شعار قسم مدونات

لأن قطر لا تشبههم!

Blogs-Qatar
الحديث عن الأخلاق عن الثقافة عن الفكر عن الحضارة لا يأتي من فراغ ولا ينسب كميراث بل هو صبغة تدرك بالحس البشري البسيط، كثيرون عانوا في بلدان وصفت نفسها بصفات الكمال الحضاري وراحت تتبختر بتأريخها وتعتز بموقعها دون أن تلقي بالا لشعوبها التي تعاني من الجهل والتخلف والرجعية. يعتقدون بأنهم سادة ويركعون تحت أقدام الصهاينة ويلهثون وراء الملذات يضطهدون الغريب ويستبيحون الضعيف ويعتزون بمجد لا يرى إلا في السياسات الظالمة والقرارات المجحفة، في كل يوم يزدادون غيا وفي كل حين يتضاعف لديهم أثم العزة فيسقطون في مستنقع التفاهات متناسين أنهم إخوة لا يظلم أحدهم الآخر ولا يسلمه، يحدقون بأعينهم إلى إخوة يبادوا وإخوة يقتلهم الجوع والفقر والمرض وتأبى قلوبهم إلا أن يزيدوهم فقرا على فقرهم ومرضا على مرضهم وإعانة للعدو على قتلهم وتشريدهم.

 

سيلازمهم العار طوال حياتهم وإن ظنوا أنهم يحسنون صنعا، يتأثرون بتقدم الغير ولا يتأثرون على تقهقر البين، التأريخ لم يسجل كهؤلاء فقلوبهم قلوب شياطين وألسنتهم تحمل زعاف القول وشعورهم بالجبروت حال لقائهم كأنهم حرروا القدس أو دقوا أبواب فيينا يجهلون أن تلك المشية يبغضها الله إلا في الحرب، أو لربما يعلمون ويظنون أنهم في حرب ضد المسلمين وماهم بمسلمين، هذا حال الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وكذا حال الخونة إذا تولوا أمر المسلمين استباحوا بلدانهم وأعانوا أعداءهم وعلى مر العصور كان الظالم عون الظالم أن قتل امتدحه وإن ظلم ابتدره صاحبا مقربا وصديقا حميما، وبين ملوك اليوم وملوك الأمس ضل العدل طريقه فلم يعد "فيها ملك لا يظلم عنده أحد" فالظلم فاق الجهة واكتسح عامة الأرض وحال العالم اليوم "ينتظر من يملئ الأرض عدلا بعد أن ملأت ظلما وجورا" ويا ويل من ظلم العباد وفرق بينهم.

 

ما عسانا نقول في من يسلبوا حقوقنا ليتفضلوا بها على أعدائنا عطاء من لا يملك لمن لا يستحق وكأنهم فرضوا أنفسهم على رقاب أمم ضعيفة ليتفضلوا بها على أمم قوية يتواطأ معها للقضاء؟!

لم يستطيعوا اللحاق بركب الحداثة القطرية في أرضها وإنسانيتها فغرروا بها لترضخ لمكرهم وتتقاسم معهم جريمة الصمت عن مظالم العالم الإسلامي ولتشاركهم جرم الإهمال الذي لا يغتفر، أرادوا دولا خاوية من روح الإسلام خالية من قلوب المسلمين إرضاء لمن يزينون لهم الباطل ويعدونهم بالحداثة التي وجدوها قد سبقتهم عند شعب واعي متفهم أدرك قيمة الإنسان المسلم فعدل عدل السابقين فحاز على مرتبة الإنسان الجدير بالحب والاحترام وإرجاع الفضل لدولته التي علمته كيف يحترم الآخر ويحفظ حقوقه، أما أولئك فقد تسلل الحسد إلى قلوبهم وافتتنوا بوصايا العدو ظانين بأن التنافس على الدنيا قد بدأ منذ أن فشلوا في اختبار الأخلاق فوعدوهم بالخلود والسرمد وما يعدهم الشيطان إلا غرورا.
 
سنين عجاف وهم يغضون الطرف عن جرائم الطائفة المعادية والدول المتغطرسة وكأن الأمر لا يعنيهم بل يدعمونهم بالمال والسلاح والإعلام لإيصالهم إلى أهدافهم الخبيثة التي لم ولن يدركوا سوى أنها حليفة، قاتل أخاك ليس حليفك مهما بلغ من الإحسان إليك فالدم واحد والمصير واحد لكن من يقنع أولئك بأن "الله لم ينهاكم عن الذين لم يقاتلوكم في الدين أن تبروهم" هم ليسوا أمريكا ولا روسيا ولا الطائفة البوذية لأنهم يقاتلونكم في دينكم وبدت عليهم العداوة والبغضاء واعلموكم بأنكم عدوهم الأزلي، أن الله لم ينهاكم أن تبروا بقطر ولم ينهاكم أن تبروا بسوريا واليمن أن الله نهاكم من بر الكافرين الذين جاهروا بكفرهم وأخرجوكم من دياركم أم أن الديار التي اخرج منها المسلمين في سوريا وميانمار لا تعنيكم ولا تعد داخل حيز أرض الإسلام.

 

اهتمام ولي الأمر بأمر أي مسلم حتى وإن كان خارج حدود حكمه دلالة على روح الإسلام التي تغرث في الشعوب الواعية المدركة لضرورة مقاومة المعتدي في أي أرض نزل وفي أي شعب كان ما دام شعبا مسلما ينشد العدل ويطلب الحق الذي منح له من الله عز وجل، ولكن ما عسانا نقول في من يسلبوا حقوقنا ليتفضلوا بها على أعدائنا عطاء من لا يملك لمن لا يستحق وكأنهم فرضوا أنفسهم على رقاب أمم ضعيفة ليتفضلوا بها على أمم قوية يتواطأ معها للقضاء على أي رأس أينع ليقطفوا ثمار جهدهم ويحطموا عمار سعيهم.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.