شعار قسم مدونات

صُنّاع الأمل بدون SMS.. بآمال ياسر

مدونات - ياسر مرتجي
منذ بداية فبراير من هذا العام تم الإعلان عن إطلاق مبادرة البحث عن صانع أمل على مستوى الوطن العربي على الفور فتحت رابط الإعلان حدقت نظري بالراتب والشروط والتي كانت على النحو التالي: مليون دولار قيمة الراتب في الشخص الذي يمتلك جنسية عربية أما عن العمر فهو مفتوح للجميع بالنسبة للمهارات المطلوبة فيجب على المتقدم أن يمتلك نظرة إيجابية للحياة، واللغة عليه أن يتقن لغة العطاء.

 
إن الإجحاف في هذه المبادرات كبير لأنها تختزل عطاء أمة كاملة بطريقة فجة تشوه هذه التضحيات عن طريق التركيز على جانب واحد ألا وهو حب الظهور وحب المال حبّاً جما، وقد يأتي البعض ينوه أن إحدى هذه الجوائز حصدها أصحاب الخوذ البيضاء في سوريا نعم ولكن نصرة أمة كاملة معرضة للهلاك لا تكون عبر تخصيص مليون دولار ربما من دخل في إطار هذه المعركة قضى قبل أن يتم تتويجه، صانعاً للأمل على مقياس أصحاب الدولار.

 
بداية الحديث عن شعب صنع الأمل والكرامة بل ودفع مليارات الدولارات ثمناً لبقاء من يعلن عن مثل هذه المبادرات باحثاً عن صنّاع أمل من حوله، وبالنسبة للجنسية العربية إن هذا الشعب هو الذي حافظ على هوية المعلن العربية والمهارات فهو يمتلك النظرة الإيجابية وحب الحياة منذ سبعون عاماً ويزيد وبما أن العمر مفتوح سأثبت لكم أن الجنين في بطن أمه ساهم في صناعة الأمل من أجل الخروج للحياة من وسط الألم.

 

ياسر ما زال يحلق في سماء الوطن معلناً رفض الشعب صفقة القرن التي تسلب الشعب أمله بوجود العاصمة ورفضاً لقرار ترمب الذي أعطى وطناً وعاصمة لمن لا يستحق

ويجب التنويه أنه ليس لديّ القدرة على إحصاء صنّاع الأمل حول هذ العالم، ولكن سأقوم باستذكار مجموعة منهم على مستوى وطني، وأنا هنا لا أقوم بتقزيم أي صانع أمل تم تتويجه خلال الفترة السابقة ولكن أحاول إظهار أولئك الذين لا يجدون لهم نصير لنقل إنجازاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي.

 

إن هذه القامات التي تعطينا الأمل لا تفكر بمليون دولار هنا أو هناك فهي التي تسلك درب الآلام من أجل أن تصل بنا إلى طريق الأمل ففي وطني صنّاع أمل من الإجحاف إيجازهم ببضع أسطر. قررت أن أبدأ من حيث انتهى الشهيد الصحفي ياسر مرتجى فاليوم يحلق فوق معاناة وطن صنع المجد لقد وصل إلى العاصمة فكانت البداية مع آمال بائع الكعك الذي ما زال يقاوم بكل قوته لسد رمق جوع أطفاله فهو عربي وبالنسبة لمهارة حبه للحياة فهو متقن لها يستيقظ باكراً يعلنها ابتسامة ويحمل بسطة الكعك المتنقلة حتى يصل على أعتاب باب العمود يستقر هناك رغم التعب يقف في خاصرة المحتل هكذا منذ 40 عاماً كل ذلك من أجل التأكيد على أحقيتنا بهذه الأرض أما لغة العطاء فحدث ولا حرج فهو الذي تعرض للضرب بل والاعتقال كل ذلك من أجل التخلص من لغة الإصرار لديه فالمسألة ليست قضية بيع كعك فقط فتأكيده على بيع الكعك يعنى أن دولة الكيان ما زالت تعاني من عدم التمكين.
  
يحلق ياسر دون تعب لقد أدى الرسالة ويصر على استمرار نقلها لنا يصل إلى قرية العراقيب د والتي تعد إحدى قرى مدينة بئر السبع المحتلة والتي ما يزال الاحتلال يهدم بيوت 700 شخص يصرون على عدم ترك بيوتهم المتهالكة في ظل محاربة الاحتلال لهم وبالنسبة لشرط العروبة المطلوب من توفره لدى صاحب مبادرة الأمل فهم عنوان الأصالة ولغة عطائهم مستمرة باستمرار الهدم وحرمان أطفال هذه القرية من التعليم ولكن يصنعون الأمل بشهادة العلم المرجوة أو الدراسة داخل بركسات شديدة الحرارة في الصيف وتغرق في المياه في فصل الشتاء.
   
حدقوا النظر للأعلى فالياسر عاد لغزة وحاله يقول لنا لو قمت بالتنقل في كل بقعة من بقاع هذا الوطن الذي تعرض لتشرذم والتهجير لما استطعت أن أروي كافة آماله وآلامه سأتوقف عند معشوقتي لأنقل لكم ما رأته عيناي في داخل مدينتي طوال اثنتي عشر عاماً من الحصار المتواصل، سأخبركم عن حال ذلك الجنين في بطن أمه فهو عنوان لصناعة الأمل من وسط الألم لقد تعرض لتشوه خلقي قبل أن يأتي لهذه الدنيا كل ذلك بسبب الفسفور الأبيض الذي دك أرض غزة خلال الحروب الماضية. ولم ينتهي الأمر عند هذا الحد فلقد تم تجويع ذلك المشوه ولكن ذويه لم يقفدوا الأمل فحفروا نفق لسد رمق الجوعى والثكلى ولكن أشاروا لها الحصار من أمامك والبحر من خلفك وتم اغراق حليب ذلك الطفل أتى الأشقاء من البحر يحملون شمعدان الأمل قاموا بالتلويح بأيديهم من أجل كسر الحصار ولكن تم قتلهم في عرض البحر.
   

