شعار قسم مدونات

سؤال لابن سلمان.. من الذي يجب أن يخرس؟

BLOGS بن سلمان

بوادر البيع كانت ظاهرة تماما، واليوم يريدون تتمة الصفقة التي جُهِزت بين مثلث البيع "الرياض والقاهرة وترمب" بمشاعرٍ من السعادة الغامرة رحب نتنياهو بالوفد الأمريكي لنقل السفارة الأمريكية للقدس، ولم يبقى أي مسؤول في إدارة ترمب إلا وأكد على يهودية القدس و"إرهاب الفلسطينيين".

لا تنخدعوا بذلك الزيف

القدس وفلسطين ليست إلا رشوة سهلة على ما يبدو يقدمها الأمير الطموح "محمد بن سلمان" للسيد كوشنير في سعيه لمشاريعه المتدحرجة حتى وصلت لبيع القدس، وما يزيد الأمر مضاضة ما صرح به الأمير خلال اجتماعه مع قيادات صهيونية في نيويورك قائلا "على الفلسطينيين أن يقبلوا المفاوضات أو ليصمتوا" يريدنا أن نخرس مرة واحدة وإلى الأبد. ناهيك عن عشرات مواقف التطبيع المحموم التي تكشف زيف الأنظمة بشجبها لما أقدم عليه ترمب، وكأنها خطة منمقة للتماهي مع ما يجري، فلن يخدعنا أي نظام بعد اليوم.

صورتان متناقضتان

بينما كانت وسائل الإعلام العالمية تنقل فعاليات احتفالات نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، كانت وسائل إعلام أخرى تنقل المذبحة التي جرت على حدود غزة، ففي القدس يضحكون ويتبادلون الابتسامات مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وفي غزة كانت تعرض صورا أخرى تتناقض معها للفوضى الدموية التي تجري بحق الفلسطينيين في غزة. النتيجة الفورية للتغطية الإعلامية العالمية جاءت ضد الاحتلال من خلال إعادة السفير الجنوب أفريقي، وغضب تركيا ثم طرد السفير، والتنديدات الصادرة عن دول مجلس الأمن والموقف القوي لممثل بوليفيا.

هزيمة الاحتلال الإعلامية
ما يجري في بلادنا اليوم يؤكد أمرا واحدا دون أي شك، لا يوجد ما يسمى بنظرية المؤامرة، بل يوجد لدينا ثلة من الحكام المتصهينين أكثر من الصهاينة أنفسهم

صحيفة هآرتس اختارت جملة من العناوين التي تصدرت وسائل الإعلام العالمية، ودلت في معظمها على أن إسرائيل منيت بخسارة إعلامية ودعائية غير مسبوقة، ولعل أكثر عنوان سيطر على عناوين الصحافة العالمية هو "مذبحة السفارة"، في إشارة لمقتل المتظاهرين الفلسطينيين المحتجين على نقل السفارة الأمريكية إلى القدس والمطالبين بحق العودة. أما نيويورك تايمز فعنونت صحيفتها قائلة: "قتل في غزة، سفارة جديدة في القدس، ولا أمل في السلام"، أضف لذلك المظاهرات الحاشدة التي هبت في عواصم غربية تندد بجرائم الاحتلال، يمكن الحديث بكثير من الثقة عن أن إسرائيل خسرت المعركة الإعلامية والدعائية في مواجهة الفلسطينيين.

لماذا كسب الفلسطينيين المعركة الإعلامية؟

ذكر رون بن يشاي الخبير العسكري بصحيفة يديعوت أحرونوت أن "الفلسطينيين نجحوا بالسيطرة على الصورة العالمية والأفلام التسجيلية والمقابلات الإعلامية في منطقة المسيرات على حدود القطاع، في حين حظي الجيش بإخفاق وفشل كبيرين لأنه لم يوصل الصورة المطلوبة لوسائل الإعلام الدولية".

ارتدادات مظلمة القدس على الأنظمة العربية

ما يجري في بلادنا اليوم يؤكد أمرا واحدا دون أي شك، لا يوجد ما يسمى بنظرية المؤامرة، بل يوجد لدينا ثلة من الحكام المتصهينين أكثر من الصهاينة أنفسهم، بعد كل هذا الويل المتقن الذي قدمته له أنظمتنا، أقول بكل موضوعية لا أريد أن أسمع من أحد بعد اليوم عن مؤامرات لتدمير بلادنا، فلماذا يدمروها وهي لا تعادل ثِقل جناح بعوضة عند قضايا الأمة المصيرية. المؤامرة الوحيدة أننا لم نستقل أساسا، فالاستقلال والحرية تنتزع ولا تمنح، كما منحونا إياها على صورة أنظمة عميلة بصفة صرفة تماما، ينتظرنا مزيدا من الاقتتال طالما أن حكامنا على حالهم، فالأسباب ذاتها بل تتعمق أكثر من السابق، ومن يصنع الأشباح تظهر له يا دولنا.

من الذي يتوجب عليه أن يخرس؟

بعد الهزيمة الإعلامية التي لحقت بالاحتلال وإيضاح حقيقة الصورة للرأي العام الغربي الذي انتفض من باريس إلى لندن وتورينو…، نسجل علامة فارقة لا محل لها من الإعراب أن قيادة العرب والمسلمين تريدنا أن نخرس في وقت صدحت به أصوات الحرية من أوروبا ومن هنا نوجه السؤال للأمير محمد بن سلمان وله نقول من الذي يجب أن يخرس؟ كل تلك الأصوات النشاز التي تهدم معنويات الفلسطينيين وتساومهم على أرضهم ولقمة عيشهم، بعد أن خذلوهم لعقود طويلة، لا يشرح الصدر لحالهم سوى قوله تعالى: "وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَٰكِن كَرِهَ اللَّهُ انبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ".

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.