وحسب آخر الإحصائيات المقدمة من طرف منظمة الصحة العالمية، تأتي السودان على رأس الدول العربية من حيث الانتحارات المسجلة، يليها مباشرة المغرب، ولم تقتصر الحالات على المدن الكبرى حيث تتسارع وتيرة الحياة وتتزايد الضغوط التي يعانيها العمال، بل انتقلت العدوى الى المدن الصغرى والقرى الهامشية التي يعاني شبابها من البطالة وغياب التأطير والتوجيه (للإشارة فإقليم شفشاون يعرف حالات شبه أسبوعية) بالإضافة إلى تسجيل انتحارات في صفوف الأطفال.
الاحترام وتقبل الاختلاف والابتعاد عن الأحكام الجاهزة أجمل ما يمكن أن يقدمه الفرد للناس، ولنتعلم التسامح والرأفة، فلا تأذي أحدا فإنك ميت وإنهم ميتون! |
لقد أصبحت حالات الانتحار بالمغرب حوادثا متكررة بشكل يثير المخاوف والتساؤلات، ومع ذلك تأبى الدولة الإقرار بكونها ظاهرة يجب معالجتها ووضعها ضمن أولوياتها واستراتيجيتها وتخصيص الموارد البشرية والمالية الضرورية للحد منها كإنشاء متنفسات مجالية، تربوية وصحية من شأنها تجديد الأمل لدى الفئات الهشة، خلق خلايا للمساعدة الاجتماعية والنفسية وزرع بدور الثقة في مؤسسات الدولة بعيدا عن المزايدات السياسية وكف بعض ممثلي السلطة عن ممارسة الشطط وإهانة المواطن البسيط الساعي وراء لقمة عيش حلال. (وما حادثة القائد الذي تسبب مؤخرا لشاب في مقتبل العمر في عاهة مستدامة، وحالة "امي فتيحة" التي أضرمت النار في جسدها بعد الإهانة التي تعرضت إليها من قائد منطقتها إلا حالات من كثير توثق لغطرسة وتهور المسؤولين وما قد ينتج عنه من أزمات عميقة وشعل فتيل فتن نحن في غنى عنها).
وفي هذا الصدد، سبق لصاحب الجلالة الملك محمد السادس أن أثار في خطاب العرش لشهر موضوع الرأسمال غير المادي وكيفية اعتماده كمعيار أساسي خلال 2014 يوليو من سنة وضع السياسات العمومية، لدراسة جوانب التنمية التي تعتبر حاسمة مثل جودة المؤسسات، ونوعية العلاقات بين أفراد المجتمع، مّجودة التعليم، ولنتعلم أن الاحترام، تقبل الاختلاف والابتعاد عن الأحكام الجاهزة أجمل ما يمكن أن يقدمه الفرد للناس ولنتعلم التسامح والرأفة، فلا تأذي أحدا فإنك ميت وإنهم ميتون!
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.