شعار قسم مدونات

لماذا قررت المشاركة في انتخابات العراق؟

مدونات - انتخابات العراق
ينقسم الشارع العراقي قبل الانتخابات المرتقبة المقرر إجراؤها في ١٢ من آيار الجاري، بين مؤيد ورافض في الذهاب إلى مراكز الاقتراع للإدلاء بصوته كحق من حقوقه في تجسيد شكلاً من أشكال الديمقراطيّة، ومنح الثقة للقائمة والمرشح الذي برأيه أو كما قيل لهُ هو الأفضل.

 

ثم يأتي طرح السؤال الأهم الذي يردد على ألسنة الكثير من العراقيين: لماذا أنتخب؟ ولما أدلي بصوتي أن كان الفوز للأحزاب والقوائم والكتل محسوم منذ الأن لصالح الأغلبية المتفق عليها من قبل الولايات المتحدة وحلفائها، على الأقل هذا ما عهدناه خلال السنوات الماضية! لماذا أنتخب؟ ومازالت الوجوه ذاتها من المرشحين متصدرين بحضورهم في مقدمة التكتلات والأحزاب والكيانات السياسية وكأن لا غيرهم يصلح لتمثيل الشعب العراقي في مجلس النواب الوقوف على أهم المشكلات وتشريع قوانين ونصوص لتغير واقع الحال نحو الأفضل، الواقع الذي مازال يتفاقم بالأزمات منذ سقوط حكم صدام حسين في ٢٠٠٣ م حتى اليوم، وحتى البعض ذهب لأبعد من ذلك وراح يترحم على نظام ديكتاتوري مستبد، فقط لأنه كان فرد والآن نحن أمام أفراد وعُصبة لا تعلم من الخَير فيهم ومن السارق ومن العميل ومن يأجج الطائفية ويشعل شرارة الفتن.

 

لماذا أنتخب؟ لا يوجد خدمات لا يوجد فرص عمل مازال التيار الكهربائي هو أزمة كل فصل صيف منذ ١٥ عاماً، مازالت المستشفيات الحكومية تقدم خدمات متردية، ما زال القطاع المصرفي يعاني من الفساد والصفقات المشبوهة وغسيل الأموال، مازال المواطن العراقي يقف أمام دائرة التقاعد العامة في بغداد لساعات وأيام في سبيل تمرير ملف راتبه التقاعدي، مازال القضاء يطبق القانون على ناس ولا يشمل بهِ مرتكبي الجرائم والاختلاسات الكبرى من ميزانية الدولة، مازالت المادة 4 إرهاب ضمن خمس مواد في قانون مكافحة الإرهاب الذي أقرّ عام 2005 في العراق، وهذه المادة أخذت تحت بنودها الألف ظلماً بعضهم مات في السجون من شدة التعذيب، والبعض لم يعرف مصيرهم حتى الالآن.

 

انتخب في سبيل أن تبدأ اصلاحات وإن كانت بسيطة لكنها لو بدأت منذ ١٥ عاماً لأحدثت فرقاً كبيراً..! سأنتخب لكي لا يبقى الحال على ما هو عليه وعلى الشعب أن يلجأ للخارج لحياة كريمة وواقع معيشي أفضل

وعلى الرغم من وجود هيئة النزاهة ومكاتب المفتش العام في كافة الوزارات العراقية إلا أن الرشوة والفساد والمحسوبية والانتماءات للحزب الفلاني والمعرفة بالعضو الفلاني في مجلس النواب هي التي تفوز وتحصل على مرادها، أما المواطن البسيط ينتظر أن تحدث معجزة ما ليعيش بأمان وكرامة ويحصل على حقوقه دون أن تذهب مليارات من ميزانية البلد لحساب الشخصيات النافذة في الحكومة والتي بسطت يدها على كنز الماس الأسود وراحوا يسعون في الأرض فساداً.
 
قد يقول القارئ أن جميع ما ذكر هو جُملة من السلبيات لكن يا أعزائي هذا صوت المواطن العراقي ولابد أن يكون على حق نحن نكتب ما نلاحظهُ من حولنا ومهمتنا نقلهُ بصدق وموضوعية ؛ لكي يعرف العالم ولو جزء بسيط من الواقع العراقي دون تحيز لجهة.

 

المواطن العراقي اليوم على الرغم من حالة اليأس من الساسة السابقين، والإيمان بعزيمة وقوة الأقلية من القادة في العملية السياسية، وتشكيل وعي جديد يبعد الولاء والانتماء المذهبي والعشائري وتراجع حظوظ التيارات الدينيّة ولو بشكل جزئي. مع ظهور مرشحين جُدد وكُتل تنادي بالمدنية والعلمانية بات الوضع مختلف. وعلى الرغم من رفض بات واضحاً من عدة فئات في المجتمع تدعوا لمقاطعة الانتخابات. يبقى هذا رأي المواطن العراقي البسيط الذي لا يمكن تجاهلهُ، هذا رأي المُعلم، والطالب الجامعي، والموظف الحكومي، وعامل الخدمة والأغلبية من الفئات التي تمثل الشعب بعيداً عن الشخوص التي تستخدم كأبواق تطبيل لهذا المرشح وتلميع لتلك المرشحة.

