شعار قسم مدونات

مَن قَالَ فُؤادي ظَالماً

BLOGS فتاة جميلة

إنَّ طيبةَ القلبِ أجمَل الصفَات التي تُميّز الإنسَان وترَفع قَدره بينَ أقرانه، فحَامل الطِيبة كنافخِ المِسك بسَلامة صَدره، وصَفاء نفسه، ورقَة قَلبه، على نَقيضِ نَافخ الكِير الغَارق في الكيدِ، والخُبث، وسُوء الظن، كَثير ممن يظنُّ أن الطيبةَ ضَعف في الشَخصية، وهَذا مَفهوم خَاطئ نَاتج عن السَذاجة والغَباء، فيَتربّصون لذوي القُلوب الطَيبة للإيقاعِ بهم فَريسة الاستِغلال والطَمع؛ لأنهم لا يُدركون مَعنى الطيبَة، ولَم يَعتادوا عَليها.

إنَّ الدينَ الإسلاميّ دينُ الطيبَة ، فلا يقبَل من أتباعِه غيرَ ذلك، فهيَ السَجية التي بُعث عَليها الرُسل الكِرام، فعَلى المُسلم أن يكونَ كلامه طيباً مباركاً يَتوافق مَع تَعاليم دِينه الحنَيف، فنحنُ مُحاسبون عَلى مَا نقول، وإن أطلقَ الإنسَان للسَانه العَنان ليقولَ ما يشَاء في من يشَاء، أدركتهُ المَهالك لا مَحال، فكل خَبيث يَخرج منه سيحاسبُ عليه أمَام الله، فإن كانَ صالحاً صعدَ إلى المَلأ الأعلى، قالَ الله تعالى في كتابهِ الكَريم، في سُورة فاطِر، آية رقم (10) "إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ".

والمَرأة السَامية تَستلتزم وُجود الطيبَة في رُوح الرَجل ولو كَان جَاهلأ، فالطيبة كَلمة مُرورٍ لقُلوب الآخرينَ، والرجلُ الطيّب مُتورّع عَن الشُبهات، نقيَ القَلب، وسَليم السريّة

إنَّ الطيبينَ يُعانون أشَد المُعاناة من طيبةِ قُلوبهم، فهيَ الضَريبة التي يَدفعونها، بِالرغم من سموّ نُفوسهم، فهُم يمتلكونَ ضَميراً طَاهراً، وفكراً وامضَاً، وقلباً نَابضاً، ويداً مَمدودة بالخير، وفي المُقابل هُناك الخَبيثون، الذين لا يكتفونَ بالقولِ فحَسب، إنَما يضخّمونه عُدواناً وظلماً، فهم مُفلسونَ فكرياً ولا يَعلمون، وكَثير في كُل الأزمنَة، حَتى شبهَ الله قلبَ الإنسَان بالتُربة الزراعيّة، حيَث تُنبت النَوايا، فالقلب الطيّب يُنبت الخَير، مِثل الأرض الطَيبة التي تُنبت الثمَار اليَانعة، والقَلب الخَبيث ينبتُ الشَر، مَثل الأرض الخَبيثة التي لا تُنبت إلا هَشيماً، قال تعالى في كتابه الكَريم في سورة الأعراف، آية رقم (58) "وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لاَ يَخْرُجُ إِلاَّ نَكِدًا كَذَلِكَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ".

طيبةُ القلبِ منهاجٌ ثابِت وطَريقٌ سَالك بالهدَاية، فهي تُؤخذ بمنظارِ العَقل والقَلب، وأينما حَطت رِحالها، تَجد الراحَة والطُمأنينة، لأنها تَنبع من طَهارة ونقَاء حَامليها، فهي أقصرُ الطُرق للوفُود إلى القُلوب والأرواح، ومِن قُربهم تبرأ الجُروح، وسَتظلُّ القيمَة النَبيلة وإن أنكَرها أصحَاب الأفُق الضَيق والفِكر المَحدود، بُخلاء المشَاعر الإيمَانية، فستبقَى هيَ الأخلاق، والأخلاق أمُمٌ وحَضَارة، فإن ذَهبت، ذهبَت الأمَم والحضَارة.

