شعار قسم مدونات

5 سيناريوهات لمرحلة ما بعد الرئيس عباس

blogs محمود عباس

تثير خلافة الرئيس عباس في كافة المناصب التي يتولاها تساؤلات كثيرة في الساحة الفلسطينية، خاصة بعد رفض الرئيس عباس الموقف الأمريكي من القدس والحديث في الأوساط الأمريكية عن ضرورة إحداث تغيير في القيادة الفلسطينية، فأزمة خلافة الرئيس عباس يمكن أن تعصف بالنظام السياسي الفلسطيني بل بالقضية الفلسطينية، خاصة في ظل تقدم الرئيس في السن، وتعطل معظم المؤسسات السياسية والدستورية الفلسطينية في ظل استمرار الانقسام، والتدخلات العربية والدولية، الأمر الذي يفتح الباب أمام طرح تساؤل كبير حول السناريوهات المتوقعة في حالة غياب الرئيس عباس لأي سبب كان؟

استعدادات لمرحلة ما بعد الرئيس عباس

من يخلف الرئيس عباس في رئاسة السلطة الفلسطينية، قد يكون التساؤل الأكثر تداولاً على أجندة صانعي القرار الفلسطينيين والإسرائيليين والإقليميين والدوليين في الوقت الراهن، فالعالم يدرس ويراقب المشهد في كل مرة يثار فيها الحديث عن صحة عباس، وهل هذا الرئيس القادم سوف يجمع كل المناصب والمؤسسات في يده كما يجمعها الرئيس عباس؟ باعتبار الأخير رئيس لحركة فتح وللسلطة الفلسطينية ولمنظمة التحرير الفلسطينية معاً؟ حتى الآن لا استعدادات حقيقية لدى الفصائل الفلسطينية لمرحلة ما بعد عباس، بما فيها حركة فتح، التي لا يجرؤ فيها أحد على مجرد الحديث علناً في موضوع خلافة محمود عباس.

القلق الإسرائيلي من مرحلة ما بعد الرئيس عباس واضح فقد قال وزير شؤون القدس وحماية البيئة الإسرائيلي "زئيف ألكين" أنه يجب أن نستعد لمرحلة ما بعد عباس، ونقل عنه: "السلطة الفلسطينية لن تنجو بعد رحيل عباس. الاحتلال هو الطرف الأكثر جاهزية لمرحلة ما بعد عباس، ولديه سيناريوهات وخيارات عديدة، منها ما كشفت عنه ومنها ما زال حبيس الأدراج ومن تلك السيناريوهات ضم الضفة الغربية في حال غادر عباس السلطة، مبررة ذلك بالفراغ السياسي أو الاقتتال الداخلي.

أما حركة حماس، الفصيل الأكثر منافسة لحركة فتح على الزعامة في مرحلة ما بعد الرئيس عباس، فهي مجرد متابع للأحداث وتستعد لطرح عزيز دويل رئيس المجلس التشريعي في منصب الرئيس المؤقت لحين إجراء الانتخابات التي قد تطويل، ولكن ليس لدي الحركة سيناريوهات حقيقة لإحداث اختراق في الحالة الفلسطينية في حال غياب عباس عن المشهد، رغم أن ضعف حركة فتح وتصاعد الخلافات داخلها سيساعد حركة حماس لتقوية نفوذها ومكانتها في الضفة الغربية، إلى جانب سيطرتها الحالية على قطاع غزة.

سيناريوهات محتملة لخلافة الرئيس عباس
منذ أن أعلن الرئيس عباس عدم رغبته الترشح للانتخابات القادمة، تسارعت المقترحات لحل أزمة خلافة الرئيس، خاصة في ظل تعذر القيام بانتخابات رئاسية في الوقت

الوضع الحالي يشكل صعوبة في وضع سيناريو محدد لمرحلة ما بعد الرئيس عباس، فهناك أكثر من سيناريو محتمل قابل للتحقق على النحو التالي:

1- سيناريو تولي عزيز دويك

تنص المادة (36- فقرة 2) من القانون الأساسي المعدّل على ما يلي: " إذا شغر مركز رئيس السلطة الوطنية في أي من الحالات السابقة يتولى رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني مهام رئاسة السلطة الوطنية مؤقتاً لمـدة لا تزيد عن ستين يوماً تجرى خلالها انتخابات حرة ومباشرة لانتخاب رئيس جديد وفقاً لقانون الانتخابات الفلسطيني". 

وفقاً لهذا السيناريو فإن عزيز دويك رئيس المجلس التشريعي سيكون هو رئيس السلطة الفلسطينية بعد رحيل الرئيس محمود عباس لأي سبب كان، لكن هذه السيناريو يوجه العديد من التحديات أمها تعطل عمل المجلس التشريعي منذ الانقسام، وعدم تجديد انتخاب الدكتور عزيز دويل في رئاسة المجلس، بالإضافة لوجود الدكتور عزيز في الضفة الغربية في ظل وجود الاحتلال الإسرائيلي ما قد يمنع تولي دويك مهام رئيس السلطة الوطنية.