 

أما من جانبٍ آخر وبحسب تقارير فإن ما يميز الانتخابات البرلمانية العراقية لعام 2018 هو الحضور الواسع للنساء وتزعم العديد منهن قوائم انتخابية في بعض المحافظات لاسيما الشمالية والوسط، اذ بلغ عدد النساء الحاصلات على التسلسل رقم (1) في القوائم الانتخابية نحو 8 نساء، ويعد ذلك تحد كبير من النساء لكسر هيمنة الرجال على زعامة القوائم الانتخابية والمنافسة على حصد اصوات اكثر في الانتخابات. حيث تزعمت النائبة ماجدة التميمي قائمة (سائرون) المدعوم رسمياً من قبل زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر. ويضم هذا التحالف حزب "الاستقامة الوطني" والحزب الشيوعي العراقي، بالإضافة إلى قوى مدنية أخرى.

 

يحوي التحالف تكتلات وأحزاب مدنية وعلمانية، علماً بأنّ هذا التحوّل في توجه مقتدى الصدر أربك غالبية الأحزاب الإسلامية الحاكمة في البلاد، الأمر الذي دفع قوى إسلامية عديدة للسير على خطاه والتمسّك بـما يسمى "المدنية". وعن محافظة بابل فقد تزعمت النائبة حنان الفتلاوي قائمة (ارادة)، وتأتي تصريحات الفتلاوي بنهج وفكر جديد ربما في محاولة لتصحيح صورة سلبية تشكلت عنها على مدى السنوات السابقة. حيث ذكرت في حديثٍ لها "حركة (إرادة) تشكيل سياسي جديد ينطلق من كل المحافظات ويتبنى وجوها جديدة من اجل الشباب وطاقته الذي سيقف مع المشروع الجديد"، مبينة أن "المشروع انطلق في محافظة بابل وبعدها في البصرة وبغداد وكل محافظات العراق"، في حين تزعمت النائبة هدى سجاد قائمة (نصر) في محافظة الديوانية.

 
 undefined

 

أما المحافظات الشمالية فقد شهدت تزعم نحو 5 نساء هن كل من شلير عبد الحميد عن الحزب الشيوعي الكردستاني في محافظة السليمانية، وفيان صبري عن الحزب الديمقراطي الكردستاني في محافظة دهوك، بينما شهدت محافظة كركوك تراس جوان حسن قائمة الاتحاد الاسلامي الكردستاني، الحزب الاشتراكي الديمقراطي الكردستاني فقد تراست قائمته الانتخابية تانيا طاهر في أربيل. يذكر أن عدد المرشحين الكلي للانتخابات البرلمانية والمحلية المقرر إجراؤها في 12 ايار المقبل، يبلغ 6904، و25 تحالفا و63 كيانا انتخابيا، يتنافسون على 329 مقعدا، في بغداد يتنافس 1985 مرشحا و40 حزبا وتحالفا انتخابيا، على 71 مقعدا منها 69 عام ومقعد للصابئة ومقعد للمسيحيين.
 
ووفقاً للدستور العراقي، فإنّ النساء يجب أن يشغلن ما لا يقل عن 25 في المائة من مجموع مقاعد البرلمان العراقي. واعتمدت بعض الكتل السياسية على العنصر النسوي في الترشح للانتخابات على امل أن تحصل على عدد اكبر من المقاعد في البرلمان مستفيدة من الكوتا الممنوحة للنساء في البرلمان.

 

أخيراً على المواطن العراقي أن يعي تماماً بأن لصوتهُ قوة قادرة على صناعة التغيّر الذي يقع على عاتق كل من يمثلون الشعب في مجلس النواب المنتخب .وأن الإصلاح يحتاج إلى جهد جهيد ومستمر وسعي متواصل، العراق اليوم بعد الحروب التي خاضها والتضحيات التي قدمها، المواطن لم يعد بحاجة الى ساسة يغلبهم الجوع لموائد من مليارات الصفقات المشبوهة التي يدفع ثمنها تقشف وعجز في ميزانية البلد، والمتضرر الوحيد من ذلك هو المواطن.

 

انتخب في سبيل أن تبدأ اصلاحات وإن كانت بسيطة لكنها لو بدأت منذ ١٥ عاماً لأحدثت فرقاً كبيراً..! سأنتخب لكي لا يبقى الحال على ما هو عليه وعلى الشعب أن يلجأ للخارج لحياة كريمة وواقع معيشي أفضل. سأنتخب لكي لا يبقى الشيخ مشرد بلا مأوى وطفل ينام على أرصفة الشوارع، وشباب قد تنحرف لسلك طرق غير قانونية أو اخلاقية لعدم وجود فرص تمكين أو عمل .في سبيل أن أصدق أني في بلد يضمن لي حق الاختيار، اختيار مصيري ومصير ابنائي ويضمن لنا واقع معيشي أفضل لأكون على يقين أن صوتي يحدث فرقاً وليس مشروع ندم لأربع سنوات مُقبلة..!

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.