شعار قسم مدونات

إيران وإسرائيل.. المحرقة ستبدأ في سوريا

blogs الضربة الإسرائيلية على القواعد الإيرانية في سوريا

يمكن القول وإلى غاية كتابة هذا المقال، ما لم يستجد جديد ما، أن الإيرانيين يتعاملون بذكاء أمام الاستفزازات الإسرائيلية، ضربوا في الجولان ولم يضربوا إسرائيل مباشرة، فتوجيه الضربة إلى اسرائيل مباشرة يعني عدول أوروبا عن موقفها المساند للاتفاق الإيراني، يعني خروجا لأوروبا من معارض لترمب إلى حليف متفهم لمواقفه، هذا ما يبحث عنه الإسرائيليون، وهم في كل الأحوال رابحون.

أقول بأن العدو الصهيوني رابح لأنه يضرب ليقتل ويحطم، فهو سيزيد الاستفزازات ولن تجد إيران إلا بعض الضربات في الجولان، أو إن غامرت إيقاظ الجبهة الجنوبية للبنان ممثلة في حزب الله، وهذا أمر صعب، لأن إقدام طهران على توجيه ضربة إلى إسرائيل معناه أنها أحرقت جميع أوراقها، المتمثلة في التعاطف الأوروبي والمساندة المحتشمة للروس هؤلاء الذين ينتظرون الاستفراد بسوريا لوحدهم دون منافسة إيرانية تذكر، لهذا لا نستبعد أن موسكو ستقف موقفا محايدا، ما دامت نتائجها تعني حفاظها على سوريا الساحلية في إيديها دون تشويش إيراني. إيران في موقف صعب فإما تبدو أمام العالم الإسلامي مجرد بروبغندا إعلامية، وإما أن تهاجم إسرائيل في عقر دارها وهنا سيلتف العالم الغربي كله ضدها. سوف تستمر الاستفزازات الإسرائيلية، وسيبقى الصبر الإيراني معلقا بخلد روحاني ومن معه.. فإلى متى ستمتد الحكمة الإيرانية؟ أم أن التهور أمر لا مفر منه حرصا على ماء الوجه؟

ترمب لم يحرق الاتفاق النووي حتى مهد للمصالحة بين الكوريتين، بل مهد بضغط منه إلى تبني السعودية سياسة أكثر انفتاحا، من ضمنها قيادة المرأة للسيارة، قد تتعجبون لطرح هذا الموقف في سياق عالمي ذي أهمية كبرى، لكن الأمور مرتبطة ارتباطا وثيقا، فقيادة السيارة من طرف النساء لوحدهن يعني قيام موضة سعودية، ستجر إقبالا نحو شراء السيارات بشكل متزايد، على ما كان سلفا، وإذا علمنا أن الخروج من الاتفاق النووي يهدد شركات عالمية من ضمنها شركات أوروبية مختصة في صناعة السيارات، وأخرى في صناعة الطائرات.. فإن هذه الشركات ستتبع مصالحها فقط ولا يهمها إيرانيون ولا سعوديون، ما يهمها إلا الربح فقط.

 

ستتضح الأمور أكثر بعد زيارة ترمب لكوريا الشمالية، فهذه الزيارة تحمل في طياتها محاولة تصدير عقود الشركات التي قد تخسر في إيران حيال الخروج من الاتفاق النووي
ستتضح الأمور أكثر بعد زيارة ترمب لكوريا الشمالية، فهذه الزيارة تحمل في طياتها محاولة تصدير عقود الشركات التي قد تخسر في إيران حيال الخروج من الاتفاق النووي
 

إذن كأني بترمب يقول لهذه الشركات، لقد فتحت لكم أفاقا استثمارية بديلة في السعودية وكوريا الشمالية، والعرض محدود وسريع المهلة، فإما أن تتبعونني في حماقتي، وإما ستستثمرون في بلد إيراني مقبل على الحرب لا محالة، أو في أقل تقدير مقبل على سنوات عجاف، وركود يتمثل في عقوبات اقتصادية أمريكية قد تتناسل لتصبح دولية شيئا فشيئا، في انتظار الفرج الذي لا يراه الأمريكيون إلا في انقلاب على نظام الملالي الثوري، انقلاب يأتي بنظام آخر يكون مطواعا للتوجهات الغربية، ويدور في فلكها جهارا نهارا، لا فقط متفاهم ومتعاون مخابراتيا فقط إلى حد ما، كما هو الأن.

من هذا المعطى لا تعولوا على الموقف الأوروبي ولا الروسي، فسيتغير في الأيام القادمة، بتغير براغماتية رؤوس الأموال التي بأيدي شركاتها العالمية، فقط هذا الموقف، ينتظر حجة ليتمظهر فيها بأنه يسعى إلى العدالة، والعدالة المرجوة عندهم ستقضي بأن الشر إيراني والبراءة صهيونية. وهذا موقف يكاد يصبح عرفا في الساحة الدولية، فالولايات المتحدة الأمريكية أضحت هي المفسر للقانون الدولي، بل أن تصرفاتها لا تخضع لهذا القانون، فهي لها الحق في التنصل من أي اتفاق شاءت، من ذا الذي يحاكم أمريكا ومن ذا الذي يشير لها بالبنان بأنها ظالمة وتستحق العقوبة؟

خلاصة القول أن الأمور ستتضح أكثر، بعد زيارة ترمب لكوريا الشمالية، فهذه الزيارة تحمل في طياتها محاولة تصدير عقود الشركات التي قد تخسر في إيران حيال الخروج من الاتفاق النووي، تصديرها نحو كوريا الشمالية ومنها شركات الطيران كبوينغ وإيرباص وصناعة السيارات وغيرها، وهذا سيظهر بجلاء أن الموقف الأوروبي الرافض لتنصل الولايات المتحدة للاتفاق النووي الأن، سيكون مصيره التغير، في حال وجدت شركاتها منافذ استثمارية بديلة في سوق بكر ككوريا الشمالية. وهذا يعنى أن ضربة لإيران ومن يتبعها وشيكة الوقوع، وأن من يعجل بها هو رد الفعل الإيراني، ومدى نجاح نتنياهو في استفزاز هدوء روحاني.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.