شعار قسم مدونات

هذا مقالي.. خالفوه بوُدّ

blogs - people
قيل لأرسطو: كيف تحكمُ على إنسان؟ فأجاب: أسألُه كم كتابا يقرأ وماذا يقرأ. إحصاءات معدلات القراءة في الوطن العربي تشير إلى حجم التدني الثقافيّ الذي تواجهه الدول العربية.
 
للأسفِ نحن نقرأ الكثير عن أخبارِ المشاهير، أو فضائح السياسيين، أو تفاهاتِ بعض المغردِين، وقليلا ما نقرأ الكتب أو المقالات التي كتبها الكُتّاب بعد أن سهروا الليالي وغاصُوا في الكتابةِ محاولين تبسيطَ التاريخِ والجغرافيا والثقافةِ العامة في روايات مشوقة أو مقالات لتبسيطِ وجهةِ نظرهم لكي يقرأَها القُراء، فيحاول الكاتبُ أن يلفت نظر قرائه بكل وسيلة كي يعطيَ القارئَ سببا يشجعه على القراءة؛ فأيّ عمل للكاتب هو بمثابةِ حوار بين الكاتب والقارئ من خلال نصّ يحاول أن ينجح به الكاتبُ في لفت انتباهِ القارئِ أو استفزازِ تفكيره، ليواصل القارئُ القراءةَ، والإبحار في حروفِ الكلم، وإبداء وجهةِ نظرِه التي قد تتوافق أو تختلفُ مع الكاتب..

 

المشكلةُ في أننا لا نعرف كيف نختلف، فالاختلافُ هو القدرةُ على انتقادِ الفعلِ لا الفاعل، والعملِ لا العامل، والفكرِ لا المفكر

المشكلة تكمنُ في طريقةِ إبداءِ رأي المتلقي وأسلوبِ الحوارِ الذي يجري بعد أي عمل من الأعمال. فكن أنت التغيير الذي تبحث عنه في كل نواحي حياتِك، لأن أهمّ الأمورِ التي تعكس رقيَّك، وجمال روحك هو أسلوبُك في المحاورة والتحدثِ مع الآخرين.

 

تقبَّل الاختلافَ، فالاختلافُ فضيلة، لكل شخص على هذه الأرض أفكار ومبادئ وقناعات مختلفة، فليس على وجهِ الكرة الأرضية شخصان يتفقان أو يختلفان في كلِّ الأمور، فقد نتفقُ في بعضِها ونختلف في بعضِها الآخر، وهذا لا يجعلُنا أعداءَ، وقد لا يجعلنا التوافقُ والتفاهمُ نستهوي الحوارَ والنقاش، أو حتى الكتابة والقراءة.. فأساسُ الحواراتِ كلّها والنقاشات هو الاختلافُ للتوصلِ إلى قرار أو هدف أو إيجاد حل لمشكلة، وقد لا يوصلنا الحوارُ إلى حلّ أو قرار أو هدف، ولكنه يعطي العقلَ فرصة  للتفكر والإبداع..

 

القارئ المفضّل لدى الكاتبِ هو القارئُ الذي لا يتمسكُ بالثوابت، قادر على تغييرِ أفكارِه، ومنفتح للرأي الآخر، ومستعدّ لمحاولةِ استيعابِ الأفكارِ والبحث والقراءة، والإتيان بدليل مقنع مخالف أو مشابه لرأي الكاتب… فالاجتهادُ يَمنح العقلَ حياة..
 

المشكلةُ في أننا لا نعرف كيف نختلف، فالاختلافُ هو القدرةُ على انتقادِ الفعل لا الفاعل، والعملِ لا العامل، والفكرِ لا المفكر، بل نصب انتقادنا على الشخصِ بِنيةِ إحباطِه وإذلالِه، ونبالغُ في أن نحط من قدر المتحاور، والآخر ذي الرأي الآخر…فنخسرُ الكثير، نخسر فرصةَ الاكتشاف، والتعرّف والتعلم والتفكر، ونبعثرُ اجتهاداتنا وابتكاراتِنا لتضمحل ثقافتنا، ونزداد تفرقا وعداء…
 

تشبثْ بأحلامِك مهما حاولَ الآخرون هدمَ ثقتِك، أعدها إليك، مهما اعتقدتَ أن أحلامَك فوقَ طاقتك، وأن مَن وصلَ إليها أجدرُ منك
تشبثْ بأحلامِك مهما حاولَ الآخرون هدمَ ثقتِك، أعدها إليك، مهما اعتقدتَ أن أحلامَك فوقَ طاقتك، وأن مَن وصلَ إليها أجدرُ منك
 

في الحياة قد تقابِل الكثيرَ من الأشخاصِ الذين يستغلون كل فرصة لإحباطك، وتثبيطك وتقليل عزيمتِك. ولأننا اليوم قلّما نتقابلُ وجها لوجه؛ فإنك ستجدُ الكثيرين مستعدين للخوضِ معك في أيّ نقاش بأسلوب غير حضاري على وسائلِ التواصل الاجتماعي، والتي قد تكون المكانَ المثالي لبثّ السمومِ النفسية والاجتماعية والعنصرية، والأفكار المغلوطة..
 

هؤلاء لا يؤمنون بتقبّل الآخرين، ولن تصل معهم لنتيجةٍ مُرضية، لذلك حاولِ اختصارَ إجاباتك، أو تجاهل انتقاداتِهم؛ لتحقيقِ السلامِ مع نفسِك قبلَ الآخرين.. فالحياةُ فانية، والأهمُّ أن تخرجَ منها بأقل الخسائر..
 
تشبث بأحلامِك مهما حاولَ الآخرون هدمَ ثقتِك، أعدها إليك، مهما اعتقدتَ أنتَ أن أحلامَك فوقَ طاقتك، وأن من وصل إليها أجدرُ منك، ومهما حاولَ الآخرون قتلَها من محاولتك الأولى، وحاولوا دثرَ أحلامِك، واعلم أنك لن تُرضيَ البشر بشيء وإن فعلتَ كلّ شيء أو لم تفعل أيّ شيء؛ فإرضاءُ الناس غاية لم يصل إليها أحد، وافعل ما شئتَ؛ فالحياةُ لا تحلو إلا بحلم تَحقق..

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.