شعار قسم مدونات

مبروك افتتاح السفارة يا عرب!

مدونات - إسرائيل نقل السفارة
يا أسفى على القدس.. كيف لو رأيتهم يا فاروق الأمة؟ وكيف لو أبصرتهم يا صلاح الدين؟ وهم يتضاحكون ويتمايلون في القدس فرحا بافتتاح سفارة الظلم، وكيف لو رأيتم تخاذل الحكام؟ لكني أبشركما ومن جاهد من قبلكما وبعدكما لتحرير بيت المقدس، بأن في أكنافها، من لم يقبل بالذلة والهوان، من لم يرق له أن يعلو الرجس في مدينة الطهر والعفاف، وأن يتجرأ البغاة على المقام الشريف لمسرى النبي الكريم.
 
في القدس تفتتح السفارة الأمريكية، فيسجل التاريخ، ويشهد الإنس والجان وملائكة الرحمن، أن غزة على فقرها وضعفها، انتفضت غضبا لمسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم، في الوقت الذي شاركت فيه أنظمة عربية في المؤامرة ضد القدس والشعب الفلسطيني، وانشغل كثير من شعوب الأمة بقضاياهم الخاصة.
 
شهد العالم كله، أن التضييق والتجويع، لم يصرف غزة عن رمز عزتها وكرامتها، ذلك أن أهلها يؤمنون، أن محاربتهم في قوتهم وقوت عيالهم، أهون ألف مرة من سلب عروبة القدس، وحرمان مرضاهم من العلاج أهون مليون مرة من رؤية ذلك المشهد، الذي يتمايل فيه السارقون في المدينة المقدسة.
 

فهم أهل فلسطين أمانة القدس حق الفهم، وأدركوا جيدا مغزى العبادة، فعبادة الوقوف في وجه الطغوت الإسرائيلي والأمريكي، هي أعظم عبادة وأجلها، سيما في زمن التخلي عن الحقوق

لقد رأينا مرارا، ذلك الجندي وهو يفر مرتبكا، أمام أبطال الحجارة، تكرر ذلك المشهد في الضفة المحتلة، وتكرر على حدود غزة، في مسيرات العودة، على مدار شهر ونصف، وهذا برهان صلابة الحق، في مقابل افك (إسرائيل) المبين، إنه دليل على أن صاحب الحق قوي بما يحمله من إيمانه بالله تعالى، ثم إيمانه بحقه، وإن لم يحز أيا من أسباب القوة المادية، وأن السارق مهزوز خائر، وإن ملك كل أدوات البطش المادي.

 
وما أعظمها من مشاهد، سطرت بمداد الدم، رفض فيها أهل غزة، سياسة الاعتداء الإسرائيلي والأمريكي، على الأمة الإسلامية وحقوقها، وهي معذرة منهم أمام الله تعالى، "قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ" (الأعراف:164)، معذرة من الفتيات والنساء والشباب والرجال، بل ومن الأطفال الرضع، فيما تشارك أنظمة عربية في رذيلة القرن، رغبة في اسقاط القدس.
 
لكن الاحتلال الإسرائيلي، والإرهاب الأمريكي، والأنظمة التابعة، ما علمت أن القدس لن تسقط مطلقا، ولا لحظة واحدة، حتى وهي تعيش في زمن الاحتلال الصليبي والإسرائيلي، لم تسقط مادامت مستعلية على الطغيان، ولم تسقط وكل شبر فيها يدلك على حقيقة انتماءها، ولم تسقط وفي أزقتها، وما حولها من القرى من يفديها بالروح والدم، تماما كما فعلت غزة، ولن تسقط أبدا، ما دام أطفالنا تؤمن قلوبهم بحقنا، وتراود عقولهم فكرة المقاومة والثأر.
 
الثأر للكرامة الإسلامية والعربية، ويقدر الله تعالى، أن تكون وقفة الشرف هذه على أبواب شهر رمضان المبارك، في الوقت الذي يظن فيه البعض أن رمضان عبادة صيام وقيام فقط، مجردة من كل شعور بالأمة، ومن أي وقفة عز وكرامة، ومن أي انتفاضة وغيرة، ومن أي كلمة حق، وحراك للنصرة ورفع الظلم والعدوان.
 
 undefined
 
لقد فهم أهل فلسطين أمانة القدس حق الفهم، وأدركوا جيدا مغزى العبادة، فعبادة الوقوف في وجه الطغوت الإسرائيلي والأمريكي، هي أعظم عبادة وأجلها، سيما في زمن التخلي عن الحقوق، ومحاولة تغيير الثوابت الوطنية، وتحويل العدو إلى صديق، والصديق إلى عدو.
 
كان الصهاينة يرددون: "شلت يميني إن نسيتك يا أورشليم"، ونحن أهلها نقول: "شلت أركاننا جميعها، إن خذلناك يا قدس"، هذه هي أمانة القدس، وأمانة الرباط في هذه الأرض، سنأخذها بإذن الله بحقها، وإن خذلنا العالم، فحاشا لله أن يخذلنا، فكيف يضيعنا وهو سبحانه من أمرنا بالرباط وتكفل بنا؟ عن عبد الله بن حوالة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ستجندون أجنادا: جندا بالشام، وجندا بالعراق، وجندا باليمن " قلت: يا رسول الله اختر لي، قال: "عليكم بالشام، فمن أبى فليلحق بيمنه، وليسق من غدره، فإن الله عز وجل تكفل لي بالشام وأهله".
 
أما الصديق الإسرائيلي والعم الأمريكي، وفق المعايير الجديدة، فأحسب أن التبريكات ستنهال عليهما من عديد الحكومات، ومنها العربية، لكن ما يجب أن يعلمه هؤلاء، أن القدس هي فاضحة القلوب، ومزلزلة العروش.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.