شعار قسم مدونات

الجامعات الجزائرية.. جهل وفساد وقرارات سريعة الانهيار!

مدونات - جامعة

لست أدري هل أبدأ بحال الجامعة الجزائرية قبل بزوغ هذا النظام المنبوذ أم بحال الجامعة بعد انتشاره الحقيقة تقال رغم مرارتها: "الجامعة الجزائرية مصنفة في آخر القائمة عالميا قبل وبعد تبني هذا النظام إذا المشكلة في عقول من أخذوا هذا النظام وطبقوه دون دراسة وتحليل، ومن يريد أن يرتقي بمستوى بلده الأكاديمي يُطالب من يعتبرون أنفسهم متخصصين بشرح الأسباب والدوافع، يقترح عليهم حلولاً، ينجز شيئا جديدا يسمح لجامعته أن تتنفس القليل من النجاح، أما الحروب الكلامية الموزّعة هنا وهناك ستزيد من الطين بلة، وكما يقول المثل "الفاهم يفهم والحديث قياس".

 

أستغرب فيمن يحاربون الرداءة ويحتجّون أمام الوزارات مضيعين كامل يومهم على مطالب يا إما تافهة أو غير معقولة، اذهب ولملم أفكارك وأبهرنا بشيء يستحق كل هذا التغوُّل الذي أنت فيه، أصلح إذا من مستواك ثم حاول أن تصلح ممن حولك، الفساد متفشي ليس في قطاعات التعليم والتربية فقط، بل أكثره وباء في العقول، ثم جميعنا نعرف أنه لن يتِّم الاستماع لك أو تلبية ما تريد فكل شيء داخل في بعضه وإن أردت البناء فعلا ستتعب.
 

لن نسير قدما ولن نرتقي بالبحث العلمي والأكاديمي ما دام هناك فساد ورشاوي ووساطات، ما دام هناك حرمان للطالب من مادة علمية يستفيد منها وعدم السماح له بحضور المؤتمرات العالمية والدولية تحت حجة التقشف

"ل م د" ما المشكلة فيه، هو نظام عادي، لماذا تراه ناجح في دول عديدة وحين أخذنا به فشل؟ قبله كانت شهاداتنا تقريباً صالحة داخل تراب الوطن فقط وحينما طبقناه ظلت الشهادات كذلك، حسنا إذا لا جديد يستحق شن كل هذه المعارك ثم أن كلّ من يتوج نظامه الكلاسيكي كشيء مقدس لا ينبغي مساسه فهو في قمة الجهل، العالم يتطور ونحن لا نزال ندافع عن أنظمة بلا روح، نحارب نظام LMD الفتي الذي خرج للحياة حديثا، وحتى نتقبل إبداعات وزارات التعليم في الجزائر ومفاجآتهم الصادمة غير المدروسة في كثير من الأحيان أو إن صح التعبير قرارات سريعة الانهيار.

  
تدور اليوم حرب بين دكاترة علوم ودكاترة الطور الثالث المنبوذين، هي عداءات لا معنى لها ما دامت تنشر التفرقة في الوسط الأكاديمي، ولما الشك في طلبة هذا النظام واتهامهم ما دام كبار أساتذتهم من نظام الكلاسيك، أي أن المعرفة التي أخذوها لا علاقة لها بأنظمة عقيمة، تبقى فقط مجرد تسميات والمغزى في المحتوى وما يمكن تقديمه في الحاضر والصورة التي سيكون عليها في المستقبل: "كالعادة من يُثيرون الفتن هم جماعات مريضة نفسيا أو تعاني من انفصام أو جنون العظمة، حاجتهم في التسلية والشهرة هي التي تدفعهم للحديث بلغة الخشب ورمي نفايات أفكارهم في المجتمع".

 

مثل هؤلاء دواؤهم الحقيقي التطنيش، للأسف لن نسير قدما ولن نرتقي بالبحث العلمي والأكاديمي ما دام هناك فساد ورشاوي ووساطات، ما دام هناك حرمان للطالب من مادة علمية يستفيد منها وعدم السماح له بحضور المؤتمرات العالمية والدولية تحت حجة التقشف وعدم توفر المال، عدم السماح له بتطبيق ما توصل إليه في أرض الواقع والخروج بنتائج قابلة للتنفيذ، سيبقى كل شيء عشوائياً، سيبقى كل سرب تائها وتبقى الجامعة في حالة مرضية تأخذ بها كل مرة نحو الانحطاط والزوال. لابد للجيل القديم الكلاسيكي أن يساهم في توعية هذا الجيل إن كان فيه عيوبا كثيرة كما يعتقد، علّمه مما اكتسبت، خذ بيده إلى مستواك إن كنت تراه راقيا إلى هذا الحد، ما الهدف من انتقاد بعضنا، السب والتجريح، الإنقاص من قيمة هذا وذاك، لماذا كل هذه الحساسيات؟ وفي الأخير الجامعات إلى مزيد من التدهور!

  
الحل في أن نتقبل نقصنا ونحارب تخلّفنا، أن نعمل معا على خنق أوتار همجيتنا التي تأكل من أُخوّتِنا والعمل يدا بيد لامتصاص ضعفنا العلمي قبل أن يتحوّل إلى كارثة.. المشكلة لا تكمن في كون هذا النظام كلاسيكي أو ذاك، LMD المعضلة الحقيقية في عقولنا ومدى إدراكنا للتطورات الحاصلة خارج كوكب الجزائر، فالجميع هنا يركض وراء حياة الترف والسيارات الفارهة والبدلات البراقة والعلاقات الرسمية مع بعض الشيّاتين، ليس حتى نرتقي لمستوى الجلوس على طاولات التفاوض العالمية ونفرض آراءنا بقوة العلم الذي وصلنا إليه، ولا حتى كي نربي جيلا مثقفا يبدع، يكتشف، يخترع يأتي بنظريات جديدة، يعمل على حل الأزمات المستعصية، والحقيقة المرّة أن العالم ليس بحاجة إلى صراعات تافهة مثل التي تحدث عندنا: "كفانا مهازِلا، كفانا جدلا حول مواضيع عقيمة لا فائدة منها الإنجاز الحقيقي أن نُوصل أصواتنا لصانع القرار، نبني دولة أخرجت المستعمر من ٥٦ عاما، لكن أبناءها يتعاركون على هدمها والعمل على ادخال المستعمر مرة أخرى".

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.