شعار قسم مدونات

مشاهد الصواريخ تذكر بالحرب الباردة.. سوريا أفغانستان ثانية!

مدونات - صاروخ الهجوم الأميركي البريطاني الفرنسي على سوريا

مشهدية الصواريخ الغربية تعيد ذكرى الحرب الباردة.. هل تتحول سوريا إلى أفغانستان ثانية؟!

مشهد الصواريخ الأمريكية المتساقطة أمس على سوريا لا يشي بخير.. هذه الصواريخ لم تستهدف النظام السوري وليست رداً على المجزرة الكيميائية في دوما، إنها رسالةٌ "غربية لروسيا" مُفادها "كُلنا سنمنع وجودك في سوريا، والخيارات أمامنا مفتوحة".

 
الصاروخ الأقوى كان تغريدة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب التي لم ينتبه إليها كثيرٌ من المراقبين العرب والتي اعتبر فيها أن العلاقة مع روسيا في هذه الفترة هي الأسوأ، حتى أكثر من فترة الحرب الباردة"، ومن المعلوم أن تلك الفترة تميزت بخوض الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي حروبا ضد بعضهما البعض من خلال وُكلاء، والتي كادت أن تتحول إلى حرب نووية مباشرة في بعض الأحيان كما حصل في أزمة الصواريخ الكوبية عام ١٩٦٢ حينما نصب السوفيات صواريخاً قادرة على حمل رؤوس نووية في جزيرة كوبا القريبة من السواحل الأمريكية، حينها انتهت الأزمة بسحب الصواريخ السوفياتية مقابل تعهد أمريكي بعدم غزو كوبا للإطاحة بنظام فيدل كاسترو حليف السوفيات.

 

في المقابل كانت الحرب الأفغانية ضد السوفيات (١٩٧٩-١٩٨٩) حرباً قادتها الولايات المتحدة عبر وكلائها العرب (المجاهدين الأفغان) بمساعدة سعودية لاستنزاف السوفيات عسكرياً في جبال أفغانستان الوعرة، ولقد آتت هذه الحرب أُكُلها، فانسحب السوفيات وكان من نتائج هذه الحرب غير المباشرة أيضاً سقوط الاتحاد السوفياتي.

اليوم، تعود روسيا بقوة إلى الساحة الدولية من خلال عدة ملفات:

كان بإمكان الأمريكيين أن يوجهوا منفردين الضربة لسوريا، لكن إدارة دونالد ترمب آثرت مشاركة فرنسا وبريطانيا في "الضربة الرمزية" لتوجيه رسالة إلى روسيا بأنها وحدها على الساحة الدولية بوجه "الغرب"

الملف الأول هو مشروع "السيل التركي" والذي يتمثل بمد خطين للغاز الطبيعي المسال من روسيا إلى تركيا مروراً بالبحر الأسود، الخط الأول لتغطية حاجات تُركيا، والأخر يمر بتركيا عبر اليونان ومن ثم لبلدان أوروبا الوسطى والغربية، وهذا المشروع يعزز وجود الروس اقتصادياً في المنطقة، ويقال (لست خبيراً عسكرياً) أن القاعدة الروسية في طرطوس هي بهدف حماية هذا الخط بحرياً!

 

الملف الثاني هو الوجود العسكري في سوريا وحماية النظام السوري من السقوط، وبحسب بعض المراقبين الأمريكيين فإن من منع النظام فعلياً من السقوط هم الروس، ولولا التدخل الروسي لكانت سوريا تفككت على الأقل، والجميع يعلم دور روسيا في إنهاء معركة حلب واعادة خطوط الوصل بينها وبين دمشق المدينتين اللتين تشكلان تاريخياً ما يُعرف بسوريا! ولولا روسيا أيضاً لكانت حرب الاستنزاف بين المعارضة السورية من جهة والمليشيات الإيرانية وحزب الله والجيش السوري النظامي من جهة أخرى قد طال أمدها وكبدت إيران نتيجة ذلك مزيداً من الخسائر وجعلتها تُستنزف بطريقة أكبر.

 
كان بإمكان الأمريكيين أن يوجهوا منفردين الضربة لسوريا، وهذا أمر كانوا قد قاموا به العام الماضي حين تم قصف قاعدة الشعيرات أثر المجزرة الكيماوية حينها، لكن إدارة دونالد ترمب آثرت مشاركة فرنسا وبريطانيا في "الضربة الرمزية" لتوجيه رسالة إلى روسيا بأنها وحدها على الساحة الدولية بوجه "الغرب". من غير المعروف حتى الساعة ما هي أدوات مواجهة الغرب لروسيا في مشروعها "الشرق أوسطي"، إلا أن هناك مؤشرات يجب التنبه لها:

 

undefined

 

– هجمات طائرات الدرونز أوائل هذه السنة والتي استهدفت مطار حميميم العسكري والتي أسفرت عن تدمير عدد من الطائرات الروسية، ويقال أن عددا من طائرات الدرونز اقترب من القاعدة العسكرية في طرطوس، يومها وجهت الاتهامات لجماعات سورية مقاتلة مدعومة من واشنطن، بالإضافة إلى هجمات أخرى بقذائف الهاون استهدفت معسكرات روسية.

 
– القصف المباشر لمواقع سورية كرسالة تهديد المستهدف منها روسيا وكان آخرها هجمات التوماهوك ليل أول من أمس مع حملة تهويل اعلامي عنوانها حشد فرقاطات ومدمرات قبالة سواحل سوريا، وهذا التهديد بتدخل مباشر في الميدان السوري وقلب المعادلة لصالح المعارضة السورية مما يعني مباشرةً اسقاط نظام حليف لموسكو.

 
– دعم جماعات معارضة من قبل واشنطن كقوات سوريا الديمقراطية والتي يمكن أن تستخدم في المستقبل كأداة لواشنطن في النزاع السوري!

 
في المحصلة، ليست الصورة واضحة حتى الساعة، وما هي الأوراق التي ممكن أن تلعبها روسيا للحفاظ على تقدمها "الشرق أوسطي"، لكن من المؤكد أن الحرب السورية تخفي كثيراً من المفاجآت، رُبما يكون أحدها أن تتحول سوريا إلى افغانستان ثانية.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.