شعار قسم مدونات

وجدت نفسي.. رحلتي إلى تخصص العلاقات العامة

blogs تخرج

جميع من دخلوا الحياة الجامعية مروا في مرحلة الثانوية العامة "التوجيهي"، لا أعرف كيف أصف هذه المرحلة لصعوبتها، ولا كيف أصف التعب الذي صاحبها، ناهيك عن التعب النفسي والإرهاق والبكاء، والاكتئاب، والمخاوف وتخيلات من الرسوب وعدم القدرة على التأهل للجامعة ومرت هذه المرحلة ولله الحمد. أتى يوم إعلان نتيجتي اليوم المنتظر على أحر من الجمر، ولكن استقبلت نتيجتي وأنا في المشفى لإصابة اثنين من أخوتي بحادث سيارة في صباح اليوم، وعندما علمت بأمر حادث أخوتي لم تهمّني نتيجتي كل همي تغير إلى أن يصبحوا بخير وألا يصيبهم أي مكروه، لا أريد الإطالة لوصف شعوري في هذا اليوم. ولكن المفاجأة أيضا أني حصلت على معدل 94.8 إلى الآن لا أدرى كيف حصلت على هذا المعدل وكيف حدثت جميع هذه الأحداث في يوم واحد.

وذات مرة وأنا أبحث عن تخصص للدراسة يناسب ما أطمح وأرسوا إليه، حدثتني رفيقتي عن تخصص العلاقات العامة، وأنه تخصص جميل وممتع ومفيد فعندما ذهبت للتسجيل وكان معدلي يؤهلني لدخول هذا التخصص فسجلت مباشرة به، كانت السعادة تغمرني لكني كأي طالب جامعي وجدت الحياة الجامعية تختلف عن الحياة المدرسية بشكل كبير، فأنت مجبر على تحمل مسؤوليتك. فقد دخلت عالم جديد ومختلف شعرت بأن التخصص صعب، لذلك قررت تغير تخصصي، فسجلت الفصل الثاني بكلية الشريعة، لكني شعرت بالضياع والتشتت أكثر، وبقي تخصص العلاقات العامة عالقا في مخيلتي، أحببت معنى علاقات عامة فالحياة أسلوب تعامل، واجهت كثير من الصعوبات لأعود لتخصص العلاقات العامة وعدت وأردت أن أثبت لنفسي وللآخرين أني جديرة بهذا التخصص، وبدأت رويدا رويدا، أستقر نفسيا وأتعمق أكثر في العلاقات العامة وأصقل نفسي وشخصيتي.

العلاقات العامة عنوان متفرع ومتشعب عند دخولك لهذا التخصص سوف تغوص في أعماق العلاقات، لتستكشف معنى "الإيفينت" و"الإتيكيت" وستتوقف في لحظات لتفهم الفرق بين "الدعاية" و"التسويق" و"الإعلان"، وأيضا ما هو بروتوكول التعامل بين الدول. ستفهم كيف تفكر الشركات وكيف تواجه أزماتها من خلال إدارة أزمات مرت بها، وعليك أن تتعلم ذلك فأنت الشخص المؤهل في هذه الوظيفة. أرى ممارس العلاقات العامة رجل إنقاذ للمؤسسة من أي ضياع.

 

توسعت علاقاتي وهذا الأصل في تخصصي نسج العلاقات، شعور جميل أن تنسق لأمسية، ندوة أو ورشة عمل، ولكن الأجمل أن تحصد نجاح هذا العمل
توسعت علاقاتي وهذا الأصل في تخصصي نسج العلاقات، شعور جميل أن تنسق لأمسية، ندوة أو ورشة عمل، ولكن الأجمل أن تحصد نجاح هذا العمل
 

تعلمت كثيرا من مساقات مختلفة من إدارة الحدث والقانون وأخلاقيات العلاقات العامة ومراسم الإتيكيت والمناهج وغيرها، بدأت أصعد سنة تلو أخرى لكن هناك دائما لحظة النهاية وأنا ألان على أعتابها في أخر فصل لي بالجامعة في فصل التدريب، أي تحويل النظري وما تعلمته ودرسته وما تم شرحه لنا للجانب العملي، لأجد نفسي بمهام على أن أطبقها بما تم شرحه. جميعنا نعلم أننا في بداية الشيء نستصعب الأمور ونرى أنفسنا تائهين فحياتك كطالب تختلف عن مطبق للمهام التي كنت تتلقاها على مقعدك الدراسي.

تدريبي كان في دائرة العلاقات العامة في جامعة النجاح، وأنا على وشك إنهاء ساعاتي المطلوبة مني، ضمن المساق ولكن لا اعتقد بل أنا على يقين بأنها لن تكون نهاية أيامي مع دائرة العلاقات العامة، بل هي بداية إبحاري في العلاقات. فأنت عندما تشعر أنك بدأت تصقل شخصيتك وأن هناك من يثني على إنجازك، فأنت تشعر بأنك بدأت بإيجاد نفسك وموقعك بالمجتمع وبدأت شخصيتك تتبلور نحو هدف منشود. 

فهذا التخصص هو السر الكبير في تماسك أي مؤسسة ونجاح أي عمل هو روح التعاون فنحن جميعنا نعمل بروح الفريق ونتعاون لإنجاز العمل على أكمل وجه. تعلمت أيضا أن الوقت ثمين عليك أن تستغله في تطوير نفسك ونسج علاقات مع أكبر عدد من الأشخاص، وأن تكون لديك علاقة قوية مع الآخرين. أصبح لدي علاقات مع شخصيات مهمة وفاعلة بالمجتمع بسبب المقابلات والتسجيلات واللقاءات مع الشخصيات الهامة كلا في مكانه، وتعلمت منهم ومن تفكيرهم الكثير والكثير.

 

تكونت لدي لمحة ولو بسيطة عن كثير من أمور ومواضيع علمية وحياتية من المقابلات التي أقوم بإجرائها. أصبحت أشعر أن علاقتي مع "الدكاترة" في الجامعة صداقة وتفاعل أكثر من أني طالبة. توسعت علاقاتي وهذا الأصل في تخصصي نسج العلاقات، شعور جميل أن تنسق لأمسية، ندوة أو ورشة عمل، ولكن الأجمل أن تحصد نجاح هذا العمل ولو كان بسيط فأنت تطمح للأفضل. شاركت في تنظيم أمسية وإطلاق ديوان شعري، وكثير من الفعاليات ولو شيئا بسيطا. لكن بالنسبة لي تركة بصمة قوية لإصراري لإنجاز شيئا أفضل فأنا لم أتوقف عند هذا الحد سأستمر لأكتشف المزيد والمزيد…، أشعر بأني ألان متأهلة لعمل أيفينت ومشاريع لشركات، صغيرة كانت أم كبيرة. إذ أصبح لدي الجرأة والمعرفة والاندفاع والخبرة بالممارسة وسوق العمل، وقادرة على ترك بصمة ولقد وجدت نفسي.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.