شعار قسم مدونات

تانغو وتيشيرت ماركة.. كيف ينسلخ المجتمع من هويته؟

blogs - الشباب العربي

من الواجب أن نقول أن ما يشاهد ويشم في شارعنا العام مؤخرا لا يسر النظر ولا يعطر الأنوف بدأ من منظر الأوساخ المتراكمة وأن إماطة الأذي عن الطريق أحد شعب الإيمان والمياه الأثن انتهاء بلباس الناس وزيهم بل وبلغتهم وتعاملهم كأفراد في مجتمع واحد والحياء أحد شعب الإيمان وهي بضعة وسبعين شعبة وليس مستغربا أن تنادي جهات عديدة وليس جهة واحدة فحسب بأن تقوم جماعة ما بمناهضة هذه الظواهر التي لا تشبه مجتمعنا السوداني المعروف بالمحافظ والمتدين فليس مستساغا بالمرة ما أصبح يصاحب طقوس زواج فتياتنا هذه الأيام وما يدور داخل ما يسمى بالصلات وما يرتدي من لباس لإشبينات العروس والعريس والإشبين كلمة سريانية معناها وصي أو حارس أو مسئول أو مكلف بمسئولية محددة وتطلق على الشخص الذي تكلفه الكنيسة لرعاية المعمد روحيا ودينيا.

 

غير رقصة العروس الخاصة الفالس أو الأخرى التي تسمي التانغو لا أدري كل هذه الجوطة إن صح تسميتها كلها على بعض انسلاخ واضح للهوية حتي وان كان شأنا خاصا بالعروس على نحو ما إذ يسمح لها فيه بتحقيق رغبة أخيرة قبل أن تدخل قفص الزوجية رسميا إلا أنه شأن عام أيضا يخص كل المجتمع وشأن مقدس لا يجوز أن يترك لأحلام صبية وحدها يجب أن تتدخل العائلة على نحو ما لإسكات أصوات الموسيقي الغريبة علي آذاننا ووقف التصاق الأرجل المشين المسمى رقصة التانغو وإذا كان الرقص السوداني للعروس الموجود في الإرث قد تمت إعادة النظر فيه وأصبح من العادات غير المتداولة بكثرة وتم شطبها من قائمة ما يجب تحقيقه في العرس في ظل انتشار التدين واللباس الإسلامي.

نجد أن هناك فوضي وسطحية أصبحت سائدة فليس بمستغرب أن يتغير السلوك وتنطوي القيم خجلة في ظل ما يتسيد من مفاهيم تحتاج كلها إلى إعادة نظر وتوعية

ويمكن لفعل مثل هذا أن يصير ظاهرة تشيع في أعرافنا طمسا وتضليلا لذلك وجب الانتباه وعلى أولياء الأمور التدخل لكبح جماح التفلت الذي قد يصيب المجتمع بالفالج الذي لا علاج منه ولا تطبب وإذا كان هذا شأن خاصا يمكن ملاحقته وحصاره لكن الأسوأ منه ما يحدث لقادة المستقبل أمل الأمة طلاب المدارس والجامعات وهي مكان للضبط والتهذيب وتقويم السلوك للأفضل فهل يعقل أن يذهب طالب في مدرسة ثانوية إلى مدرسته بنظارة شمسية وسماعة هاتف تتدلي من أذنيه وشعر يتجاوز العشر سم منتوف واقفا للأعلى تقليدا للاعبي الكرة أو مغني الروك ويرتدي حذاء من أحدث الصيحات وبنطلون تقف حائرا متسائلا كيف أدخله إلى ساقيه وبمباركة الوالدين بل هما من يقوم بتوصيله ويستقبله المشرف أو المدير أي كان على هذه الهيئة ولا استنكار إلا من المارة.

وليس من العدل أن يجلد تلميذ الصف الأول أساس من قبل معلمي مدرسته لأسباب لا ناقة له بها ولا جمل مثل تأخير المصاريف الدراسية للحصص الإضافية للتقوية وهو شأن يقرره من يقوم علي ولايته الذين قد يرفضون أن يشارك فيه هذا التلميذ الصغير الذي لا يستطيع الصبر علي الدروس الأساسية حتي يضاف عليه عبء جديد وهذا صراع يدور سنويا بين أولياء الأمور وإدارة المدارس والضحية كما هو واضح هو التلميذ الذي ترك أمانة في أيدي القائمين على المدارس إذ به يعود مجلودا على فعل لم يرتكبه فأي مفهوم نريد أن يتبناه هذا الصغير ونأتي بعد ذلك نشتكي من الظلم والطغيان لعلمكم تعليم الطغيان يبدأ من الأساس.

وأتت الأزمات الاقتصادية الأخيرة وتمايزت الصفوف فهناك من ظهر معدنه الأصيل وسودانيته القحة وهناك من ابأن استغلاله للمواقف والأزمات وحولها الي منفعة شخصية وتجارة يتكسب من ورائها دراهم معدودة ستذهب هباء منثورا وان كثر مدخولها من صفوف البنزين أو الخبز أو غيرها من الثغرات التي وفرتها الأزمات التي ضربت الاقتصاد في الثلاثة الشهور الماضية وإحالة حال الناس إلى أوضاع من الضنك والمعاناة المستمرة.

يتضح من هذه النماذج القليلة وهي الأكثر انتشارا وتأثيرا وهي نقطة في بحر من المتغيرات السيئة المستنكرة من عقلاء المجتمع والمرفوضة من قبل أغلب الناس لذلك نجد أن هناك فوضي وسطحية أصبحت سائدة فليس بمستغرب أن يتغير السلوك وتنطوي القيم خجلة في ظل ما يتسيد من مفاهيم تحتاج كلها إلى إعادة نظر سواء من قبل الأسر أو القائمين على أمر التوعية والإعلام لخير العباد والبلاد.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.