إن البخلَ دَرجات، وأشَدها بُخل الكَلمة الطيبَة، وكُل نَفس تتوقُ إلى ما فُطرت عَليه، وكما يُقال فَاقد الشَيء قد لا يُعطيه، فالقُلوب الطَيبة كالذَهب الخَالص لا تَصدأ حتَى لو أنهكهَا التَعب، فحباَها الله عن غَيرها منَ القُلوب، قال الله تعالى في كتابه ِالكَريم في سُورة آل عِمران، رقَم (179) "حَتَّىٰ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ"، فالكَلمة الطيبَة شَجرة مُورّقة إذا وقَعت في القَلب أحيتَه، فهيَ أجمَل الهَدايا وأبسَطها، والكَلام الخَبيث أشد مِن الحَجر وأنفذ مِن وَخز الإبَر.

نَهانا الرسُول نَعت أنفسنَا بِلفظ الخُبث؛ لبشَاعته، وفِي هَذا الحَديث تعليمٌ أدبيّ في المَنطق وإرشَاد لاستعمَال الحسنِ منَ الكَلام،
نَهانا الرسُول نَعت أنفسنَا بِلفظ الخُبث؛ لبشَاعته، وفِي هَذا الحَديث تعليمٌ أدبيّ في المَنطق وإرشَاد لاستعمَال الحسنِ منَ الكَلام،
 

والمَرأة السَامية تَستلتزم وُجود الطيبَة في رُوح الرَجل ولو كَان جَاهلأ، فالطيبة كَلمة مُرورٍ لقُلوب الآخرينَ، والرجلُ الطيّب مُتورّع عَن الشُبهات، نقيَ القَلب، وسَليم السريّة، ويَحفظ صَفاء الودّ مَع زَوجته، بِخَلاف الرجُل الخَبيث، الذي لا يَطمئنُ قلبهُ بالجِلوس، لما تحمله نفسه من السوء، ويتحرّج من التعلل بأعذار واهية، فعقل جيد وقلب طيب أفضل من رداء جميل فهي انتصارٌ للنَفس البشريّة، ولا يَستوي الخَبيثَ والطيّب، وَلا يَتآلف كل منِهم إلا مَع قَرينه، فالرَجلُ الطيّب اختيارٌ وقَرار.

قَد يَتفاجأ الطَيبونَ بِطعنات أقرَب النَاس إليهم، فيتألمونَ ويحزنونَ ويبكونَ، فلا يغرّنك ما يَنسبه الخبيثونَ من الغَفلة، وقلة الحِيلة، فأن تكونَ مَقبولاً كريماً عند الله خَير وأبقَى مِن وسَام الدهَاء والخُبث، فالطِيبة مَدلولٌ إنسَانيّ، والكَلمة الطَيبة بُعث عَليها الأنبيَاء المُرسلين، لذلكَ جَاء الهَدي النَبوي بأخلاقهَ العَظيمة، فكَانت كلمته صَادقة كالجَبل الأشَم، لا تهزّه عَواصف هَوجاء، ولا رِيَاح عَاتيَة، وهِيَ مفتَاح الدَعوة والقُبول، لإدخَال الطيبَة على سُطورهم السَوداء، لتعلوَ غَيمةً بيضَاء في سَماء القَاتمين.

قَال رسولُ الله صلّى الله عليه وسلم: (لا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ: خَبُثَتْ نَفْسِى)، نَهانا الرسُول نَعت أنفسنَا بِلفظ الخُبث؛ لبشَاعته، وفِي هَذا الحَديث تعليمٌ أدبيّ في المَنطق وإرشَاد لاستعمَال الحسنِ منَ الكَلام، وهَجر القَبيح منه، واعتزَاز المُؤمن بالطيبَة، فالعِبادة مِنوالٌ يَومي مِن جَلاء القُلوب، وصَفاء النَفس مِن كل خُبث، وعلى أبوابِ الجَنة يُقال لأهل الطِيبة ادخلُوها خَالدين، قالَ تعالى في كتابه الكَريم، في سُورة الزمر، آية رقم (73)، "سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ".

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.