2- سيناريو تعين نائب للرئيس

منذ أن أعلن الرئيس عباس عدم رغبته الترشح للانتخابات القادمة، تسارعت المقترحات لحل أزمة خلافة الرئيس، خاصة في ظل تعذر القيام بانتخابات رئاسية في الوقت، وبالتالي خلو منصب الرئيس دون وجود من يخلف الرئيس بشكل قانوني، أدى لطرح تعيين شخصية في منصب نائب للرئيس تملئ الفراغ في حالة حدوثه، وذلك عن طريق انتخابه بشكل مباشر من المجلس المركزي الفلسطيني، باعتبار أن المجلس المركزي هو من ممد للرئيس والمجلس التشريعي بعد انتهاء المدة القانونية، وهو المؤسسة الوحيدة القادرة على اختيار هذا المنصب، في ظل صعوبة عقد المجلس الوطني لاختيار شخص تولي المنصب. هذا السيناريو يواجه تحديات سياسية وقانونية عدة، أمهما عدم وجود نص قانوني على تعين نائب للرئيس وبالتالي تعينه سوف يقود لموجه خلافات سياسية جديدة، نهيك عن عدم الاتفاق على شخصية محددة لتولي المنصب.

3- سيناريو تعين رئيس المحكمة الدستورية

حمل قرار تشكيل المحكمة الدستورية من قبل الرئيس محمود عباس، مطلع هذا الشهر (إبريل/نيسان 2016) دلالات عدّة، ما يعني أن تشكيلها من قبل الرئيس محمود عباس جاء استعداد لمرحلة ما بعده؛ وهي في الواقع محاكاة واستحضار للمشهد المصري بعد عزل الرئيس محمد مرسي. هذا السيناريو قابل لتحقيق بنسبة كبيرة وهو أحد أكثر السيناريوهات إمكانية لتحقق، ولكنه سوف يواجه رفض من قبل حركة حماس وبعض الأطراف الفلسطينية الأخرى، باعتباره خيار لا ينص عليه القانون الأساسي الذي ينظم عمل السلطة الفلسطينية.

حساسية الوضع الفلسطيني الراهن وتقدم الرئيس عباس في العمر، وحالته الصحية، دائما كانت محل اهتمام كبير في الأوساط الفلسطينية والعربية والدولية
حساسية الوضع الفلسطيني الراهن وتقدم الرئيس عباس في العمر، وحالته الصحية، دائما كانت محل اهتمام كبير في الأوساط الفلسطينية والعربية والدولية

4- سيناريو القيادة الجماعية

أحد الخيارات المحتملة لمرحلة ما بعد الرئيس عباس هي القيادة الجماعية، من خلال تولي أكثر من شخصية المناصب التي يتولها عباس، لكن خطورة هذا السيناريو تكمن في العودة لتنازع الصلاحيات والمسؤوليات من جديد، لأنه في حالة تطبيق هذا السيناريو سوف نكون أمام نظام سياسي بعدة زعامات، خاصة في ظل غياب التوافق الوطني واستمرار الانقسام ما سوف يؤدي لصراع محموم على السلطة والزعامة.

فكرة توزيع المناصب والسلطات التي يملك الرئيس عباس ليست بالفكرة الجديدة، بل كانت مطروحة خلال الأيام الأخيرة لحياة الزعيم الراحل ياسر عرفات، وعادت لتطرح من جديد خلال هذه الفترة، عبر توزيع المناصب والمؤسسات التي يتولى قيادتها الرئيس عباس على أكثر من شخصية، خاصة في ظل هذه الظروف التي تمر فيها القضية، وبسبب وجود الانقسام، وعدم وجود الشخصية التي يمكن أن يجمع عليها الكل الوطني.

5- سيناريو الصراع الداخلي والفراغ الأمني

في 2015، كتب ناثان ثرال، وهو محلل كبير في مجموعة الأزمات الدولية، أنه ستكون هناك جولة جديدة من العنف الإسرائيلي الفلسطيني في "نهاية عهد عباس". وادعى أن الفلسطينيين يحسمون الأمور بأيديهم في مناطق خارج سيطرة السلطة وهي: القدس المحتلة وغزة وسجون الكيان الإسرائيلي والقرى ومعسكرات اللاجئين. الخوف من الفوضى أحد التخوفات الكثيرة من فترة ما بعد الرئيس عباس.

حساسية الوضع الفلسطيني الراهن وتقدم الرئيس عباس في العمر، وحالته الصحية، دائما كانت محل اهتمام كبير في الأوساط الفلسطينية والعربية والدولية، فالقضية الفلسطينية تمر بمنعرج خطير، وغياب الرئيس عباس لأي سبب كان، يمكن أن يؤدي لتداعيات كبيرة وخطيرة على الوضع في الأراضي الفلسطينية. في ظل عدم بروز شخصية فلسطينية قادرة على جمع كل المناصب التي يتولها الرئيس عباس؛ بما يعني  أن مرحلة ما بعد عباس سوف تتسم بتوزيع المناصب والصرع على السلطة في اتجاهين: الأول بين قيادات السلطة في رام الله والثاني بين حركة فتح وحماس مما يعني أن مرحلة ما بعد الرئيس عباس ستكون أكثر تعقيدًا من المرحلة الراهنة.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.