ياسر مرتجى (رويترز)
ياسر مرتجى (رويترز)

 
يا أصحاب المبادرة وطني لم يعدم الوسيلة بل صنّع وطور أصحابه الأسلحة والطائرات حتى نستطيع التحليق فوق يافا وحيفا، لقد استطاعت غزة أن تهدينا أملاً جديداً وخاصة لمن يقبعون خلف قضبان الاحتلال أسرت الجنود أعلنت تسليم أحدهم وخرج ما يقارب الألف ممن صنعوا الأمل لمن سلبت أرضه وقتل ذويها أو هجروا منها.
  
إني أرى الاجحاف بعيون أصحاب تلك المبادرات فلا زالت نظرات البؤس وتحضيرات الشو الإعلامي لفوز صانع الأمل مستمرة على قدم وساق وأنا ياسر بما أني حلقت بآمالكم للسماء لن أترك الساحة فارغة لهم. إليكم ما رأت عيناي في داخل مخيم الشاطئ في العام 2008 م رأيت ذلك الشاب الذي حمل سلاح الأمل مع رفاقه على كتفيه ترجل للدفاع عن وطن هتكت أحلام وآمال سكانه رأيت الشاب إبراهيم أبو الثريا يكافح ويناضل أعلنها مدوية الأمل عنوان المرحلة تعرض لهجوم بترت قدماه لم يعلن الاستسلام بل استعان بكرسي الأمل وعمل من أجل إعالة ذويه ولكن إبراهيم أعلن أنه حتى وإن فقد قدماه فإنه بات واجباً عليه زيارة أقصى نقطة يستطيع الوصول لها تقربه لبلاده المسلوبة استطاع أن يصعد لأعلى برج الكهرباء وضع العلم بالأمل ولكن عيناي رأت الحقد الدفين لذلك الجندي الذي شعر بأن أمل إبراهيم يغيظه أطلق رصاصة الحقد نحو رأسه في يوم الخامس عشر من ديسمبر 2017 م لقد ظن هذا الجندي أن المهمة قد اكتملت وتم نشر الآلام والأتراح على طول حدود غزة لم يعلم أن العطاء عنوان المرحلة المستمر حتى استعادة الأرض إن هذه البقعة من الأرض عطائها مستمر واليوم نشهد أكبر حدث في صناعة الأمل دون الحاجة إلى SMS لتقييم مدى نجاحها بصناعة الأمل.
  
إن ياسر ما زال يحلق في سماء الوطن معلناً رفض الشعب صفقة القرن التي تسلب الشعب أمله بوجود العاصمة ورفضاً لقرار ترمب الذي أعطى وطناً وعاصمة لمن لا يستحق اليوم أحلق فوق المعتصمين الذين انطلقوا وفي يدهم اليمنى السلاح بحالة الاستعداد واليد اليسرى غصن الزيتون لوهلة من الزمن حتى يتم التأكيد أن الغاية هو الأمل بالعودة لأحضان الوطن المسلوب وليس النوم في أحضان حروب مستمرة. في هذه اللحظة ينقل لنا مرتجى حال محمد أبو عمرو لقد خط على شاطئ بحر الوطن لحن العودة والرجوع إلى الديار بكل أمل، ذهب محمد إلى المسيرة الرمزية عند أقرب نقطة من الحدود ولكن قناص الحقد لم يمهله الكثير، قضى على آماله ولكن جاء الزملاء وأعادوا الأمل ورسموا خريطة الوطن على طول شاطئ بحر غزة حتى يرى محمد أبو عمرو ما تمنى من الأعلى.

 
لم تنته الحكاية والآن أتى دور آمالي حتى تتوج لقد تمنيت منذ القدم أنا الصحفي الذي أنقل لكم الحقيقة وأتأمل تمنيت أن أرى فلسطين ووطني برحلة استجمام في الطائرة ولكن حدثت المفارقة صوبت الكاميرا على طول حدود وطني وسط دخان الكاوشوك حتى أنقل الحقيقة أن الجنود يختطفون الأمل ويرسمون الألم لقد نجحوا في ذلك لوهلة فالرصاصة اخترقت أحشائي نظرت للأعلى حلقت نظرت للكاميرا خاصتي نظرت للزملاء والمعتصمين لقد حملوني على الأكف وحال عيناي يقول لا تتعبوا أنفسكم ولا قلق بعد اليوم ، أنتم مكانكم عند أقرب نقطة من البلاد لا تعودوا وأكملوا صناعة العروبة والعطاء وأثبتوا أنكم تحبون الحياة ما استطعتم إليها سبيلا ولكنها ليست هدفاً أسمى بل الكرامة أما أنا لقد حققت حلمي وسافرت وحلقت ورأيت آلام وطني المنتشرة من الشمال للجنوب ورأيت الأمل رقعته تتسع ،يا رفاقي إن أملكم ينتصر فهذا واضح وضوح الشمس لقد اقترب بزوغ الفجر لا تعودوا ولا تتركوا المجال لأصحاب شركات الاتصالات أن يحددوا من يصنع الأمل بل استمروا بالاعتصام حتى يوم الخامس عشر من مايو وأعلنوها أنكم عنوان الأمل لهذه المرحلة.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.