنه كلام في الأحلام، فهل بمثل الرؤى والأحلام تثبت الملكية والحقوق؟ وصدق نبي الإسلام محمد عليه السلام في قوله: "لو يعطى الناس بدعواهم لادعى أناس دماء قوم وأموالهم، لكن البينة على من ادعى، واليمين على من أنكر"، فأي دليل على أن إبراهيم رأى وأن المرئي هو الله، وأنه عهد إليه وأعطاه، وأن العطية من الفرات إلى النيل؟
  • إنه عهد بعطاء تافه، فلا يليق بالله ولا بنبي أن تكون عطيته أرضا، والدنيا كلها متاع قليل، وهي تعطى لمن يحبه الله ومن لا يحبه.
  • إنه عهد باهظ التكاليف، فأي عهد لكي يتحقق يدمر يوشع (وفق ادعاءاتهم) ويقتل 12 ألفا ويدمر 31 ملكا في يوم واحد مما سجلته التوراه قبل أن تعرف القنبلة الذرية، فأي شعب هذا الذي يصدر عنه مثل هذا الوعد الكاذب، والله سبحانه "يأمر بالعدل والإحسان وينهى عن الفحشاء والمنكر".
  • كما أنه عهد ظالم، فكيف يتعهد الخالق سبحانه لخليله ونسله أن يعطيهم أرضا مأهولة وأرضا مسكونة ويبيح لذريته أن يخرجوا منها أهلها ويبيدوا سكانها؟ حتى لو كان سكان هذه الأرض ظالمين، كما ادعى بنو إسرائيل بأن أهلها عبدوا الأصنام. ويقول المؤلف: هلا دعوتموهم لعبادة الله، كما أنكم لم تكونوا خيرا منهم فقد عبدتم العجل!
  • أن ثمنه مضحك، حيث إن ثمن إعطائهم فلسطين هو الختان للذكور (.. وأي أقلف من الذكور لم يختن تقطع تلك النفس من شعبها إذ نقض عهدي) فما أتفهه من عهد ومن ثمن إزالة جلدة من بدن مقابل تمليك أرض من النيل للفرات.

وأخيرا فإن هذا العهد لا يقارن بعهود الله المعروفة؛ فالتوحيد والطاعة والعبودية لله وحده، وما خص به خليله عليه السلام بتطهير بيته الحرام وحمل رسالة التوحيد.

سأل مندوب وكالة أسوشيتد برس جنديا إسرائيليا عن حدود دولة إسرائيل فأجاب بكل صلف وغرور: حيث أضع قدمي وضرب بحذائه الأرض

أما لماذا تؤيد الدول الغربية عامة وأميركا خاصة إسرائيل؟ فالإجابة هي البعد الديني والاختراق الصهيوني للمسيحية وتعاليمها. وسرد الشيخ عبد المعز ما قصه عليه مفتي فلسطين أمين الحسيني بأنه في زيارة للمندوب البريطاني حاكم فلسطين؛ طلبت أمه مقابلة المفتي وطلبت منه ألا يقف ضد إرادة الرب لأنه (الحسيني) لا يريد أن يعطيهم الأرض التي أعطاها الله لهم، ولما استنكر قائلا إنها أرضي كيف أعطيها لهم وأين أذهب؟ فقال المفتي للحاكم: إن أمك متأثرة باليهود فقال: لا بل نحن البروتستانت نؤمن بهذا والأناجيل تبشر به!

وخالف الشيخ عبد المعز أكثر المفسرين حول اتفاقهم على أن الفساد  وقع مرتين في الماضي، ويقول: إن تفسير "ولتعلن" (الإسراء/4) هو إخبار عن المستقبل، وتاريخ اليهود في الماضي كله إفساد . وكلمة "عبادا لنا" (الإسراء/5) هذا لا يليق إلا بأصحاب محمد عليه السلام لا بختنصر الوثني كذلك "أولي بأس شديد" (الإسراء/5) هم أصحاب محمد عليه السلام "أشداء على الكفار رحماء بينهم" (الفتح/29).

ومن علامات البشارة ظهور الصحوة الإسلامية والعودة إلى الله تعالى، وتنامي الصحوة داخل فلسطين وخارجها، وفي كل مكان من العالم يعيش فيه مسلم

من علامات البشارة

وهناك علامات على اقتراب هذا اليوم أهمها: تناهي إسرائيل في إفسادها وعلوها ورجوع أمتنا إلى ربها ودينها، وعدد المؤلف مظاهر الإفساد وذلك مسجل في "بروتوكولات حكماء صهيون. أما عن علوها واستكبارها، فيتساءل: هل سمع الناس عن شعب علا في الأرض مثل هؤلاء؟

مناحيم بيغن
مناحيم بيغن (مواقع التواصل الاجتماعي)

يقول مناحيم بيغن (رئيس وزرائهم الأسبق وزعيم الليكود) في كتاب "التمرد": "أيها الإسرائيليون، يجب ألا تأخذكم شفقة وأنتم تقتلون عدوكم، يجب أن تقضوا عليهم حتى ندمر ما يسمى بحضارة العرب التي سوف نشيد على أنقاضها حضارتنا. لن يكون لإسرائيل سلام ولا للعرب ما لم نحرر وطننا بأكمله حتى لو وقعنا معاهدة صلح. الأسلحة العبرية هي التي ستقرر حدود الدولة العبرية. إن الحل الأخلاقي الأمثل هو تفريغ الأرض من العرب بكل الوسائل".

انتهى كلام بيغن وأجله، لكنه مازال النهج الذي آمن به وسار عليه رابين وباراك وشارون ونتنياهو وكل فرد في بني إسرائيل يتمسك به. ويحكي المؤلف أن مندوب وكالة أسوشيتد برس سأل جنديا إسرائيليا عن حدود دولة إسرائيل فأجابه بكل صلف وغرور: حيث أضع قدمي وضرب بحذائه الأرض. ويقترب الشيخ عبد المعز من إطلاق بشارته بعد أن فند مزاعم اليهود مستدلا بنصوص من الكتب المقدسة (التوراة والإنجيل والقرآن) ويدلل على اقتراب الوعد الحق بقوله: إن لكل ليل صباح (حتى وإن طال ليل المسلمين) وذلك بتحقيق رجوع أمتنا الإسلامية إلى ربها ودينها، وهو شرط تحقيق وعد الله تعالى بالنصر.

ومن علاماته: ظهور الصحوة الإسلامية والعودة إلى الله تعالى، وتنامي الصحوة داخل فلسطين وخارجها، وفي كل مكان من العالم يعيش فيه مسلم. وأوشك الشيخ عبد المعز عبد الستار على إزاحة الستار عن الوعد الحق مختتمـا كتابه بقوله: فلولا الصلف الإسرائيلي والاستهتار بالدم والإسلام والعرب، ونقض العهود وتجاوز كل الحدود ما علت هذه الصحوة ولا قامت هذه الحركة لتحقيق التكامل، والمستقبل يبشر باقتراب الوعد وانبلاج الفجر "ولتعلمن نبأه بعد حين" (ص/88).. "فاصبر إن وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون" (الروم/60).

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.